الأربعاء، فبراير 13

قضية سوريا ومجازرها والمساعدة من الخارج

بدون تكتل عربي أو إسلامي حول قضية سوريا، الجهاد والقتال الفردي أو الغير منظم ما هو مُسكّنات ألم، وهي واجبة على القادر من أبناء المدن السورية التي يتم الهجوم عليها؛ فالتعاون الضيق على مقاس خلايا صغيرة تعيش هناك وتقاوم قدر استطاعتها ليس موضوع مقالتي لأنه شيء ضروري وواجب. فليس المقصود التثبيط من همة إخواننا في سوريا ممن يدافعون عن أهلهم وأرواحهم وبيوتهم؛ لا، أبداً، أعانهم الله، وما يقومون به ضروري حتى ينقذوا ما يمكن إنقاذه. إنما رسالتي لغير المجبر على الجهاد وحده أو ضمن مجموعات صغيرة، رسالتي للمسلمين خارج سوريا: المقاومة في سوريا على هذا الشكل مسكّن ألم، ولا تعالج جذور المشكلة أو تعالجها معالجة مؤثرة. والمشكلة أكبر من بشّار نفسه؛ بل إن بشّار يمثل أكبر عائق غير مباشر لحل مشكلة سوريا، ليس لأنه القاتل المباشر، بل لأن الأغلبية العظمى من العرب، كعادتهم، تلومه هو شخصياً على كل ما يحدث في سوريا وكل المجازر؛ ونعم، القائد أكثر من يُلام، ولكن لا نضعه في قفص الاتهام على الارتكاب المباشر لكل الجرائم إلا بالدلائل أنه أعطى الأوامر بمجازر أو ما شابه. وبعض الشواهد تقول أن هناك طرف ثالث في سوريا، تماماً مثل الثورة في مصر.

يعني عندنا في مصر، بعض الثوار يتهمون قوات أمن الوطن في كل حوادث القتل التي حدثت لمتظاهرين؛ وعلى الجانب الآخر، قوات أمن الوطن تلوم المتظاهرين على حوادث القتل ضد الشرطة وتلوم الثوار على حوادث العنف بالمولوتوف والطوب. في رأيي أنّ كل ثائر بعد بدء انتخابات البرلمان، منذ وقت بعيد، سَهْل لومه لأنه سَهَّل لحدوث الفوضى والعنف، ولكنه ليس بالضرورة الفاعل المباشر لأعمال العنف، إلا قلة خائنة للوطن ولها مبادئ أناركية فوضوية وما شابه. وفي نفس الوقت، بالتأكيد لا تُلام قوات أمن الوطن على كل أو حتى أغلبية من قُتِلوا في الثورة؛ بل بالتأكيد هناك طرف ثالث متمثل في البلطجية مدفوعي الأجر والقتلة المحترفين الذين استخدموا أسلحة قنص وأسلحة كاتمة للصوت وسط المتظاهرين أنفسهم لقتل شخصيات محددة في الثورة.

وعلى نفس الوتيرة، هناك طرف ثالث في سوريا يقوم بالمجازر والقتل؛ ليسوا لطيفين مثل البلطجية في مصر الذين يقتلون أعداداً قليلة من الثوار وقوات الأمن، ولكنهم حيوانات تجردوا من الآدمية نفسها—بل أسوأ من الحيوانات، فهم قتلة وسفاحون مأجورون في سوريا.

كم واحد في الوطن العربي يفكر بهذه الطريقة؟ بل كم واحد عنده أصلاً الاستعداد لتصديق هذا بدلاً من الضحك والتشدق بالمصطلح السطحي ’نظريات مؤامرة‘؟

إذن فالمشكلة أكبر بكثير من بشّار وأكبر من سفاحين الطرف الثالث في سوريا. المشكلة فينا نحن كأمة؛ جَهْلنا وسطحيتنا وانفعالاتنا بدون تفكير ومبالغاتنا هي ما تقتلنا يومياً.

من أراد أن يساعد أهل سوريا من خارج سوريا، فنصيحتي له هي أن يحاول فهم ما يحدث في سوريا، معرفة الحقائق، ثم نشر وتوعية شعبه بهذه الحقائق، ثم توصيل الحقائق للمسئولين والسياسيين ودفعهم إلى إخبار سياسيين في دول عربية أخرى، ثم الضغط عليهم جميعاً ليتخذوا قرارات حازمة وسريعة بين تعاون عسكري ومناورات دبلوماسية مع بشّار الأسد وإلى آخره. عندما يرى الناس والسياسيون أن هناك حقائق تقول أن بشار الأسد ليس المتهم الوحيد في هذه القضايا، سيمكنهم على الأقل الحوار مع القائد—وهو مقصر وفاسد بالتأكيد، وعلى الأقل وقتها هو نفسه سيأمن على حياته ويعرف أن من يتحاورون معه لا يتحاورون معه على أساس أنه جزار وسفاح، بل على أساس أنه قائد دولة مقصر ويمكنه استخدام مساعدات من زملائه قادة بقية الدول العربية في إيجاد الطرف الثالث في سوريا وإنقاذ إخواننا السوريين، أعانهم وحفظهم الله. أو على الأقل نجد الدليل القاطع أنه هو السفاح الوحيد—إن كان! أليس كذلك؟

في رأيي، من أمكنه القيام بمجهود مثل هذا، فسيكون مجهوده بتوفيق الله أكثر فائدة بكثير—على المدى الطويل—من السفر إلى سوريا لحمل السلاح والمقاومة به، لأن هذا—كما ذكرت—أقرب إلى مسكّن الألم من حل جذريّ. ومن لم يمكنه القيام بهذا أو ذاك، فعلى الأقل يمتنع عن نشر الإشاعات الغير مؤكده، ويحاول أن يمد يد العون بالمال والدعاء لمساعدة إخواننا وأخواتنا السوريين من لاجئين خارجها وضحايا إرهاب داخل سوريا الشقيقة.

—ياسين رُكَّه

ليست هناك تعليقات: