لا يا شريك الوطن، هذا ليس ما يقوله الواقع؛ بل هذا ما يقوله الإعلام الفاسد وإشاعات الفوتوشوب والمواقع الاجتماعية، وما يقوله الوضع ’الرسمي‘ للوطن. ولكن الفرق بين الواقع والصورة الرسمية شاسع!
الوضع الرسمي هو أن الأجهزة الأمنية تابعة للحكومة، نعم؛ ولكن الواقع غير هذا تماماً. واقع مصر اليوم هو أن أنياب الدولة ليس تحت سيطرة الرئيس أو الحكومة. بالله عليك، إذا كانت المخابرات والجيش والأمن القومي والشرطة تحت سيطرة الحكومة أو الرئيس، هل كنا سنرى كم التطاول والإسفاف والإتلاف لقصر الرئاسة ومباني ملك للدولة أخرى هكذا؟ هل كان الرئيس أو حزب الحرية والعدالة سيتركوا البلطجية والعصابات المقنعة ليمرحوا فساداً في البلاد وإرهاباً للناس وقطعاً للطرق وتعطيلاً للمصالح العامة؟ هل حالة عدم الاستقرار في الوطن تصب في صالح الرئيس أو الحرية والعدالة أو الإخوان؟
يا إخواني، بالله عليكم، بالله عليكم، فكّروا بعقولكم! قوات الأمن كلها في مصر اليوم خارج سيطرة الرئيس والحزب الحاكم؛ بل إن قوات الأمن في خصومة مع الحزب الحاكم. أتظن أن قوات أمن كانت تمنع قانوناً حرية شخصية مثل إطلاق اللحية، فقط لأنها من مظاهر السنة والتدين والإسلام، فجأة وفي يوم وسنة، سوف تتصالح مع حزب حاكم إسلامي؟ هذه خزعبلات! إن قوات أمن الوطن، من مخابرات وإلى شرطة، هي مؤسسات عالمانية قلباً وقالباً، بل وبعضها يكره ويخشى دخول الإسلام فيها. فشيء طبيعي أن تكون هذه القوات في خصومة كامنة خفية ضد الحزب الإسلامي الحاكم، والمشروع الإسلامي كله. وطبيعي أن ترى قوات الأمن هذه حالة عدم الاستقرار في البلاد شيء مفيد لها تحت ظل حكم إسلامي، حتى يجبروا الشعب بالضغط النفسي مع الوقت على رفض هذا النظام. ولكن إن ساعدت قوات الأمن النظام الإسلامي الحاكم على حماية الوطن واستقراره، فهذا سيؤدي إلى تأييد أكثر للأحزاب الإسلامية مما هو متواجد الآن؛ وهذا ليس ما تريده قوات الامن العالمانية. هذا هو التحليل المبسط جداً للوضع في مصر اليوم.
وكما ذكرت يا شركاء الوطن، لا أقول لكم تعالوا لتساندوا المشروع الإسلامي أو الإخوان أو الأحزاب الإسلامية؛ بل أعطيكم الاختيارين: إن أردتم أن يهتم أحد بقضايا الاعتقال العشوائي هذه، فإما أن تقولوا أن المتهم هو الأحزاب الإسلامية فقط أو الإخوان، وقوات الأمن دُول زي الفل وحلوين، ووقتها تجدوا الإعلام وقوات الأمر تحت أمركم...وإما أن تبرئوا الرئيس والحزب الحاكم مما يحدث، وتزيدوا الضغط على قوات أمن الوطن، سواء مخابرات أو جيش أو أمن قومي أو شرطة، كي يتعاملوا مع الشعب والوطن بشرف وجدية أكثر من هذه، وألا يورطوا معهم الحزب الحاكم فيما يقصرون فيه. الاختيار اختياركم يا شركاء الوطن، بغض النظر عن توجهاتكم الدينية أو السياسية أو الفِكرية.
—ياسين رُكَّه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق