كتبت على إحدى الصفحات، تحت موضوع يضع الاثنين، الإخوان والشيعة، أمام مدفع الكراهية:
أنا مشترك في الصفحة، يعني أؤمن بوجود بعض المؤامرات السياسية تحت مظلة الربيع العربي الحالية. وفي نفس الوقت مؤيد للمشروع الإسلامي السياسي في المنطقة، وخاصة مصر؛ وأغار على ديني وتطبيقه بكليّته وشموليّته. هذه الخلفية ذكرها مهم، لأني سأقول أن أختلف معكم في بعض الأمور أيضاً. أختلف مع الكثير في قضية الإخوان؛ فأنا أؤيدهم حتى الآن، ولم أرى دليلاً واحداً قاطعاً أو حتى شاهداً مقنعاً أنهم ليسوا مخلصين، دعك من شريرين أو موالين للشيعة! وثانياً، أنا سنّي وليس لي أي انتمائات حزبية أو سياسية أو دينية، ولكني في نفس الوقت مختلف معكم ومع الكثير من المسلمين، ممن لا يؤمنون بالمؤامرات من الأصل، ولكن سبحان الله تجدهم يكرهون الشيعة بسبب الإشاعات التي يسمعونها؛ يعني أختلف مع الكثير في هذه الكراهية العمياء التعميمية للشيعة.
يا إخواني، [بعض] أئمة الشيعة يتطاولون على الصحابة؛ وأضع عشرة خطوط تحت كلمة [بعض]، لأنه من التطرف الفِكري والمبالغة الجاهلة المتهورة أن نعمم. بعض الشيعة يقوم بشعائر متطرفة ليست من الإسلام في شيء. ما المشكلة الاستثنائية في هذا؟ ألا يوجد عندنا، في بلاد وأهل السنة، أئمة متطرفون فِكرياً؟ ألا يوجد عندنا جهلاء يعبدون أهل المقابر؟ فالكثير من عيوبهم موجودة فينا!
وأنتم، هنا، على هذه الصفحة، ألا تؤمنون أن قيادات الدول هي الفاسدة ومن أفسدت الدولة بالإعلام الفاسد المضلل؟ فلماذا لا تطبقون نفس المبدأ على الشيعة؟! قيادات كثيرة في بلاد الشيعة فاسدة، ولكن تحدث مع الشيعي البسيط، المواطن العادي، واسأله إذا كان يسب الصحابة أو يسب عائشة! اسأل الشيعي البسيط إذا كان يؤمن بقتل السنيين وأي شخص في الدنيا اسمه عُمَر! شيء عجيب أن نأخذ فيديوهات من يوتيوب لخمسة شيوخ شيعة، ولشعائر تقوم بها قبيلة محددة من أهل الشيعة، ثم ننشرها ونقول: ’انظروا على الشيعة‘! وعندما يفعل السياسيون الأمريكيون نفس الشيء ضد المسلمين كلهم، كي يغسلوا أمخاخ الشعب الأمريكي، نشتكي ونتظاهر ونقول بروباجاندا وغسيل مخ. فعلاً، سبحان الله على ازدواجية المعايير التي لا يسلم منها أي إنسان اليوم—على ما يبدو.
يا إخوة، أدعوكم إلى بعض الإنصاف وبعض الوسطية؛ ابتعدوا عن التعميم والتطرف في الآراء والأفكار. وإني لست بصدد دعوتنا أن نصاحب الشيعة، ولكن يا إخوة على الأقل نركز على عدونا المشترك، الصهيونية العالمية والرأسمالية الروثتشايلدية العالمية، ثم عندما نأمن على الأمة الإسلامية كلها، سنة وشيعة، من هذا الخطر وهذا العدو المشترك، وقتها نجلس مع قيادات الشيعة ونتحدث عن مشاكلنا واختلافاتنا! أو نعادي الشيعة حتى، إن شئتم وقتها! ولكن على الأقل نكون أمِنَّا على أمتنا الإسلامية كَكُل من عدونا المشترك.
ونعم، أعرف أن الكلام الموضوعي أحياناً لا جدوى منه مع [بعض] الناس، لأن الرد على هذا الكلام جاهز عندهم، خاصة من المتطرفين في البحوث المؤامراتية: الشيعة موالون للصهاينة! ولكني، ومع إيماني بوجود بعض المؤامرات بالفعل، لا أتطرف فِكرياً إلى الحد الذي يجعلني أردد اتهام شنيع مثل هذا ضد موحدين يؤمنون بالله ورسوله. هدانا الله جميعاً إلى الحق ورزقنا اتباعه.
هذه أمثلة التعليقات التي كتبها بعض المسلمين المؤيدين للمشروع الإسلامي، والمفترض أنهم أكثر عِلماً في الإسلام من الليبراليين والعالمانيين:
’ياسين انت عايش في كوكب تاني البوست بيحكي عن ناس اتقتلت من الروافض بسبب ان اسمهم عمر يبقى لو اتمكنوا من رقابنا هيعملوا فينا ايه .....اصمت يرحمك الله‘
خُد بالك من القناعة: قُتِلوا لأن اسمهم عُمَر! والله العظيم إني لأضحك على الكلام! أكاد لا أصدق أن سذاجة البعض وصلت إلى هذا المستوى! يعني لا وجود أصلاً عندهم لاحتمال أن هناك من فعل هذا فقط كي يضع بذرة وجود هذا التطرف في الشيعة، وأن من فعل هذا وخطط له من الأصل لا هو بشيعي ولا مسلم من الأصل! لا وجود عندهم لهذا الاحتمال على الإطلاق.
’ياسين دين الشيعه سب ام المومنين والصحابه وقتل المسلمين والاجزام بان ابي بكر وعمر وزوجات النبي في النار والشهاده عند الشيعه للدخول في دينهم ان يسب ويلعن الصحابه انت جاي تمثل علينا يا عم فوقوا بقي‘
وانظر إلى الفِكر واختيار الألفاظ: ’دين الشيعة سب‘...أصبح الدين نفسه، وهو ليس بشخص ولا يمكنه الكلام، بل الدين هو منظومة من الشعائر والإيمانيات والسياسات والقوانين والقواعد، أصبح الفِكر نفسه، الغير مشخصن، قادر على السب والشتيمة!
’ياياسين هما بياخدوا دينهم وعقيدتهم من الائمة بتوعهم مش من القران ,,وصعب جدا جدا وصول اى رجل دين عندهم لمكانة الامامة لازم يمر بأمور عديدة صعبة جدا وسب الصحابة وامهات المسلمين دى مش تطرف دى فى صلب عقيدتهم وكل الطقوس الشيعيه بيمارسها الشيعة كلهم باختلاف طبقاتهم المجتمعيه .يعنى لو مش عمل كدا يبقى كافر بالنسبة للمذهب الشيعى .الدين كله عندهم محرف ياياسين ,الازهر طلب من نجاد فى زيارته لمصر باصدار تشريع يحرم سب الصحابة وزوجات الرسول وهو رفض الطلب لانه اخلال بعقيدته الشيعية ومش مجرد تطرف او اختلاف فى وجهات النظر فى بعض امور الدين ددددددددددددى عقيدة عندهم .‘
لاحظ أيضاً عجب العجاب في التعليق أعلاه...عجب العجاب: أصبح المسلم، الذي يوحد الله ويؤمن برسول الله، لا يأخذ دينه من القرآن! ومش بعضهم، لا [كلهم]...كلهم كده! وصاحب التعليق يعرف يقيناً أن وصول الشيعي للإمامة لا يأتي بدخول الجامعات الإسلامية في بلاد الشيعة، وحفظ القرآن وتعلم الحديث، لا، بل يأتي بطقوس عديدة صعبة جداً (وكأنهم مجتمع سري ماسوني!)، وأحد هذه الطقوس بقه...يأمره أن يردد خلف الإمام الشيعي الأكبر بترنيمة سبّ الصحابة وآل البيت! فعلاً، كأننا نشاهد فيلماً عن المجتمعات السرية والماسونيين، وليس عن الشيعة! لا، وإيه، سبّ الصحابة...أصبح من [العقيدة]! العقيدة يا خلق هُوه، مش مثلاً جزء من السيرة النبوية واختلاف على بعض الأحداث التاريخية، لا، لا، ده جزء من العقيدة...يعني جزء من الإيمان بالله، وهوية الله، وصفات الله وكده...جزء من الكلام ده، سب الصحابة! لا حول ولا قوة إلا بالله. وكافر عندهم اللي ميشتمش الصحابة! الناس دي بتجيب القصص دي منين!!!!!!! نفسي أفهم! نفسي الناس دي تروح تزور إيران سياحة كده، تدخل مساجد هناك، وتتكلم مع الإيرانيين عربي أو إنجليزي، وتتعرف عليهم، وتشوف أفكار المواطن الشيعي العادي، وتروح الجامعات الإسلامية في إيران، ويتكلموا مع الأساتذة هناك، ويدخلوا كمان محاضرات باللغة العربية أو الإنجليزية عشان يسمعوا اللي بيتقال...ثم يرجعوا مصر، ويشوفوا كده لو لسه متأكدين إن الشيعة هم شياطين الإنس في الأرض!
عجبت لك يا مسلم! ثم عجبت لك يا إنسان. ولم أعجب للزمن، فإن الله هو الدهر، كما في الحديث الصحيح.
—ياسين رُكَّه
هناك تعليق واحد:
كتب أحدهم تعليقاً على أحد المواقع الاجتماعية:
’اى ادلة يااخى الشيعة تاريخهم اسود وحاضرهم اشد سوادا الا يكفيك مشاهد القتل والذبح والاغتصاب الذى يفعلونه فى اهل السنة فى سوريا والعراق الشيعة سيظلون اعدائنا ابد الدهر فهم خنجر مسموم فى ظهر الامة الاسلامية قاتلهم الله قاتلهم الله قاتلهم الله‘
فكان ردي كالآتي:
هذا السؤال تسأله لنفسك: أي أدلة؟ أي أدلة هذه التي تعتمد عليها لتبرير مقاتلتهم الموحدين المؤمنين برسول الله؟ أي مشاهد ذبح واغتصاب تتحدث عنها؟ وكيف عرفت أن من يقومون بها شيعة؟ لأن من نشر الخبر قال أنهم شيعة؟ أم لأن الشيعة، قبل أن يبدئوا في ذبح أهل السنة، تأكدوا أنهم يخرجون بأجمل ثيابهم الشيعية، ووقفوا يتصورون أمام الكاميرا بابتسامة عريضة يحتفلون بذبح أهل السنة؟
هل حقيقة وصلنا إلى هذه السذاجة في الأمة؟ أي شخص يلبس رداء من نكرهه، أصبح يقيناً من نكره وليس جاسوساً أمريكياً مثلاً أو صهيونياً ويرتدي زي تنكر؟
هل ذهبت بنفسك لتتأكد من هوية من يقوم بالقتل والذبح في سوريا والعراق؟ أم أنك اكتفيت بصور الفوتوشوب وفيديوهات اليوتيوب التي يتفنن العرب في وضع عناوين مضللة لها لا تمت بصلة للمحتوى؟
هل ذهبت إلى طهران في إيران ولو مرة واحدة وحاولت أن تتحدث إلى العشرات أو المئات من الشيعة هناك وتراقب طريقة صلاتهم وتسمع خطبهم وأفكارهم لتعرف حقيقتهم؟ أم اكتفيت بفيديوهات مقطوعة ومختارة بعناية لأهل السنة على يوتيوب؟
ما أسهل غسيل مخ الشعوب والناس هذه الأيام. خسارة.
—ياسين رُكَّه
إرسال تعليق