(انقر هنا لتحميل الملف الصوتي إن أردته)
بسم الله، والحمد لله.
تأملت في الأحداث الأخيرة، مواقف قيادات حزب النور السلفيّ، التي بدا منها أنهم على استعداد للتحالف مع قوى خارج التيار الإسلامي حتى عندما تكون في معارضة الحكومة الإسلامية الحالية. صاحب تلك المواقف تصريحات المتحدث الرسمي للحزب، نادر بكّار، المتحاملة والناقدة بحدة للحكومة والرئيس، بل وأحياناً، تصريحات تطالب مسئولاً في الحكومة مباشرة بالاستقالة. خذلت تلك المواقف والتصريحات الكثير من الجماهير المؤيدة للمشروع الإسلامي كَكُلّ، وأدت إلى مشاعر خيبة أمل في قيادات حزب النور.
والبعض يفهم أن هذه المناورات السياسية والتصريحات، التي يعتبرها البعض مخزية، ما هي إلا ضربات تحت الحزام واستغلال غير شريف للظروف والجو السياسي في الوطن. ولماذا؟ من أجل مكاسب سياسية بالية، يبدو أن قيادات حزب النور تظنها هامة. ولماذا قد تكون تلك المكاسب هامة من منظورهم، على الرغم من أنهم مسلمين المنهج قبل أن يكونوا سياسيين؟ مثلاً، لأنّ منهجهم السلفي أفضل وأصح من المنهج الإخواني، من منظورهم! فيستحق منهجهم كل المناورات والحيل المخزية من أجل إعطائه التمكن السياسي أو السلطاني. وكأن الأمة الإسلامية، خلاص، تخلصت من كل مشاكلها الخارجية، وتغلبت على أعدائها الأجانب، فلم يتبقى سوى النزاع الداخلي على السلطة السياسية لنشر المنهج والفِكر الإسلامي ’الأصحّ‘!
ولمن يؤيد هذا التحليل أو الرأي، أقول أننا قد نتفق في هذه النقطة، ولكن نختلف في نقطة أخرى ذات صلة، وهي متعلقة بإيران والشيعة. من حيث أقف فِكرياً اليوم، أرى أن الكثير في التيار الإسلاميّ ينظرون إلى الشيعة بطريقة أراها مشابهة بعض الشيء لطريقة نظر قيادات حزب النور السلفي إلى الإخوان. قد تكون هذه العبارة مفاجئة للبعض، ولكني سأشرح وجهة نظري: أدرك أن الشيعة قد يكون لهم خطط للتوسع ونشر عقائدهم وتعاليمهم؛ أدرك أن بعض أئمتهم، ولا أقول كلهم، بعضهم يتطاولون على بعض الصحابة؛ ولكن، إيران على الأقل لا تعترف بالكيان الصهيوني وتنتقده وتهاجمه في كل المؤتمرات الصحفية العالمية؛ فعلينا أولاً التركيز على أعداء الأمة الحقيقيين، ثم بعدها نلتفت لاختلافاتنا مع الشيعة ونتحاور معهم ونطالبهم بكذا وكذا. وإن خشينا على بلادنا منهم، فعلينا أن نمنع أي انتشار رسمي لهم، وأن نُعلّم أهل بلادنا المذهب السني بلا كراهية ولا تخويف من الطرف الآخر. ولكن ما أراه أحياناً هو أن هناك سُعار ورعب اسمه الشيعة في صفوف التيار الإسلامي وأهل السنة. سبحان الله، مع أنهم في النهاية موحدين ومؤمنين مثلنا برسول الله (ص)، وعدونا وعدوهم واحد. ألا تعادي إيران كدولة أمريكا المحتلة للعراق وأفغانستان؟ وتعادي إسرائيل المحتلة لفلسطين بل ولا تعترف بالكيان الصهيوني من الأصل؟
ولا أقول نصادقهم، وإنما أقول نركز على ما يجمعنا بهم، وخاصة العداء للمحتل الإسرائيلي والغربي في أراضي الإسلام. وبعد أن ننتهي من أعداء الإسلام، نلتفت للخصومات الداخلية (إن تبقت أصلاً!).
فمن يتعجّب مما يحدث من قيادات حزب النور تجاه الإخوان وحزبهم الحاكم، وهي مواقف مخزية للمشروع الإسلامي كَكُلّ، فعليه أن يراجع مشاعره وتوجهاته هو نفسه تجاه الشيعة، وما يعنيه هذا للأمة الإسلامية وقدر وحدتها أمام المحتل الصهيوني.
فرسالتي هنا هي: إن أردت أن تفهم الأسباب المحتملة لمواقف قيادات حزب النور ضد الحزب الإخواني الحاكم، فانظر في نفسِك وابحث عن أسباب عدائك للشيعة وإيران. قد تقول أن أسبابك متعلقة بما يقوله الشيعة عن الصحابة، ولكني سأسألك: هل سمعت كل الشيعة يسبّون الصحابة؟ أم أنك شاهدت بعض الفيديوهات؟ فإن كان كل ما تعرفه يأتي من بعض الفيديوهات والإشاعات، فلماذا تكره أن يبني المواطن الأمريكي أو الغربي رأيه عن الإسلام والمسلمين فقط من فيديوهات قليلة عن فتاوى متشددة وما شابه؟ ثم تسمح لنفسك أن تبني رأياً عن الشيعة بنفس الطريقة التي يبني بها الأمريكي رأيه عن المسلمين؟
والنقطة الثانية، هي أنه الأولى بنا كمسلمين سنة، ومؤيدي التيار الإسلامي، أن نوحد صفوفنا مع إيران والشيعة، وهم يقولون لا إله إلا الله، محمد رسول الله، حتى نسترد أراضينا ونوقف سيل الدماء المسلمة في أنحاء الأرض. ثم بعدها…نجلس مع الشيعة ونناقش مشاكلنا واختلافاتنا في قضية الصحابة!
إن لم تجد في قلبك الرغبة والقدرة على فعل ذلك، فلا تنتظر من قيادات حزب النور السلفيّ أن تتجاهل اختلافاتهم الفِكرية والفقهية مع المنهج الإخواني، وتؤثر الوحدة الإسلامية عليها في هذه المرحلة الحرجة للمشروع الإسلامي كله.
—ياسين رُكَّه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق