الثلاثاء، ديسمبر 11

هناك تحرير…وهناك خائن حقير

Tahrir-square-safer-revolution

ارتفعت بعض الأصوات قديماً بنصيحة: لا تتركوا ميدان التحرير…لا تُخرجوا الثورة من الميدان وتشعلوا الفتنة؛ ابقوا في الميدان!

ولكن بعضهم لم يسمع ولم يعي ولم يتعظ. ذهبوا إلى وزارة الداخلية، وحدث القتل. ثم حدث تبادل الاتهامات والتخوين. ثم حدثت المزايدة والابتزاز بالدماء وشعار ’الشهداء‘.

ولم يتعظ بعضهم بأحداث الداخلية، فذهبوا إلى مبنى الإذاعة والتليفزيون، ماسبيرو. وكانت الأحداث نسخة، كربونة مما قبل: حدث القتل، ثم حدث تبادل الاتهامات والتخوين. ثم حدثت المزايدة والابتزاز بالدماء وشعار ’الشهداء‘.

لم يتعظوا من الحدثين، فمرت شهور، وتماماً كما سبق، ذهب بعضهم إلى العباسية، وكانت الأحداث…التاريخ أعاد نفسه.

ثلاث مرات، ولم يتعظوا. ذهب بعضهم إلى قصر الاتحادية، ولرابع مرة حدث القتل، ثم حدث تبادل الاتهامات والتخوين، ثم حدثت المزايدة والابتزاز بالدماء وشعار ’الشهداء‘.

والعجيب أيضاً في الأمر أن البرلمان حتى الآن لم يصدر قانوناً يمنع التجمعات الاحتجاجية أو الثورة خارج ميدان التحرير، أو على الأقل يمنعها بجانب أي مبنى حكومي أو مبنى يعتبر ملك للشعب كله.

اضحك معي ضحكة مريرة، تقطر مرارة، على غباء الناس وعلى جبروت الناس وعلى غرور الناس وعلى جهل الناس. والأعجب من هذا كله، هو أن هذه الناس لا زالت غير مقتنعة بأن خروج الثورة من ميدان التحرير معناها فتنة ومحاولات إشعال حرب أهلية. هذه الناس لا زالت مقتنعة أنها مناضلة من أجل الحرية والعدالة والبتنجانية. هذه الناس مستعدة للخروج مرة خامسة وسادسة، وفي كل مرة هم مستعدين لتكرير نفس اسطوانة الدماء والشهداء. الأمر أصبح عندهم أشبه باللعبة. يتشدقون بالدماء وأرواح الشهداء، والحقيقة هي أنه إن كان للأرواح أي قيمة عندهم، لاتعظوا واحتفظوا للثورة بكرامتها واجتهدوا في توحيد الصف وجعلها في رمز الثورة وقلبها: ميدان التحرير.

فعلاً، هناك تحرير، وهناك خائن حقير. كل من أخرج الثورة من التحرير. وحمار كبير…مشى وراء الحقير.

—ياسين رُكَّه

ملحوظة: ليس المقصود أن التحرير يضمن السلامة، فلا يوجد ضمانات في هذه الدنيا؛ وكلنا يتذكر معركة الجمال. ولكن ميدان التحرير أكثر أمناً وانفتاحاً على الكاميرات، حوادثه أخف، والثوار تأقلموا مع احتياطاته الأمنية ويتعرفون على بعضهم البعض فيه.

ليست هناك تعليقات: