ألاحظ مؤخراً أن بعض الموحّدين (ولا أقول مسلمين، بل موحدين) يتحدثون عما يُسَمَّى بالإسلام السياسي أو السياسة في الإسلام وكأنها أفكار أجنبية أو دخيلة على الإسلام. كيف وصل بعض العرب إلى هذا الفِكر؟ حقيقة لا أفهم.
دعونا نحلل الأمر لغوياً ببساطة، وقبل حتى أن نتحدث عن الإسلام أو ما يقوله الله في القرآن: ما هي السياسة أصلاً؟ السياسة هي مجال العمل الذي يحتوي على منظومة أو مجموعة من السياسات المحلية والدولية. سياسات جمع كلمة سياسة واحدة؛ والسياسة الواحدة بدورها هي منهاج العمل المحلي أو الدولي في قضية ما. فما هو منهاج العمل؟ منهاج العمل هو مجموعة من القواعد التي تنظم كيفية العمل، وقد يكون المنهاج في شركة كبرى أو دولة. عندما يكون في دولة، فطبيعي أن تكون على الأقل بعض هذه ’القواعد‘ ببساطة قوانين، إما محلية أو دولية. فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل في الإسلام ’قوانين‘ محلية ودولية واجتماعية وعسكرية واقتصادية أم لا؟ هل في الإسلام سياسات اقتصادية أم لا؟
الإجابة لمن يفقه الألف من كوز الذرة في الإسلام هي بالتأكيد نعم، في الإسلام يوجد قوانين وسياسات، وهي بكليتها معروفة باسم الشريعة الإسلامية (أو الدستور الإسلامي). فمثلاً مجموعة القوانين المتعلقة بالمعاملات المالية والربا وتحديد بالضبط ما هو الربا اسمها سياسات اقتصادية إسلامية، أو بالإنجليزية:
Islamic economic policies
فإن كان في الإسلام قواعد وقوانين، تجتمع لتكون سياسات، والسياسات بدورها تجتمع لتكون سياسة الدولة، أفليس إذن الإسلام نظام شامل متكامل ويحتوي على سياسة الدولة المسلمة أو الشعب المسلم؟ ألا يوجد سياسة في الإسلام إذن؟
فما الذي يقصده البعض عندما يختبئون خلف المصطلح العجيب ’الإسلام السياسي‘ ليسخروا منه أو يرفضوه؟ وهل عندما يرفضوه، هم يرفضوا أشخاص مثل مُرسِي وأحزاب مثل الحرية والعدالة، أم أنهم عندما تطرقوا إلى ما يسمونه بالإسلام السياسي، هم في الحقيقة يرفضون كليّة وشمولية الإسلام، ويريدون أن يكون الإسلام فقط شعائر وهز رؤوس ولوي ألسنة بقرآن لا يفقهون فيه شيئاً؟ هل يرفضون سياسة وسياسيين، أم هم في الحقيقة يريدون دفس الإسلام دفساً في ركن مظلم على سجادة تضرع في محراب عبادة، لا يخرج منه أبداً؟
—ياسين رُكَّه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق