الاثنين، أكتوبر 7

صور توثيقية لأعداد المتظاهرين ٦ أكتوبر ٢٠١٣

#مصر #صور توثيقية #دليل حجم #الثورة يوم ٦ أكتوبر ٢٠١٣ وأعداد المتظاهرين ضد #الانقلاب والحكم العسكري.

—ياسين ركه

قادة جيش مصر الشرفاء

قادة جيش مصر الشرفاء: محمد نجيب، محمد عبد الغني الجمسي، محمد عبد الحليم أبو غزالة، سعد الدين الشاذلي

قادة جيش مصر الشرفاء: محمد نجيب، محمد عبد الغني الجمسي، محمد عبد الحليم أبو غزالة، سعد الدين الشاذلي

يزعم البعض أن رافضي الانقلاب والحكم العسكري يكرهون جيش مصر نفسه ويعملون على إسقاطه؛ كذبوا. بل إننا نريد إسقاط الحكم العسكري وحده، لا العسكر؛ ونكره القيادات الفاسدة التي تخون مصر ولا تمثلنا. وفي المقابل، نحب هؤلاء القادة الشرفاء الذين أخلصوا للوطن.

—ياسين ركه

السبت، أكتوبر 5

الشريعة فوق الشرعية، ولا شرعية بدون الشريعة

هذه رسالةٌ إلى كلِّ المصريين المسلمين، بغضِّ النظر عن انتمائاتِهم ومواقفِهم الحالية، ثوارِ رابعة ومؤيدي الانقلاب، مستقلين وأحزاب، إخوان وسلفيين، مؤيدي الشرعية ومؤيدي الجيش، مؤيدي مرسي ومؤيدي السيسي، مؤيدي الحكمِ الديمقراطي ومؤيدي الحكمِ العسكري، وإلى آخرِه، طالما أنت مسلم وتحبُّ الله ورسولَه ودينَك، فرسالتي موجهةٌ إليك.

كنت قد كتبتُ سابقاً عدة مقالات عن أهميةِ قانونِ الدولةِ أو الدستور، وشرحتُ الفرقَ بين الدستور والشريعة، وأكدتُ أنّ القانون، أو السلطان، أو الدستور هو أهمُّ ركنٍ من أركانِ الدولة، وهو أُسُّ الفساد أو منبعُ الإصلاح. بل إن التحكمَ في القانونِ أو الدستور أهمُّ من التحكمِ في البنوكِ أو الجيوش. ومن هذا المنطلق، أكتبُ هذه المقالة.

أبدأ رسالتي بالجزء الموجه إلى أهل رابعة أو الثوار، وخاص إخواني من الشبابِ الثوريّ فيهم: لا تغتروا بأنفسِكم، ولا بقوتِكم، ولا بذكائِكم؛ ولا تغتروا بشعاراتٍ جوفاء مثل ’سلميّتُنا أقوى من الرَّصاص‘، فهذه أساطيرٌ أيضاً مثل أساطير الإعلامِ الكذوب الإسلاموفوبي. طيّب، ما هي الحقيقة إذن؟ الحقيقةُ هي ما قالها اللهُ سبحانه تعالى في كتابِه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّـهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}—سورة محمد: ٧. يعني أنتم أنفسُكم لستم أقوى من العسكر؛ لا أجسادُكم ولا شبابُكم أقوى من رصاصِ العسكر؛ وبمنتهى اليقين، سلميتُكم ليست أقوى من رصاصِ وبنادقِ ومدرعاتِ العسكر؛ ولكن...الله! اللهُ أقوى من العسكرِ ورصاصِ ودباباتِ ومدرعاتِ العسكرِ وأقوى من أمريكا ومن الناتو ومن كل شيء؛ الله أكبر. ومفيش حاجة اسمها أكبر من إيه أو من مين؛ الله أكبر. نقطة. انتهى الموضوع: الله أكبر.

طيّب، طالما الموضوع كذلك، والله قال: {إن تَنصُرُوا اللَّـهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، [يبقى عشان تنتصروا على العسكر، لازم تنصروا الله. عشان لما بنادق العسكر تتصوب تجاهكم، ولما يطلع من البنادق رصاص حيّ، تثبت أقدامكم، مالكُمش اختيار]…لكي تثبت أقدامُكم في هذه اللحظة، ليس لكم خيارٌ سوى أن تنصروا الله...فينصركم ويثبت أقدامَكم.

فالسؤالُ الذي يفرض نفسَه: هل أنت تنصر الله عندما تنصر ’الشرعيةَ‘ مثلاً؟ [جائز شيخك، أو العالم اللي بتثق فيه، بيقولّك أيوه،] نعم، أنت بنصرتك للشرعية، تنصر رجوعَ الحقِّ لأصحابه، وبالتالي تنصر الله. ماشي. لن أجادل في هذا، ولكنّي سأسألك: إن كان بإمكانك نُصرةَ الشرعية وبإمكانك نصرةَ الشريعة في لحظة الموت، أيهما أولى بنصرتِك؟ إن كنت تعلمُ أنك ستموت اليوم...اليوم؛ في ظنك، ما الأولى؟ نصرةُ الشرعية، أم نصرةُ الشريعة؟ هذا سؤالٌ لك، ولشيخك أو إمامك، أيا كان.

وبناءاً عليه، أيهما يتعلق أكثر بنصرِ الله؟ مرة ثانية، أيهما يتعلق أكثر بنصر الله؟ أيهما علاقتُه باللهِ أوثق...أقرب؟ شرعيةُ إنسانٍ ونظام؟ أم شريعةُ الله؟ أيهما أقربُ إلى اللهِ وإلى نصرِ الله؟ هذا سؤال لك، ولشيخك إن كان لك شيخ.

وبالإجابة على هذه الأسئلة، يمكنك أن تحدد ما  الذي يستحق موتَك، ما الذي يستحق تضحيتَك، ما الذي يستحق نضالَك وكفاحَك، شرعيةَ الحاكمِ والنظام، أم شريعةَ الله؟ وما الذي سيجلب نصرَ اللهِ لك ولفريقِك، أسرع وبتأثير أقوى على الظالم؟ نصرتُك لشرعيةِ حاكمٍ ونظام، أم نصرتُك للشريعة؟

ومرةٌ أخرى، إن قال قائلٌ أن بنصرتِك للشرعية، أنت تنصر رجوعَ الحقِّ لأصحابِه، وهم الإسلاميين، فتنصر الإسلامَ نفسَه بطريقةٍ غيرِ مباشرة، لإن الإسلاميين يريدون تطبيقَ شرعِ الله، أو الشريعة، فعندي الرد على هذا أيضاً: بفس هذا المنطق، منطق ذلك القائل، أنت بنصرتِك للشريعة، تنصر الشرعيةَ بطريقةٍ غيرِ مباشرة. كيف؟ لأنه إذا كان الإسلاميون—سواءاً الإخوانُ المسلمون أو غيرُهم—فعلاً يريدون تطبيقَ شرعِ الله، أو الشريعة، وفي نفس الوقت، العسكرُ لا يريدون تطبيقَ الشريعة، فأنت بنصرتِك للشريعة، بالتأكيد تنصر الإسلاميين، وتنصر شرعيتَهم على العسكر. لأنك تريد شيئاً، والعسكر لا يريد هذا الشيء، أما الإسلاميون فيريدونه؛ فأنت بنصرتك لهذا الشيء، تنصر الإسلاميين أيضاً.

طيّب، ولماذا لا أنصر الإسلاميين أو شرعيتَهم مباشرة؟ لأنك بتأييدك لفكرةٍ بدلاً من شخص، وبنصرتك لشيءٍ وثيقِ الصلةِ بالإسلام، بالدينِ نفسِه، تضمن أن من تنصره (الشخص) عندما يأتي، سيعلم جيداً لماذا نصرته! ما هو سببُ نصرتِك له. سيعلم جيداً أنك نصرته لأنك تنصر الشريعة؛ وبالتالي، إن كان به من قبل بعض التذبذب أو الحيرة أو التردد في تطبيق الشريعة، كل هذا سيختفي تماماً عندما يرى أن من نصره، نصره أساساً...من أجلِ تطبيقِ الشريعة. وبالتالي، الكلُّ يفوز وينتصر! الإسلامُ ينتصر بنصرةِ شريعتِه، وأنت تنتصر بالثوابِ الذي أخذته لنصرةِ الإسلامِ والشريعة، والإسلاميون ينتصرون برجوع الحقِّ لهم، وفي نفس الوقت، بتيسيرِ مهمةِ تطبيقِهم للشريعة؛ حيث أن وقتَها، لا يوجد حُجَّة عندهم لتأجيلِ تطبيقِ الشريعة أو لاتباعِ الفكرِ الفاسد الذي يقول بتدرجِ تطبيقِها؛ لأنهم سيروا أن من نصروهم، نصروهم من أجل الشريعة، وليس من أجل شيءٍ آخر، لا العيش أو الخبز، ولا الحرية، ولا العدالة الاجتماعية المزعومة، ولا الباذنجانية...بل نصروهم من أجل الشريعة.

فكما ترى، أنت بنصرتك للشريعة، تنصر الشرعية، وتنصر الإسلاميين، وتنصر نفسك أيضاً، لأنك بنصرتك للشريعة، أنت تنصر الطريقةَ الوحيدةَ لتحكيمِ اللهِ، لتأكيد ربوبيةِ ووحدانيةِ الله بترسيخِ حاكميتِه وحدِه سبحانه وتعالى، وبالتالي تنصر الله بطريقة مباشرة، فتفوز في الآخرة وتنتصر في الدنيا أيضاً: {إن تَنصُرُوا اللَّـهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.

هذا، وإن العملَ على نصرةِ فكرةٍ أو قضيةٍ مثل شريعةِ الله سيجمع شملَ أكبر عدد ممكن من المصريين والثوارِ الشرفاء. كيف؟ لأننا اليوم في مصر انقسمنا إلى عدةِ أقسام، بغض النظر عن نسب أو أحجام تلك الأقسام. والأقسام الرئيسية التي انقسمنا إليها أعتقد أنها أربعةُ أقسام: قسمٌ يؤيد حكومةَ مرسي والإخوان، قسمٌ يؤيد حكمَ العسكرِ ويؤيد الجيش، قسمٌ يرفض الاثنين: الإخوانَ والعسكر، وقسم لا يهتم أو بالكاد يهتم اهتماماً سطحياً من بابِ الدرايةِ والعلمِ بالشيء، ولهذا فلن أهتم بهذا القسم في كلامي.

القسم الذي يؤيد حكومة مرسي والإخوان يؤيد الشريعة أيضاً بمنتهى الوضوح والسهولة، وهم أغلب أهل رابعة. أما القسمان الآخران ففيهما قولان: ظني بالقسم الذي يؤيد العسكرَ هو أن معظمَهم، ولا أقول كلَّهم، ولكن معظمُهم يؤيدون العسكرَ من بابِ الوطنية وحبِّ الوطن، وهم في نفس الوقتِ يؤيدون الإسلامَ ويحبون الله ورسولَه صلى الله عليه وسلم، ولو على الأقل شفهياً عندما تسألهم، حتى وإن كانت طريقةُ حياةِ بعضهم أو عاداتُهم لا تدل على ذلك؛ على الأقل إن حاورتَ بعضَهم، لأكدوا لك انتماءَهم للإسلامِ وحبَّهم للهِ ولرسولهِ صلى الله عليه وسلم. وبناءاً عليه، إن سألت بعضَهم: من أهم عندك، اللهُ ورسولُه أم السيسي؟ ما الأهم عندك، الإسلام أم الجيش؟ إن قال لنا: ’السيسي والجيش أهم‘، فقد كفر ولا نتحدث معه أكثر من ذلك. إن قال لنا: ’الاثنين ولا يوجد تناقض‘، فنسأله: أتضع الإسلامَ، دينَ الله، في نفس المنزلةِ مع مجموعةٍ من الجنود؟ هان عليكَ دينُك؟ أتضع الله سبحانه وتعالى في نفس المنزلةِ مع بشر، قائدِ جيش؟ هان عليكَ اللهُ لهذه الدرجة؟ أما إن قال لنا: ’اللهُ والإسلامُ أهم عندي من أي شيء، ولكن مرسي ليس نبيّاً مرسلاً أو والياً من أولياء الصاحلين، والإخوانُ لا يمثلون الإسلام‘؛ نقول له: متفقون على هذا تماماً. لا نعطي مُرسي فوق قدرِه، والإسلامُ أعظمُ من أن يمثله فصيلٌ أو حزبٌ واحد. ولهذا فإني أدعوك ألا تؤيد مرسي أو الإخوان، ولكن تؤيد شريعةَ الله، تنصر اللهَ معي، فتطالب بتطبيقِ الشريعة. وبهذا، نحن نبعد عن الجدلِ العقيم في مسألةِ من هو الخائنُ ومن الأمين، من هو الكاذبُ ومن الصادق، وإلى آخره. نبعد تماماً عن هذا الجدلِ العقيم، ونركز في نقطةٍ محددة، هي كفيلة بأن تُظهر الحق. تعالى معي، نؤيد الشريعةَ ونطالب بها، فننصر الله سوياً. والله وعد في كتابه الكريم أننا إن فعلنا، لنصرنا اللهُ وثبت أقدامَنا. وبناءاً عليه، نحن وقتها لا نؤيد لا مرسي ولا الإخوان ولا الإسلاميين ولا السيسي ولا الجيش، بل نؤيد فقط الله، وننصر فقط الله. وبهذا، إما أننا سندعو الجميعَ إلى نصرةِ الله أيضاً، أو أن الله سيُظهر الحقَّ على أيدينا، عندما نرى من سيحاربنا ويقاومنا على الرغمِ من أننا لا نشخصن، لا نؤيد أشخاصاً ولا أطرافاً، وإنما فقط نؤيد شريعةَ الله، فقط ننصر الله. وقتها من يحاربنا، سيثبت أنه يحارب الله ودينَ الله. وقتها نعرف من الخائن ومن الوفي لله؛ من الكاذب ومن الصادق في حبه لله وفي تأييده لما يرضي الله.

شيءٌ بديهيٌ أن الحكمَ بما أنزل الله، تحكيمَ شرائع الله، استخدامَ شريعةِ الله في السلطة، يرضي الله. فكل ما علينا القيامُ به هو أن نؤيد نحن هذا بالتحديد، نؤيد نحن، وبمنتهى القوة والعزيمة والإصرار والإيمان، تحكيمَ شريعةِ الله علينا وجعلَها قانونَنا ودستورَنا؛ ووقتها، ليس علينا سوى أن نرى ردودَ أفعالِ الأطرافِ المختلفة، فنرى من يحاربنا وبالتالي يحارب الله وحاكميَّتَه بمحاربةِ شريعةِ الله، ومن يؤيدنا ويساعدنا بصدقٍ وإخلاص.

وبتثقيف أنفسنا وتعليم أنفسنا حقائقِ الشريعة، يمكننا أيضاً أن نكشف المخادعين الذين يزعمون أنهم يطبقون الشريعة، ولكن في الحقيقة هم لا يفعلون ذلك ويقبلون بقوانين وضعية عالمانية—ولو جزئياً—بدلاً من قوانين الله؛ فإن انكشف خداعُ أحدٍ تسلق علينا بالكذب، ثرنا ضده ورفضناه وطردناه وطالبنا بمن يصدق في تطبيق الشريعة.

أما من يقول أنه لا داعي لتطبيقِ الشريعة الآن أو أنها غيرُ مناسبة للوقتِ والزمان أو أن نطبقها بالتدرج، فالردُّ على هذا الكلامِ أيضاً بفهم شريعتِنا فهماً سليماً، وبفهم ما إذا كان تطبيقُ الشريعةِ شيئاً اختيارياً أصلاً، أم مثله مثل الصلاةِ على أوقاتها خمس مرات في اليوم—فرض، بل مثل شهادةِ ’لا إله إلا الله‘، وجزء لا يتجزأ من هذه الشهادةِ نفسِها—أمر يتعلق بالعقيدة وما دونه كفر وشرك!

وبالنسبة إلى القسم الثالث، الذي يرفض الاثنين: الإخوانَ والعسكر، فبعض هؤلاء ليبراليون وعالَمانيون يزعمون الانتماءَ إلى الإسلامِ وفي نفس الوقتِ يؤيدون قلباً وقالباً أنظمةً سياسيةً مثل الليبرالية والعالَمانية، وهؤلاء لا يستحقون أكثر من أقل القليل من الكلامِ معهم عن أهميةِ الشريعة وكونِها جزء لا يتجزأ من شهادة لا إله إلا الله؛ فإن سمِعوا واقتنعوا بالأدلةِ والمنطق، فأهلا وسهلاً بهم في الفهمِ الصحيحِ لدينِ الإسلام؛ وإن لم يسمعوا وأصروا على تأييدِ أنظمةٍ معاديةٍ للإسلامِ بشموليته وكليّته، فلا داعي لتضييع الوقت معهم ونسأل الله لهم الهداية. ولكن من بين هؤلاء الرافضين للإخوانِ والعسكرِ معاً، أناس ينتمون إلى الإسلامِ بصدقٍ، أو على الأقل يريدون أن ينتموا إلى الإسلام بصدق، بل ويحاولون أن يؤيدوا التيار الإسلامي أحياناً، ولكنهم تأثروا مثلاً بأخطاءِ الإخوانِ وبالإشاعاتِ التي تحوم حولهم من الإعلامِ الفاسد، فانتهى بهم الأمرُ إلى كراهية—أو على الأقل رفضِ—الإخوانِ أيضاً؛ «حركة أحرار» وبعض ثوار ما يسمى بالميدان الثالث أمثلة جيدة لهذا القسم من الناس في مصر اليوم. وهؤلاء، الرسالةُ لهم مشابهةٌ بعض الشيء للرسالةِ التي وجهتُها لمؤيدي العسكر—مع الاعتراف بالفرق الشاسع في التفكير بالتأكيد؛ بل إن أمرَ هؤلاءِ المؤيدين للمشروعِ الإسلاميّ أسهلُ بكثير، لأن قضيةَ هؤلاءِ ليست مشخصنة أصلاً، وهم ببساطة حائرون بين الجهاتِ الموجودة، ويكرهون أو ينفرون من أغلبيتها العظمى. فمعظم هؤلاء قد يرون المنطقَ والجمالَ والقبولَ في قضيةِ تأييدِ الشريعة ونصرةِ الله بهذه الطريقة، مع الوعد لهم أن نظل كلُّنا على العهد، فلا نؤيد سوى الشريعة، ولا نعين سوى من يطبق الشريعة بصدق؛ وأن نرفض ونثور ضد أي جهةٍ أو شخص، كائناً من كان، من أول لحظة نتأكد فيها أنهم يخادعوننا ولا يطبقون شريعةَ اللهِ فعلياً وبصدق. نعدهم ونعاهدهم على أن تكون قضيتُنا الشريعة، وألا نؤيد أحداً إلا إذا تأكدنا أنه يطبق الشريعةَ بالفعل، لا ينوي أو يهدف إلى تطبيقِ الشريعة، بل يطبقها فعلياً ومن أولِ يوم.

يعني، أهل الميدان الثالث، تعالوا لنوحد الصفَّ ونثور مع بعضنا البعض، لا لأحزابٍ أو أشخاص، بل لفكرةٍ وقضية، وهي الشريعة؛ ولننشر هذا الفكرَ قدر الاستطاع ونطلب من الثوارِ أن يغيروا فكرَهم وشعاراتِهم بإحلالِ الشريعةِ مكان الشرعية، وإخلاصِ النية لله والتمسكِ به بدلاً من التمسكِ بأشخاص؛ ولكن لن يمكنكم توصيلَ هذه الرسالةِ إلى الثوارِ الآخرين وأهلِ رابعة إلا إذا وحدتم الصفَّ، ورأوكم معهم في مواجهةِ الظلمِ والاستبدادِ والحربِ الحالية على دين الله. يجب أن يراكم أهل رابعة معهم، موحدين للصف، كي يسمعوا رسالتَكم ويقتنعوا بها. وأرجو منكم عذر بعضهم إن لم يقتنعوا؛ فإن قلة الوعي والعلم متفشية في كل مكان في الدنيا اليوم، وعاطفة الشخصنة أو الارتباط بأشخاص شيء متأصل في الكثير من البسطاء؛ أرجو أن تعذروا هؤلاء وتستمروا في نشر رسالتكم للآخرين. ولعلكم تقتنعوا أن الرئيس والبرلمان المنتخب لهم شرعية اختيار أغلبية الشعب لهم، وإن كانت شرعية ثانوية ومشروطة بتطبيق الشريعة؛ ولعلكم توافقوني، إخواني من الميدان الثالث، على أن هذا الرئيسِ المعتَقَل والبرلمانيين المسجونين، قد دفعوا ثمن أخطائِهم، ولعل بعضُهم أدرك أنه فرط في حقِّ الله؛ وأيضاً هؤلاء يمكننا الضغطَ عليهم ومعارضتَهم ومحاسبتَهم بما وعدونا به ثم أخلفوا؛ أما العسكر، فهم لم يعطوا أي وعودٍ بتطبيق الشريعة، بل ويبدو أنهم يحاربون دينَ اللهِ نفسَه اليوم؛ أنا لست بصدد التأكيد على أي إتهامات ضد أي جهة في مقالي هذا، ولكن هذا ما يراه البعض. النقطة التي أهتم بها هنا هي أن الشرعية التي ينادي بها بعض أهل رابعة ليست باطلة تماماً، لأن الرئيس والبرلمان قد يكونوا وقعوا في أخطائهم عن جهل، وفي نفس الوقت هم فعلاً اختيار الأغلبية؛ وبالتالي، فشرعيتهم قد لا تكون باطلة تماماً، ولكني أوافقكم أنها شرعية ثانوية ومشروطة بتطبيق الشريعة؛ فتسقط عنهم حتماً في حالة التأكد من رفضهم لتطبيق الشريعة عن عمد وعلم؛ ولكن يجب قبل إسقاط شرعيتِهم التأكد من تعمدِهم وعلمِهم ببطلانِ وفسادِ ما يقومون به في حقِّ الشريعةِ الإسلامية.

هل كل هذا يعني أننا سنقطع يد السارق ونجلد الزاني من أول يوم، وغيرها من الاسطوانات التي يرددها الإعلام الإسلاموفوبي أو الكاره للإسلام؟  هذا يدخل في تفاصيل وشروط تطبيق أي شرع من شرائع الله، وهذه التفاصيل وهذا النوع من العمق في الشريعة ليس قضيتَنا؛ بل إن قضيتَنا هي مصيبة أننا نكفر ونشرك بالله إن لم نعترف بفرضية تطبيق أوامر الله، قوانين الله، شرائع الله. مرة أخرى، أي شخص يكفر ويشرك بالله إن لم يطبق قوانينَ الله ويعترف بفرضيتها. وبالنسبة لهذه التفاصيل، فلن نكون أبداً أرحمَ على الناسِ من الله، لن نكون أبداً أعلم بما ينفع الناسَ ويناسبهم أكثر من اللهِ سبحانه وتعالى. وليس للدخول في التفاصيل الآن، ولكن لإعطاء مثال سريع لإثبات أن هناك مساحة لمناقشة التفاصيل لاحقاً بالمنطق وبما يطمئن قلبَ أيِ إنسانٍ قد يكون عنده القليلُ من الشكِّ نتيجة قلةِ العلم، مثلاً، حد السرقة لا يطبق على من سرق لسدِّ جوعِه أو لحاجةٍ ملحةٍ تعني الفرقَ بين الحياةِ والموت. بمعنى آخر، عدم تطبيق حدٍّ ما أحيانا يَعني ببساطة تطبيقَ الشريعة، لأن الشريعة هي التي تحدد حكماً آخر في هذا الموقف. أكرر، عدم تطبيق حدٍّ ما أحيانا يَعني تطبيقَ الشريعة، لأن الشريعة هي التي تحدد حكماً آخر في هذا الموقف. وكما ذكرت، الدخولُ في هذه التفاصيلِ والجدلُ فيها ليس قضيتَنا اليوم إطلاقاً؛ وإنما قضيتَنا هي إثباتُ الأهميةِ القصوى لتطبيقِ قوانين الله، والمطالبة بها؛ والاعتراف بأن أكثر الآلياتِ الديمقراطية، أو أساليبِ العملِ السياسي حالياً، والتي انخرط فيها الإسلاميون أنفسُهم في حكومةِ ما بعد الثورة، هي آليات أو أساليب مخالفة لدين الله، ولا يرضى اللهُ عنها؛ ويكاد يقسم الكثيرُ أن هذه المخالفاتِ هي أسبابُ تخلي اللهِ عنا في المرحلة السابقة وعودتِنا إلى الذلِّ والمهانةِ والقتلِ والتعذيب. وبالتالي، فلا عزةُ لنا، ولا عودةٌ إلى التمكينِ للمشروع الإسلامي إلا إذا كان فعلاً إسلامياً وفعلاً يرضي الله. ولن يكونُ المشروعُ الإسلاميُّ بالفعل إسلامياً إلا إذا طَبَّقَ قوانينَ الإسلامِ من أولِ يومٍ في السلطةِ والحكم.

وفي النهاية، ألخص رسالتي في دعوةِ كلِّ المصريين المسلمين، من يحبون الله ورسولَه والإسلام، حباً حقيقياً، سواءاً كانوا إخوان أو سلفيين، وطنيين أو مؤيدين للنظام السابق، عسكريين أو مؤيدين للجيش المصري من باب الوطنية، طالما أنتم تحبون الله ورسوله والإسلام فوق أي شيء، فتعالوا إلى كلمةٍ سواء، لا نشخصن، لا نتبع أي شخص أو أشخاص، سواءا رئيساً أو قائدَ جيش، حزباً سياسياً أو جنوداً، تعالوا نتبعد تماماً عن الشخصنة أو تأييدِ أي أشخاص؛ وتعالوا لننصر الله، ولا أحدَ غيرَ الله. تعالوا لنُحَكِّم الله ورسولَه علينا؛ كيف؟ بتحكيم القرآنِ والسنةِ علينا. كيف؟ بتحكيم شريعةِ الله علينا، قوانينِ الله. تعالوا كلنا نجتمع على هذا، ونعاهد بعضَنا على هذا، ولا شيء غير هذا. فننظر من سيؤيدنا في قضيتِنا هذه، ومن سيحاربنا. ونحن بالفعل جربنا أحزاباً إسلامية أقنعتنا أنها ستطبق قوانينَ الله، ولكن أثبتت التجرُبةُ أنهم اتبعوا آلياتٍ وسياساتٍ فاسدةً وغيرَ شرعية، أيْ طرقاً وسياساتٍ مخالفةً للشريعةِ وتستبدلها بالقوانينِ الوضعيةِ في بعض الأمور؛ ورأينا بأنفسنا فشلَ هذا الطريقِ وإذلالَ اللهِ للكثيرِ منا بسبِبه؛ فبإذن اللهِ لن نقع في نفسِ الفخِّ مرة أخرى، ولن نسمح لأيِّ حزبٍ أو رئيسٍ أن يخدعنا نفسَ الخدعةِ مرةً أخرى. هذه المرة، إما آليات وسياسات تطبق قوانينَ اللهِ بحذافيرِها، ومن أولِ يوم...وإما الثورة مستمرة. ودعوتي لكل من يقتنع برسالتي هذه، هي أن يوحدَ الصفَّ تحت شعارِ رابعة وفي مظاهراتِ رابعة، مع دعوةِ الناسِ باستمرارٍ إلى التخلي عن شعاراتِ الشرعية، واستبدالِها بشعاراتِ الشريعة، ومع التماسِ العذرِ لأي مجموعات من الناس لا تقتنع بهذه الرسالة، والاستمرار في توحيدِ الصفِّ معهم. لماذا نعذرهم مؤقتاً ونوحد الصفَّ معهم؟ لأني رسالتي ليست ’لا للشرعية، ونعم للشريعة‘؛ بل أقول: الشريعة فوق الشرعية، ولا شرعية بدون الشريعة؛ أي أن شرعيةَ القائدِ أو الرئيسِ المستمدةَ من اختيارِ أغلبيةِ الشعب هي شرعيةٌ مؤقتةٌ وثانويةٌ ومشروطةٌ بتطبيقِ الشريعة؛ فنعم، لها وزن وأهمية، ولكن هذه الشرعية لا يمكن الاحتفاظ بها إلا بالشريعة. وبالتالي، يمكننا أن نعذر من منعته العاطفة أو قلة العلم عن الاقتناع برسالتنا في المرحلة الحالية، ويمكننا أن نوحد الصفَّ معهم على أية حال في هذه المرحلة، مع التركيز على رسالتنا والاستمرار في الدعوة إليها: الشريعة فوق الشرعية، ولا شرعية بدون الشريعة.

—ياسين ركه

ملحوظة: من أراد أن يسمع ويرى الأدلة على منطقيةِ وعدالةِ وصحةِ تطبيق الشريعة، كاملةً ومن أول يوم، وحتمية تطبيق الشريعة للاحتفاظ بإسلامنا نفسه، فليستثمر وقته لمشاهدة سلسلة «نصرةً للشريعة» للدكتور إياد قنيبي.

الأربعاء، أكتوبر 2

عز عبد الرؤوف: البرنامج مش برنامج

«البرنامج مش برنامج» حلْقات تكشف للمشاهد بطريقة راقية ومهذبة تناقضات وحقائق برنامج «البرنامج» مع التضليل الإعلامي الذي يمارسه الإعلامي الساخر باسم يوسف. فكرة وتقديم وإنتاج عز عبد الرؤوف.

—ياسين ركه

الأحد، سبتمبر 29

ردي على معارض للإخوان معتدل بعض الشيء

انت بتزعم إنك مش بتتفرج على أي إعلام، كويس؟ طيّب، جبت منين كل الأسطاير والأكاذيب اللي بتكتبها دي؟ سواء أساطير اغتيالات الإخوان وحريق القاهرة أو فشل مرسي الكامل ده؟ جبت الكلام ده منين؟ اخترعته انت من عندك، أم فيه مصدر إعلامي، سواء شاشة تليفزيون أو شاشة كمبيوتر جبت منها الأساطير دي؟

زي ما انت شايف، انت كلامك نفسه متناقض. وأغلبيته العظمى لا يستحق الرد أصلاً، لأن الرد يكون على كلام يمكن دحضه بالأدلة أو بالمنطق؛ لكن لما ييجي واحد ويقولك الحزب السياسي كذا بيقوم باغتيالات وحرق البلد وفاشل في كل شيء، فهذا هراء لا يستحق أي وقت أو كلام فيه.

وكونك مؤمن إن السيسي عمل إنجاز لما مشَّى مرسي والأمور دلوقتي أحسن، بدل ما كانت من سيء إلى أسوأ، برضو يناقض أول جملة كتبتها: ’بص يا ياسين انا الحمدلله اولا مش بتفرج على اى اعلام ولا منحاز لطرف ضد طرف‘. زي ما انت شايف، انت يا إما كذاب، يا إما عقلك ضاع وبقيت مش دريان بكلامك المتناقض. وغير كده، يعني إيه قائد جيش ’يِمَشِّي‘ رئيس دولة بالعافية؟! هِيّ السلطة دي سبهللة كده، مفيش قواعد ودستور وقوانين، سواء قواعد ديمقراطية أو قوانين إسلامية؟! منين بتحاول تكون عقلاني ومحايد في الأمور الغير واضحة أو ثابته، ومنين فشلت في الاعتراف بأبسط قواعد الديمقراطية، دعك من الإسلام والشرعية!

ودليل آخر على إنك فقدت العقل هو إنك بتساوي بين جرائم حرب وبين الشتيمة! قمة السفه عندما يكون هذا رأي أو فكر شخص ما. أنا في الفيديو بأقول هل عشان خصمنا بيقوم بجرائم حرب، يبقى إحنا نتجرد من الإنسانية نفسها تماما كده؟ مال ده بالشتيمة؟ هل الشتيمة، أو بمعنى أدق، الرد على الشتيمة، يعتبر تجرد من الإنسانية؟ انت مسكين، من ملايين الناس في العالم النهارده اللي مش عارفين يربطوا ما بين الأمور والأفكار. أنا في الفيديو بتاعي مش بأتكلم أصلاً عن الإسلام أو الدين بقدر ما أنا بأتكلم عن أبسط معاني الإنسانية. فكوني بأشتم اللي بيشتمني هذا لا يناقض ما ذكرته عن أنه حتى وإن كان خصمنا أو عدونا متجرداً من الإنسانية، فهذا ليس معناه أن نقلده أو نفعل مثله. تيجي انت تاخد المبدأ ده وتطبقه على شيء زي الشتيمة والرد على الشتيمة؟ هذه مغالطة عميقة، وتكاد تكون سفهاً وسوء فهم يرثى له لرسالتي في الفيديو.

وحلوه قوي ما تصدقش غير اللي بتشوفه بعينك. كتبت انت: ’انا واخد قرار من الاول انا لا هصدق اى فيدييو ولا اى صوره سواء لمؤيدى مرسى او مؤيدى السيسى لان كله بيتلعب فيه وكله ممكن يبقى صدق وممكن يبقى كدب فانا بتقى شر الفتنه واختار انى ماصدقش غير اللى اشوفه بعينى‘. ده على أساس إنك شوفت الأساطير اللي اتكلمت عليها في بداية تعليقاتك بعينك! على أساس إنك شوفت فشل مرسي، كرئيس دولة، وانت قاعد عندكم في الشارع بتاعكم...بعينك! تناقض آخر. يا ترى هل انت حتراجع نفسك عشان تثبت إنك فعلا عقلاني ومحايد خالص كده، أم حتقعد عندك تبرر وتبحث عن طريقة تدافع بيها عن نفسك وتحسن صورتك؟ اللي أعرفه إن الاعتراف بالحق فضيلة؛ وإن الإنسان المحترم لما تُقام عليه الحُجّة، بيراجع نفسه. لكن المغسول مخيّا بقه...هُوَّ اللي يكابر ويبرر بطرق غير منطقية ليساند المنطق الفاسد أو التناقض الذي صدر منه بالفعل من قبل.

ونشكرك على عدم النزول يوم ٣٠ يونيو وعدم التفويض. ده عامة حاجة في صالحك وسجلك تفتخر بيها على الأقل.

والدكتور محمد مرسي غلط في أمور، وهُوَّ أصلاً اعترف بذلك في خطابه الأخير لما كان لسه في منصبه. ممكن تسمع الخطاب كله كامل، سواء في نصف الوقت أو في الوقت الأصلي بتاعه، من على قناتي على يوتيوب. وتشوف بنفسك إن الراجل اعترف بالأخطاء، وحدد بعضها. لكن كل هذا لا يعني أن يُعزل بالقوة من منصبه؛ من جاء بالصندوق، لا يرحل إلا بالصندوق.

وإحنا لما أيدنا مرسي مكانش لينا حق؟ كان المفروض نسيبها لأحمد شفيق مثلاً؟ انت مش شوفت بنفسك عملوا إيه في المرشحين الإسلاميين؟

أنا لا يضايقني طول الكلام، طالما هناك فائدة فيما يقال. لكن ما يضايق هو التناقض والمنطق الفاسد والكِبر والانتصار للنفس بدلاً من الانتصار للحق، واتخاذ القرارت والآراء بناءا على عواطف (مثل عاطفة ’اصله مستفز قوي‘) بدلاً من أن يكون بناءاً على مبادئ وأفكار وحقائق موثقة.

أما عن الشتيمة وخلق الرسول، فلا أنا ولا أنت رسول، ولن نكون ولو واحد على مائة من الرسول عليه الصلاة والسلام. فكل ما نأمل فيه هو أن نقلد ما نستطيع من خلقه عليه الصلاة والسلام. بعد ذلك، ما أفعله أنا ليس محسوباً لا على الإخوان—لأني لست في الجماعة، ولا على الإسلام أو التيار الإسلامي، لأني لا أمثل لا الإسلام ولا التيار الإسلامي. كل ما أمثله هو نفسي وشخصيتي؛ وأنا شخص لا أسكت على الشتيمة، إلا إذا كانت فحشاً في القول، فوقتها أسكت وأقوم بحظر الفاحش الذي كتب الكلام؛ أما فيما عدى هذا، فأنا أرد على الشاتمين وأشتمهم وأسخر منهم وأحقر من شأنهم. وفي النهاية، لي شرف أني لا أبدأ، والبادئ هو الأظلم.

أما عن مخاطبة الناس بالتي هي أحسن، فهذا لا أعطيه لكل الناس، بل أختار من أعامله بالحسنى. أنت مثلاً لست متفاحشاً في القول، ولم يصدر منك هجوم، ولهذا فلم أسخر منك ولم أسبّك، ولكن وصفت بعض ما قلته بأنه سفه وأساطير؛ واستخدمت الكثير من التناقضات في كلامك في إثابت أنك قد تكون فقدت العقل. هذا كل ما في الأمر؛ بعد ذلك، فلم أسخر منك أو أسبك. وهذا تعاملي مع شخص مثلك، وهو تعامل مختلف تماماً مع أي حقير من مؤيدي السيسي ممن يأتون هنا فيسبون بأقذر الألفاظ؛ وهو أيضاً مختلف عن المعاملة الحسنة المتأدبة التي أتعامل بها مع الناس العقلاء والمحترمين الذين يستحقون مني الاحترام والمعاملة الحسنة. يعني باختصار، أنا لا أوزع الحسنى على كل الناس مجاناً، وإنما أختار من أعطيهم هذه المعاملة؛ وهذا لا يعيبني في شيء، وأنا لن أكون ولو ذرة في بحر رسولنا (ص) الذي بعث رحمة للعالمين.

وصح، في ناس كثير بيبقم فاكرين إنهم على حق، وفي الآخر بيكتشفوا إنهم كانوا غلط؛ وده حصل لي أنا شخصياً نتيجة للنسيان أو السهو. ولكن لا يُعقل أبداً إن الملايين اللي رافعين شعار رابعة، ومنهم كثير علماء ومشايخ وخطباء وحفظة قرآن وحديث وعلماء علوم كونية وأكاديميين وأطباء ومهندسين وقانونيين واقتصاديين، و...و...لا يعقل أبداً إن كووووول دُول غلط، والناس اللي بتيجي عندي تكتب كلام لا يمت بصلة للعقل أو المنطق يكونوا صح. لا يمكن أبداً يعني. أنا لم أصل إلى قناعتي اليوم في يوم وليلة، وإنما الموضوع أخذ مني متابعة وقراءة وتفكر وتحليل خلال السنتين الأخيرتين بعد الثورة؛ وأخذ مني رصد ومتابعة للفريق الذي يؤيد السيسي والانقلاب، وللفريق الآخر. أنا لا يوجد عندي أدنى شك اليوم من مئات الشواهد والأدلة الدامغة أنهم على باطل وأننا على حق. الحلال بيّن والحرام بيّن؛ والحق واضح أبلج لمن فقه وعقل!

—ياسين ركه

الخميس، سبتمبر 26

عن شروط الثوريين الغير إسلاميين للانضمام لرابعة

يشترط بعض الثوريين الغير إسلاميين، مثل الاشتراكيين والليبراليين وغيرهم، أن تتوقف ثورة رابعة عن المطالبة بعودة مُرسي أو الحديث عن شرعيته، حتى يقتنعوا بالانضمام إلى صفوف الثورة الحالية، تحت شعار رابعة. وهذا لعدم اقتناعهم لا بمرسي ولا بالإخوان في نظام الحكم. ومع أنني أحترم تماما حقهم في معارضة مرسي وحزب الحرية والعدالة، وأحترم حقهم في عدم تأييده، إلا أنني في نفس الوقت...

لا أوافق على اقتراح هؤلاء الثوريين، بدون تجريح أو معاداة لهم على الإطلاق. المسألة من منظوري لها شقّان: شق يتعلق بالمبدأ، وشق يتعلق بالدين.

أولاً، إن وضعنا الدين جانباً أصلاً (لو تجرئنا على هذا)، لكان مبدأ الديمقراطية نفسه ضد اقتراح هؤلاء الثوريين. لماذا؟ لأن الديمقراطية نفسها تم اغتيالها بهذا الانقلاب العسكري. يا سادة، من أتى بالصندوق لا يرحل إلا بالصندوق! يعني مثلاً، شاركوا واشترطوا أن يتم تنظيم استفتاء شعبي عاجل في الصندوق في مسألة بقاء مرسي من عدمه؛ أنا أقبل تماماً مثل هذا الاقتراح أو الشرط. ولكن وقتها أن تستفتي الشعب في الصندوق في مسألة بقاء الرئيس كما هو في منصبه (يعني الأول لابد أن يرجع إلى منصبه هذا وهو حقه الديمقراطي—دعك من مصطلح الشرعية)، ثم نسأل الشعب ماذا يريد، يبقى الرجل أم يرحل وننظم انتخابات رئاسية عاجلة؟

باختصار، الديمقراطية نفسها تدحض هذا الطلب لهؤلاء الثوريين.

ثانياً، من المنظور الديني أو الإسلامي، خاصة بالنسبة لي شخصياً، أنا أصلاً لي شرف عدم الاقتناع بثورة يناير من البداية، وإحساسي أن شرارتها—وخاصة توقيتها—كان أجنبياً وليس محلياً؛ يعني من اختار التوقيت لم يكن المصريون؛ وهذا إيماني بما قمت به من أبحاث ودراسة وقتها؛ ولي الشرف الأكثر في اقتناعي وإيماني بالامتداد الحالي للثورة، بثورة رابعة، أو الثورة التي ترفع شعار رابعة. وبعيداً عن نظريات المؤامرة التي قد لا تروق للبعض، عندي أسباب أخرى دينية لعدم اقتناعي بثورة يناير (وإن كنت قد سلمت للأمر الواقع بعدها وشاركت فيها دفاعاً عن الدماء التي تم إراقتها على الأقل)، واقتناعي بثورة رابعة؛ وهذه الأسباب تتلخص في أن نوايا معظم ثوار يناير كانت نوايا دنيوية عالمانية، ولا نحتاج إلى دليل على هذا أكثر من شعار الثورة الرئيسي: عيش، حرية، عدالة اجتماعية. يعني خذ بالك من المصطلحات نفسها، بالذات عدالة اجتماعية، مصطلحات يجتهد واضعوها اجتهاداً عميقاً في أن تكون عالمانية، فتفصل الدين عن المجهود، تفصل الدين عن الثورة. وقتها بعض الناس، ومنهم مسلمون كثيرون، كانوا مقتنعون بجدوى أو نفع هذا الأسلوب، بحجة توحيد الصف والكلمة وبقية هذه الاسطوانة. ولكن لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ ومن ابتغى رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس، ومن ابتغى رضا الله بسخط الناس، رضي الله عليه وأرضى عنه الناس. وشعارات ونوايا معظم ثوار رابعة اليوم هي أقرب لإرضاء الله من ثورة يناير بكثير؛ معظم ثوار رابعة يؤمنون أنهم يدافعون عن الإسلام السياسي نفسه، عن بقاء الإسلامي السياسي الحقيقي (بعيداً عن تزوير وتحوير حزب الزور بقياداته الفاسدة والتي يتبرأ منها الكثير من السلفيين الأخيار أنفسهم)؛ ويدافعون عن بقاء الشريعة، أو القوانين الإسلامية في الدستور المصري (وما يحدث في الدستور الحالي من ’بانجو‘ خير شاهد أنهم قد يكونون فعلاً على حق). يعني معظم ثوار رابعة قلوبهم مليئة بشعار ’هي لله‘، ومسألة رجوع مرسي إلى منصبه ليست لشخص مرسي وليست للإخوان، بل هي لأن هذا هو الحق، ولأن من جاء بالصندوق، لا يرحل إلا به. ولكن في النهاية، قلب القضية بالنسبة لمعظم ثوار رابعة في هاتين الكلمتين: هي لله.

وكما ذكرت، أنا لي شرف تأييد هذه الثورة من كل قلبي، واقتناعي بها. بالذات لأن النية قد تم إصلاحها. فإن دخل هؤلاء الثوريون الاشتراكيون وغيرهم في صفوفنا بشروط مثل هذه، فهذا يخفي خلفه أيضاً نوايا لا تمت بأي صلة لشعار ’هي لله‘؛ فهي عندهم ليست لله، بل لنظام اشتراكي أو ليبرالي أو ما شابه. فلا أهلاً، ولا سهلاً بمثل هذه النوايا. والله الغني، كما نقول؛ أو بمعنى أصح، حسبنا الله، ونعم الوكيل. وأنا أعني الكلمة بدون معاداة، أعني العربية الفصحى في الكلمات، وليس المعنى العامي الدارج؛ فإن مؤيدي السيسي أنفسهم يقولون ’حسبي الله ونعم الوكيل‘ كثيرا، وهم كاذبون. أما أنا الآن فأقولها وأعنيها؛ حسبنا الله، أي الله يكفينا؛ ونعم الوكيل، أي ونعم الله كالطرف الوحيد الذي نتوكل عليه.

وفي النهاية، المختصر المفيد هو أنه يوجد عندنا سبب ديمقراطي وسبب ديني لعدم الانصياع لطلبات هؤلاء الثوريين، مع كامل المودة لهم كأبناء وطن واحد. ولكن لا تنازلات في حق ديمقراطي، ونية دينية لإنقاذ الإسلام السياسي من أنياب العالمانية في الوطن.

—ياسين ركه

الأربعاء، سبتمبر 25

كيف يفكر مؤيدو السيسي والعسكر؟

أمثلة من تعليقات مؤيدي السيسي ولاحسي #البيادة على صورة لبعض معتقلي #كرداسة بآثار تعذيب وضرب على وجوههم؛ كي يعرف الجميع كيف يفكر هؤلاء، ومنهم من يتشدق بوسطية إسلامه (بعض التعليقات مني بين أقواس):

كمال موسى دعدور
مع اننا لاتقر هذا الاسلوب ولكن هؤلاء الخوارج يجب ات يقتلوا أو يصلبوا وتقطع ايديهم وارجلهم من خلاف

[خد بالك إنه ’لا يقر هذا الأسلوب‘، ولكن في نفس الوقت ’يجب‘ أن تقطع أجسامهم تقطيعاً. واخد بالك معايا من المنطق؟ موضوع عدى مرحلة التناقض أصلاً]

Abo Omar
يا راااااجل ده اقل واجب يتعمل مع الاشكال ديه دول انضربوا بالايد مع انهم يستحقوا ينضربوا بالنار

Ahmed Mohamed Toema
دي آثار النضافه ... بتنضف

Mohamed Wahid
ان شاء الله تتنفخوا يا أرهابيين يا ولاد الكلاب يا دقون قذرة و عقول حيوانات ياااااااااااااااااا خرفان متأسلميين

[واخد بالك من كم الكراهية العمياء العميقة؟ بئر مالوش قرار من الكراهية والبغضاء اللي تعدت كراهية الصهاينة بمراحل، كإنهم بيتكلموا عن شياطين أو ضباط أمريكان في جوانتانامو كانوا بيعذبوا أهلهم مثلا]

Roka Zegof
لالالالالاعيب كان لازم يديهم كاب كيك وكورواسون جاتكم نيلة ماليتم البلد

Shiref Abo El Dahab
دي اشكال لازم يتعمل فيها أكتر من كده دي ناس إرهابيه ولاد وسخه ولسه الشرطه هاتطهر إماره كرداسه من الإرهابيين الأوساخ

[شريف، صاحب التعليق أعلاه، حاطط صورة غلاف صفحته بجملة ’محمد رسول الله‘ بالبنط العريض]

Walid Mahmoud
انا مش شايف أي آثار تعذيب وبعدين الحاجات البسيطه اللي باينه عليهم دي اقل واجب لناس ارهابيين ماسكين سلاح ومحتلين كرداسه يعني عاوزين الشرطه تدخل تبوسهم وتديهم جوايز ايه الاستعباط ده ؟؟؟

[وليد صورة غلاف صفحته مكتوب عليها: ’واثقون بنصر الله. ألا إن نصر الله قريب‘. خد بالك إنه مش شايف أي آثار تعذيب، وفي نفس الوقت، شايف آثار ’حاجات بسيطة‘ وشايف إن الحاجات البسيطة دي أقل واجب لناس كذا كذا. المواطن وليد شايف إن التعذيب ’البسيط‘ أقل حاجة ممكن تتعمل...شيء عادي القيام بيه في الدولة يعني. Business as usual]

Fadel Hassan Elkady
حوش الدم اللي نازل علي صدرهم ،،، عايزين حد يتبرع بسرعه بالدم الشان نلحق النزيف ( يا أولاد القراميط )

[فاضل ما ينفعش يقتنع إن حصل تعذيب إلا لو شاف دم كثير نازل على صدرهم، نزيف يحتاج لتبرع دم.]

يكفي أصلاً قراءة تعليقات مؤيدي السيسي والعسكر، كي يطمئن قلب من تبقى فيه عقل وضمير أن الكفاح ضد هذا الانقلاب وهذه الدولة البوليسية هو طريق الحق. الحمد لله أن استخدم مثل هذه المخلوقات التي تجردت من كل معاني الإنسانية والحضارة كي يُطَمْئِن قلوبنا.

مصدر التعليقات:
https://www.facebook.com/photo.php?fbid=705859632776600

—ياسين ركه

متى يركب المنافقون موجة رابعة؟

صورة للمغني تامر حسني وهو يرفع إشارة ’أربعة‘ بيده؛ وهي مرتبطة ارتباط وثيق اليوم بمظاهرات «رابعة» في أنحاء مصر والعالم ضد الانقلاب العسكري والحكم العسكري.

يوجد خبر على موقع إيجي-ميديا دوت تي-في EgyMedia.tv، بتاريخ ٢٦ أغسطس ٢٠١٣، يقول أن نشطاء على فيسبوك تداولوا هذه الصورة. سخر بعضهم قائلا أن تامر حسني يؤيد الإخوان وشرعية الرئيس الدكتور محمد مرسي؛ وهو شيء لا يمكن تصديقه من مغني كان يؤيد ’أنكل شفيق‘ ومعروف بمساندته للنظام القديم منذ بداية الثورة. أكد بعض محبي المغني أن هذه الصورة قديمة.

هل قام تامر حسني نفسه بالتقاط هذه الصورة حديثاً وتسريبها من أجل إنعاش صيته وشهرته؟ سؤال يطرح نفسه في بعض الأذهان.

ولكن الموقف نفسه يذكرني بمقولة: ’في البداية يتجاهلونك، ثم يضحكون عليك، ثم يحاربونك، ثم تفوز.‘ وتذكرتها لأني أتوقع أنه مع استمرار مظاهرات «رابعة» وزيادة صيتها والتأييد لها، قد ’يركب‘ بعض أهل الفن والإعلام والصحافة في مصر الموجة كالعادة، كعادة المنافقين عديمي المبادئ، ليزيدوا من جماهيريتهم.

—ياسين ركه

الشعب لسه فاكر!

سحقا لحكم البيادة (الفلول)
وتبا للاعقي البيادة (مؤيدي الفلول)

الشعب لسه فاكر…الفلول عساكر!
الشعب لسه فاكر…أمن الدولة يا فاجر!

—ياسين ركه

الأحد، سبتمبر 22

عندما كدت أتقيأ من إحدى المسرحيات المصرية!

لم أشاهد فيلماً أو مسرحية عربية كاملة منذ سنوات عديدة، سوى فيلماً واحداً فقط، وهو «٦٧٨». منذ دقائق وأنا أشاهد بعض الفيديوهات الإخبارية على يوتيوب، وقعت عيني على فيديو لمسرحية ’طرائيعو‘ لمحمد هنيدي، فنقرت على الفيديو بفضول ووجدت أنه فيديو للمسرحية الكاملة.

تابعت ظهور الأسماء في البداية مع أغنية ورقص في الخلفية. وبدأت أشعر باستغراب متزايد وأنا أشاهد وأستمع لما يحدث؛ ما تراه عيني كان رقصاً يتشبه برقص الزار والدراويش المصري؛ كان فقط يتشبه به ولا يمثل رقص الدراويش الأصلي. وما تسمعه أذني كانت الكلمات التالية ’الله! الله! الله، الله، يا الله!‘. كل الراقصين على وجههم ابتسامة لا مبالاة وبهجة عريضة، وهم يرقصون مع الأغنية. وخرج ممثل وراقص بزي أراجوز أو زي مجنون بطرطور في مستشفى المجانين، فبدأ يجري في دوائر على المسرح كالأبله وبنفس الابتسامة العجيبة؛ بدأت أقلق بعض الشيء وأتوجس خيفة من التناقض ما بين كلمات الأغنية وما تسمعه أذني—من ذكر الله—على جانب، وما تراه عيني على الجانب الآخر. ثم استمرت الأغنية في الخلفية، بطريقة غناء أو أداء للأغنية لا يمت بأي صلة للدعاء والكلمات، يكاد يكون فيه بهجة: ’يا الله نجّينا، نجّينا وأرؤف بينا، واهدينا للسكينة. نجينا من دار الزور، وانصفنا في دار النور. وابعد عنّا ال [...]، يا مغيث، يا مغيث.’ وعندما خرجت عدة راقصات مباشرة بعد هذه الكلمات، وهن يرتدين زي الرقص البلدي المصري، والذي يذكر المرء بكلمة الكاسيات العاريات...وصلت مشاعر التوجس والذهول عندي إلى درجة أني كدت أتقيأ! أقسم بالله أن بدني اقشعر وكدت أتقيّأ من فجور ما تراه عيني!

كيف وصل مستوى هؤلاء الناس إلى ربط مثل هذه الكلمات، دعاء مثل هذا، برقص على شاكلة ذلك، ويتبعه جمع من الكاسيات العاريات يهززن أجسادهن أمام الناس؟! كيف وصلوا إلى هذا؟ إني أكاد أجن من الذهول. لم أكن أعلم إطلاقاً أن بعض الفن في مصر وصل إلى هذا المستوى الذي كاد أن يكون كفراً وتجديفاً على الله واستهزاءاً به سبحانه وتعالى—أستغفر الله.

وقتها تذكرت الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي يستخدمه البعض لتحريم الآلات الموسيقية والعزف عليها، وأدركت المعنى الحتمي لكلمة ’معازف‘ التي تنبأ الرسول (ص) بأن أقواماً من أمته سوف يحللونها:

«ليشربن أناسٌ من أمتي الخمر، يسمّونها بغير اسمِها؛ ويُضرَب على رؤوسِهم بالمعازفِ والقينات، يخسف الله بهم الأرض، و يجعل منهم قردة وخنازير.»

الراوي: أبو مالك الأشعري | المحدث:السيوطي | المصدر: الجامع الصغير | الصفحة أو الرقم: ٧٧٠٦  | خلاصة حكم المحدث: صحيح

عندما رأيت هذا المشهد، أدركت معنى المعازف الذي كان يعنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم! لأنه حتى وإن كانت الموسيقى حراماً، يتعسّر عليّ أن أفهم لماذا يخسف الله الأرض بأناس يسمعون الموسيقى بدون شرب خمر وفي حالة ليس بها حرام متفق عليه؛ ولكن عندما تصبح ’المعازف‘ على هذا الشكل، يذكر في أغانيها اسم الله، بل وتردد فيها الأدعية إلى الله، وتخرج الراقصات فيها ليرقصن أمام الجموع الحاضرة، فنعم، أتفهم تماماً لماذا قد يخسف الله الأرض بمثل هؤلاء ويمسخهم قردة وخنازيراً!

وإذا كان غياب العقل والكفر والاستخفاف باسم الله وصل إلى هذا الحد في بعض الفن المصري، وإذا كان هذا النوع من الفن له شعبية أيضاً، فلا اندهاش من حال بعض المصريين اليوم الذين يكرهون الإسلام السياسي في نفس الوقت الذي يرددون فيه كلمات مثل ’حسبي الله ونعم الوكيل في الإخوان‘. هؤلاء الحاضرون، هؤلاء المشاهدون، هذه الجماهير هي من تصدع رؤوسنا يومياً بكلمة ’حسبي الله ونعم الوكيل فيكم يا متأسلمين‘؟! هم يظنون أنهم على شيء؛ يظنون أنهم مسلمين معتدلين؛ ولكن بعضهم قد يكون في طريقه إلى خسف الأرض به ومسخه قرداً أو خنزيراً...من هول وفجور ما يفعله ويقوله!

أسأل الله أن يحسن خواتيم من كان في قلبه خير، ولا زالت فطرته بها بعض السلامة.

—ياسين ركه

الجمعة، سبتمبر 20

دلائل إدانة أبو شبشب في قتل اللواء فراج في كرداسة

هذه الصور، زائد شهادة الطب الشرعي بأن سبب الوفاة كان استخدام سلاح عيار ٩ مم ضد اللواء فراج من مسافة حوالي نصف متر، تعتبر دلائل إدانة أبو شبشب في قتل اللواء.

هذا السلاح مع أبو شبشب ليس إم-بي-فايف MP5.

بل هو يو-إم-بي UMP.

نعم، هِكْلِر [وكُخ]، ولكن هِكْلِر وكُخ يو-إم-بي.

Heckler & Koch UMP

والعادي أو الشائع منه يستخدم عيار ٤٥، ولكن يوجد منه نسخة تستخدم عيار ٩ مم، كما هو موضح في الصورة التالية UMP9، وهي مطابقة تماماً للسلاح الذي يحمله أبو شبشب على ظهره.

طول ماسورة يو-إم-بي عيار ٤٥ حوالي ٢٠ سم، وكما ترى الفرق في الصور، نسخة اليو-إم-بي عيار ٩ مم طول ماسورتها أقصر قليلاً؛ يعني حوالي ١٥ سم مثلاً. تقرير الطب الشرعي قال أن الرصاصة تم إطلاقها من مسافة تساوي ماسورة السلاح مضروبة في ٣. وحوالي ١٥ سم في ٣ يساوي ٤٥ سم. أي حوالي نصف متر.

اللواء فراج قُتِل بطلقة عيار ٩ مم من على مسافة نصف متر. والصور والفيديوهات تدل على أن نوع السلاح المستخدم هو يو-إم-بي ٩ UMP9.

وهذا هو رابط ويكيبديا للسلاح الصحيح، يو-إم-بي:
http://en.wikipedia.org/wiki/Heckler_%26_Koch_UMP

وهذا رابط لنوع رصاص ٩ مم الذي يمكن استخدامه مع نسخة من النسخ الثلاثة لليو-إم-بي:
http://en.wikipedia.org/wiki/9%C3%9719mm_Parabellum

وهذا رابط الإم-بي-فايف:
http://en.wikipedia.org/wiki/Heckler_%26_Koch_MP5

—ياسين ركه

الثلاثاء، سبتمبر 17

غياب العقول نبوءة الرسول

الحمد لله، بعد طُول بحث وتساؤل، أخيراً وجدت ما يؤكد لي مسألة ضياع العقول، أو أن بعض الناس اليوم فعلاً لا عقول لها؛ مش سخرية أو تريقة أو شتيمة، وإنما حقيقة!

«إنّ بين يدَيِ الساعةِ لهرَجًا. قال: ’قلت: يا رسولَ اللهِ، ما الهرَجُ؟‘ قال: القتلُ. فقال بعضُ المسلمينَ: ’يا رسولَ اللهِ، إنا نقتُلُ الآن في العامِ الواحدِ من المشركينَ كذا وكذا‘. فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: ليس بقتلِ المشركين، ولكن يقتُلُ بعضُكم بعضًا؛ حتى يقتُلَ الرجلُ جارَهُ وابنَ عمهِ وذا قرابتِهِ. فقال بعضُ القومِ: ’يا رسولَ اللهِ، ومعَنا عُقولُنا ذلك اليومِ؟‘ فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: لا، تُنزَعُ عُقولُ أكثرِ ذلك الزمانِ ويَخلُفُ له هباءٌ من الناسِ لا عُقولَ لهم. ثم قال الأشعريُّ: ’وايمُ اللهِ إني لأظنُها مُدرِكَتي وإيَّاكم؛ وايمُ اللهِ ما لي ولكم منها مخرجٌ إن أدركَتنا فيما عهِد إلينا نبيُّنا—صلى الله عليه وسلم—إلا أن نخرجَ كما دخلنا فيها.»

الراوي: أبو موسى الأشعري عبد الله بن قيس | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح ابن ماجه — الصفحة أو الرقم: ٣٢١٣ | خلاصة حكم المحدث: صحيح

—ياسين ركه

الأحد، سبتمبر 8

نقاش دار بيني وبين مسلم مثقف يؤيد السيسي

هذا النقاش أحياناً تطرق من موضوع السيسي نفسه إلى مواضيع أخرى ذات صلة وثيقة وأخرى ذات صلة ثانوية بالخصومة الجارية بين العسكر بقياداته والمتظاهرين بتوجهاتهم المختلفة، سواء الإخوان أو غيرهم.

كتب ذلك الشخص، ولا أذكر اسمه حفاظاً على خصوصيته:

“رايي الشخصي وطبعا لن يعجبك هههههههه... انا اثق فى السيسي مع الوضع فى الاعتبار ادميته بمعني اني اتقبل خطأه مادام الغرض هو مصر ... استاذ ياسين .. اصلاح الدولة ابدا لن يكون بهدمها ... تيار اليمين السياسي امتلك الفرصة فاعتمد هدم الدولة ... دع عنك الاتهامات ببيع سينا وحلايب وما الي ذلك من الكلام المرسل ..مثال واقعي لهدم الدولة هو ما قام به مرسي من عفو رئاسي لاشخاص مدانون بجرائم قتل ... فان كان نظام مبارك لفق لهم القضايا فلتكن عاقلا وتعيد محاكمتهم .. اما ان تصدر عفوا .. فقد ضربت بالقانون عرض الحائط .. فلا تتوقع مني احترام قانون انت اهدرته .... هذا النظام كان اضعف من التطهير ورغم ذلك تصدر المشهد بالاكراه فى اغلب الاحيان ... ومظاهر ضعفه اعلنت مع اول ايامه .. بل مع اول قرار لمرسي ...اتذكر قرار عودة مجلس الشعب ... لا اناقش هنا صحته من عدمه ولكن اناقش نتائجه ... انقسام البلد نصفين متساويين يا سيدي ... ثم استمرت مظاهر ضعفه بان اكتسب عداوات كان فى غنى عنها مع معظم طوائف الشعب .. القضاء ... كيف يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ان القضاة ثلاثة قاضي فى الجنة واثنان فى النار..ومين ...ده قضاه بيحكموا بما انزل الله مش بقوانين وضعية ... ثم تاتي لتقول لي تطهير القضاء ااصدقك ام اصدق رسولي الكريم ...اذن فدعواك لتطهير القضاء باطله .. ومع ذلم تفشل فىها .. الاعلام ... الصحافة ... الشرطة ... القوات المسلحة ... لم يتركوا كيانا للدوله الا وعادوه باي صورة ..اذن انت تهدم كيانات قائمة لم تستطع تقديم بديلا لها يغنينا عنها”

بالعكس، مرسي لم يعادي الداخلية ولا الجيش على الإطلاق؛ بل أصلاً مما ألومه على مرسي هو أنه صدعنا باسطوانة الجيش والحكومة إيد واحدة، والداخلية في انسجام تام مع الحكومة، وأهو الجيش إداله الخازوق التمام (عفواً في اللفظ) والداخلية بتدينا كلنا خوازيق النهارده. واسمع بعض خطابات الرئيس مرسي، حتلاقيه بيشكر في الجيش والداخلية وبيتكلم كويس عنهم.

بل الكثير من الثوار والإخوانوفوبيين وحتى بعض المفكرين الإسلاميين أنفسهم صدعونا باسطوانة ’صفقات الإخوان‘ مع العسكر. يبقى منين كان مرسي أو الإخوان بيعادوا الجيش أو الداخلية، ومنين كان فيه صفقات ومرسي كان بيُصِرّ في كل خطاباته إن الجيش تمام والداخلية في انسجام؟

عايز بقه تعرف مين اللي كان العداء صادر منه، افتكر منظر البلاك-بلُك وهُمَّ بيقفلوا طريق الكورنيش في الإسكندرية، والداخلية مصدّره الطارشة ولا كإن فيه أجهزة أمن في الدولة؛ افتكر منظر البلطجية وهُمَّ بيحدفوا مولوتوف على قصر الرئاسة، بل ويحاولوا يقتحموا القصر بالبلدوزر (!)، ومنظر ٦ إبريل وهُمَّ بيعلقوا رأس خروف مذبوح على بوابة قصر الرئاسة (!)، وكل ده والداخلية برضو مصدرة الطارشة، ولا كإن فيه دولة ليها هيبة ولا أجهزة أمن. شيء مخزي يعني. فدي أجهزة أمن لو كان عندها دم وضمير وإنصاف، لكانوا ردوا للحكومة كرامتها وحموا هيبتها من الإسفاف والوقاحة والإجرام ده. يبقى مين اللي كان بيعادي بس؟

وأظن إن موضوع العفو عن المعتقلين السياسيين ده لم يحدث إلا في حالات انعدام الأدلة. يعني في الحالات اللي كان المعقتل فيها دخل السجن بدون أصلاً محاكمة ولا أي أدلة، تم العفو عنهم لعدم تواجد أدلة إدانة (نعمل بيها أصلاً محاكمة أولى...مش ثانية! فاهمني؟). وبالفعل تم إعادة محاكمة البعض الآخر، لأني أتذكر قراءة خبر عن هذه المحاكمات.

أما عن هدم الدولة، فلا يوجد من ينادي بهدم الدولة في أي جهة كبيرة رسمية أو في صفوف متظاهري رابعة مثلاً. من عمل على هدم الدولة هو من عمل على هدم ديمقراطية الدولة، وبالتالي هدم الدولة. بذمتك يا أخي، وبضميرك الحيّ...أجب على هذا السؤال البسيط: لماذا لم يتم عمل استفتاء على رئاسة مرسي أو انتخابات رئاسة عاجلة بدلاً من خلع مرسي بالقوة؟

فيه إشاعة بتقولّك هُوَّ رفض. وهُوَّ أصلاً لم يصدر منه أي تصريح رسمي يقول كده. وهُوَّ النهارده مش موجود عشان يدافع عن نفسه، ولا فيه محاكمة عامة ليه تُعرض أمام الرأي العام على التليفزيون في حضور محامي له، كي يسمع الشعب أي تهم موجهة له ويسمع ماذا رفض مرسي وماذا قبل. لماذا لا يوجد محاكمة عامة تُبَث على الهواء على شاشات التليفزيون لرئيس مصر الذي خلعه العسكر؟ ولماذا خلعوه أصلاً بدلاً من إجراء انتخابات أو استفتاء ديمقراطي (ولو غصب عنه لو مش عايز!)؟

معلش يعني، خانك حكمك وانت بتثق في السيسي، وهُوَّ أصلاً اللي قتل الديمقراطية في مصر قبل ما يقتل أي مواطنين عزل. إحنا ما صدقنا يبقى فيه تدوال ديمقراطي للسلطة في بلدنا بانتخابات حقيقية وحملات انتخابية حقيقية ومرشحين حقيقيين من كل الاتجاهات (حتى من الفلول أو أعضاء النظام السابق مثل موسى وشفيق!). يقوم هُوَّ بعد كل ده، وبعد كل التضحيات والدم، بجرة دبابة كده يقتل الديمقراطية في أسبوع واحد؟! ثقة إيه بس اللي تضعها في قيادي مثل هذا؟ إنه قاتل للتداول السلمي للسلطة، وقاتل للديمقراطية في مصر، قبل أن يكون قاتلاً لأرواح.

“يا استاذي المعفو عنهم مدانوان باحكام نهائية وليسوا معتقلين ولم تعاد محاكمة احد ... اما ان خطابات مرسي ما كانتش ضد الجيش والداخلية فده صحيح تماما .. لكنه اطلق رجال جماعته عليهم .. خصوصا وقت موضوع الاتحادية ههههههه... وطبعا هما كانوا متخاذلين فى ديه مش هاكدب على نفسي ... اما انه ما رفضش الاستفتاء فطبعا اخر خطابين ليه كان واضح معناهم انه دمه ودم عشيرته فداء للشرعية .... نيجي بقى للديمقراطية وللشرعية ...قبل اي كلام عن التداول الديمقراطي للسلطة .. اذكرك بتصريحات اعضاء تيار اليمين بالكامل وعلى راسهم المرشد السابق اننا وصلنا للحكم ومش هانسيبه ولا بعد 500 سنة .. تصريح زي ده يرعبني طبعا ... مع زيادة المعارضة ودعوات انتخابات رئاسية مبكرة قالوا ايه ... فاضل سبع سنين لمرسي .. وثمان سنين لابو اسماعيل ... يعني حسم لنتايج تلات انتخابات رئاسية قادمة ... لازم طبعا اخاف من كلامهم ده ومش هاصبر عليهم لما ينفذوه ... اما عن الشرعية ... فلا يجوز الحديث عن شرعية شارك فيها وليد شرابي وحاتم بجاتو اللي الكل عارف هو طلع مناسب مين ... لا يجوز الحديث عن شرعية لم يتجرا مسئول واحد فى نظام حكم تيار اليمين فى طلب فتح تحقيق فى احداث المطابع الاميرية
لا يجوز الحديث عن شرعية استخدمت فيها منابر المساجد لتعلن صريحة ان من يخالفنا فهو فى النار ...هنا التزييف تزييف ارادة باستغلال الوازع الديني عند البسطاء ...وعندي امثله حقيقية كثيرة ان اردت سردتها لك بالاسماء .... اذن والحالة هذه .. وصوتي فى كل الاحوال مهدور ... والتزييف له من الصور ما تخجل الشايطين نفسها من استخدامه .. فلنترك الامر لمن يقدر عليه ..... حتما يا سيدي سنحارب .. وحتما المواجهة قادمة وليست بعيدة ابدا .. مادام الامر هكذا ..فامير الجيوش هو الاولى بالطاعة وان اخذ مالي وان جلد ظهري .. وذنبي فى رقبته ان ظلمني .. اما ان اتحمل ذنب امه فى رقبتي بان اعادي جيشا هو الاخير الذي يمكنه مواجهة اليهود واحقق لهم مخطط الهلال النظيف بعد هدم جيش العراق وتخريب جيش سوريا قهذا ذنب لا اطيق ان اقابل الله به يا سيدي ...”

موضوع تصريح المرشد بإن الإخوان مش حيسيبوا الحكم ولا بعد ٥٠٠ سنة ده تلفيق وإشاعة رسمي. بُص، أنا في تعاملي مع أي خبر، بأطالب بالدليل، حتى لو خبر ضد السيسي مثلاً؛ والدليل المقبول النهارده في عصر الفوتوشوب والأكاذيب والإشاعات اليومية ده هو حاجة من اثنين: إما فيديو يظهر فيه بوضوح التصريح أو الجريمة المتداول أخبارها؛ وإما منشور على صفحة رسمية تابعة للمتهم، يظهر عليها بوضوح أن المتهم في الإشاعة أو الخبر بالفعل قال أو كتب أو نشر ما يُقال عنه أنه قاله.

فهل سمعت بأذنك في فيديو المرشد بتاع الإخوان بيقول كده؟ إن كان، فأرجو أن تجد الفيديو وتعطيني الرابط؛ إن لم يكن، فأنا متأكد أنه خبر ملفق وإشاعة من مئات الإشاعات عن الإخوان والمرشد في ظل الإخوانوفوبيا التي نعيش فيها هذه الأيام.

وفي نفس الوقت، لا يجوز أن نلوم جماعة أو حزب سياسي إلا على ما يصدر منهم ومن أعضائهم هم شخصياً. يعني إذا طلع علينا أحد المشايخ، المحسوبين أصلاً على التيار الإسلامي، فقال كذا وكذا، سواء على منبر أو على شاشة قناة فضائية، طالما هذا الشيخ ليس إخوانياً وليس في حزب الحرية والعدالة، يبقى لا يجوز لأي عاقل أن يلوم الإخوان على سفاهات أي واحد بلحية عشوائي!

أما عن أمير جيشك المزعوم، فإذا كنت تتحدث عن الجيش المصري اليوم، فهذا جيش عالماني، يحظر عليك فيه اتباع سنة الرسول عليه الصلاة والسلام المؤكدة، وهي إطلاق اللحية، ونفس النظام ينطبق على الشرطة المصرية...كلها مؤسسات أمنية عالمانية لا تعمل على حماية مصر أو إرادة الشعب المصري بأغلبيته (وإلا لكانوا أصلاً أجروا استفتاءاً أو انتخابات لنرى بها جميعاً رأي أغلبية الشعب)، بل هي مؤسسات أمنية مصرية تعمل على حماية العالمانية في مصر. هذه هي الحقيقة التي يبدو أنك لا تراها. والدليل الثاني هو أن قائد الجيش الذي تفتخر به رتبته ليست ’أمير‘ أصلاً، بل رتبة عالمانية. فإن كنت تظن أنك تقابل الله حتماً بدون ذنب عظيم عندما تساند جيشاً عالمانياً بكل معاني وشواهد العالمانية، بل وتسانده ضد قسم من الشعب يطالب برجوع حكومة إسلامية منتخبة ديمقراطياً، فأنت تقود نفسك إلى تهلكة، وتستخدم أعجب الأسباب لتبرر لنفسك هذا! أي إسلام هذا الذي يدعو أي عاقل أو منصف أن يؤيد السيسي أو الجيش المصري اليوم؟ لا والله، ليس إسلاماً؛ بل هو فِكر ناتج عن التلاعب في الإسلام ومعالجة تعاليمه معالجة موجهة.

كان يمكنني أن أعذرك إن كنت محايداً، أما وأنك تؤيد السيسي، بل وتنعته بالإمارة، وتزعم أن جيشه جيش إسلامي، فهذا ضلال واضح وبيّن، وما بعده ضلال. بل إنه ضلال دمويّ، لأن يدل على استعدادك للانضمام إلى صفوفه في قتل المزيد من أهل التيار الإسلامي، واستفزازهم إلى حمل السلاح للمقاومة. وقد تظن أنهم بالفعل حملوا السلاح، ولكن هيهات هيهات أن تكونوا رأيتم مجاهدين حقيقيين في مصر بالسلاح! أنتم لم تروا أي شيء مثل هذا على الإطلاق حتى الآن. ومثل هذه التوجهات الفكرية هي ما تدفع بمصر إلى هاوية تكرار سيناريو سوريا وليبيا. والمشكلة هنا هي أن الجيش المصري العالماني لن يستطيع التغلب على مجاهدين إسلاميين يقاومون بالسلاح؛ بل إن الجيش سيتم تدميره بالفعل (وهذا في صالح إسرائيل بالتأكيد)، أو ستظل حرب الشوارع مثل سوريا...لسنوات تفتح شلالاً من الدماء في مصر، وقد ينتهي بتدخل أمريكي إسرائيلي ل ’إنقاذ‘ الموقف، نفس الحُجّة التي تستخدمها أمريكا اليوم للتدخل في سوريا.

“ليه كده خليك هادي زي ماكنت هههههههههه... شوف يا استاذ ياسين ..انت ناقشتني فى كذا حاجة وما رديتش على اي نقطة من نقاط تفنيد الشرعية التي ذكرتها لك ... واتهمتني بالضلال ... وده مش عتاب لاني اصلا مش زعلان من كلامك .. .اولا يا استاذي .انا لم انعت السيسي بالامارة يا سيدي هي وظيفته وافقت او رفضت ... وعلى فكره مرسي هو اللي عينه ههههههههه... شوف يا سيدي .. انا لا استطيع ان اخرج السيسي او اي احد من الملة ...فهو عندي مسلم يتراس جيشا مسلما فلا معنى للجدال فى هذه النقطة لان تصنيف حضرتك غير تصنيفي ...سيدنا على بن ابي طالب عندما سئل عن الخوارج الذين حاربوه هل هم كفار .. قال من الكفر فروا ...والقران الكريم قال وان فئتان من المؤمين اقتتلوا فاصلحوا بينهما فان بغت احداهما فقاتلوا التي تبغي .. فرغم البغي والقتل والدماء لم ينزع القران عن اي من الطائفتين صفة الايمان ناهيك عن الاسلام ... اما اني على استعداد ان اشارك السيسي فى قتل المسلمين فلن يحدث ان شاء الله لاني كبرت على التجنيد جدا هههههه.. اعني ان قلبي رافض قتل المسلمين ...كون السيسي تطرف وتسبب فى الدماء (هذا رايي فعلا ) فحسابه على الله وليس علي من حسابه شئ .. ولن يكون هذا معذرة ابدا لحمل السلاح فى مواجهته .. ليس لانه على صواب ولكن دراء لمزيد من الدماء وشرحت لك مقصدي قبلا ... اما وان الحالة وصلت للمواجهة الان فان من يحمل السلاح ضد جيش بلدي فهو عدو لبلدي وان كان مسلما ... يا سيدي ... لولي الامر حق اصيل فى القتل حدا ... فهل كل قرارات القتل حدا سليمه ... بالطبع لا ... ولكن حساب الولى هنا على الله وليس على ... وكما قلت لك .. السيسي ولي الجيوش .. قبلنا ذلك او رفضناه لن يغير من الامر شئيا ...وعلى فكرة ترك سنة مؤكدة كاطلاق اللحية لاينقص من اسلام المرء شيئا .. صحيح هو خسر اجر الاتباع لكنه مسلم .. ولا تنسي يا سيدي ان فى وصف الحبيب صلى الله عليه وسلم للمهدي انه سيأتي على هيئة الرووم ... الهيئة هنا قد تعني الملبس .. والمظهر من اللحية وخلافه ... وايضا قال صلى الله عليه وسلم عن المهدي ... يصلحه الله فى ليله ... ولا اعلام اصلاحا الا لفاسد .. لا اصف المهدي هنا بالفساد معاذ الله ولكن اقصد المعنى من انه قد لا يكون ملتزما دينيا مثلا ...فانظر قبل ان تصنف وان تحكم ....”

وأنا لم أقصد التكفير بنعتي للجيش بالعالمانية؛ حتى وإن كانت العالمانية نفسها كُفر، فهذا لا يعني أن أي شخص يعمل بها أو يؤمن بها، ولكن في نفس الوقت يوحد الله، يمكن أن يكون كافراً، لا. ولكن في نفس الوقت، ليس كل من تشدق بلا إله إلا الله لفظياً...مسلماً بحق. مثلاً، حتى وإن قال حاكم ما ’لا إله إلا الله‘، ولكن عندما يُطالب بتطبيق شريعة الله، لا يطبقها، فإن الله يقول في كتابه الكريم: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}—المائدة: ٤٤. هذا غير الأحاديث العديدة التي تعني أن من يفعل كذا وكذا، ليس منا...أي ليس من الجماعة، ليس من المسلمين. هل هذا يعني أنه كافر؟ لا، ليس بالضرورة. فمن فهمي للإسلام أدرك أن هناك مراتب في مسألة الانتساب إلى المسلمين أو الجماعة، ومراتب في مسألة التكفير أيضاً. ومعلوم أن الجيش المصري مليء بجنود مسلمين موحدين بالله، ولكن هل هذا يعني أن الجيش نفسه إسلامي؟ ليس بالضرورة، لا. لأن عقيدة الجيش المصري ليس عقيدة إسلامية، بدليل بسيط وهو معاداة الجيش لكل ما هو ديني داخل المؤسسة، بل وإلى مرحلة تحريم إطلاق اللحية! هل يجوز أن ننعت جيشاً مثل هذا أنه إسلامي؟ لا والله، لا يجوز. هل معنى هذا أنه كافر؟ لا، ليس هذا المقصود أيضاً. وإنما المقصود هو أن هذا ليس الجيش الذي يعتز به المسلم الغيور على دينه وأمته؛ وهذا ليس الجيش الذي سيهزم الصهاينة. إن كنت تقرأ في دينك جيداً، فأنت ستعرف هذا بالتأكيد؛ لأن الرايات السود تأتي من شرق شبه الجزيرة العربية أصلاً، حتى وإن انضم لهم بعد ذلك الكثير من العرب.

وباختصار، هذا جيش يستورد حتى مصطلحاته من أمريكا، وليس فقط عتاده وأسلحته! ’الحرب على الإرهاب‘ مصطلح أمريكي أصلاً، والمفترض أنك والأستاذ سامح تدركون هذا جيداً. ليس كافراً وليس المقصود التكفير، ولكنه ليس جيشاً إسلامياً بأي حال من الأحوال؛ وإن اعتدى على مسلمين بالسلاح، فالوقوف مع جيش مثل هذا حرام عند أي مسلم عاقل. ليس شرطاً أن تحمل السلاح للمقاومة إذا حدثت مقاومة مسلحة، أي ليس شرطاً أن تساند المقاومة المسلحة له كي تحتفظ بإسلامك خالصاً ونقياً، ولكنه شرط أن تتحدث ضد اعتداء مثل هذا الجيش على الأقل، وإن كنت محايداً بعد تلك النقطة، يكون شاهد حياديتك هو أنك لا تعين الطرف الآخر على الجيش ولن تلوم على الجيش على أي شيء في اللحظة التي يتوقف فيها عن العدوان المسلح.

ويبدو أنك تضع ’بلدك‘ قبل ’دينك‘ يا أستاذ خالد؛ فأنت تقول أن من يرفع السلاح ضد جيش بلدك يكون عدو بلدك وإن كان مسلماً. والطريف في الأمر هو أن ردي بابتسامة هو: تمام، مفيش مشاكل. هُوَّ ساعتها فعلاً عدو بلدك، وفي سياق كلامنا، هو فعلاً مسلم؛ وإيه المشكلة إن المسلم يبقى عدو بلدك العالمانية يعني؟

واخد بالك أن أقصد إيه؟

ولائك لمين الأول؟ الله أم ’الأمير‘؟ ولائك لأي شيء أولاً، الإسلام أم الوطن؟ أنا عن نفسي ولائي الأول لله وللإسلام، والإسلام وطني ولا وطن ليه سواه. فإن كانت دولة مصر دولة إسلامية، فهي وطني؛ إن لم تكن دولة إسلامية، توقفت عن أن تكون وطني. وإن كان جيشها إسلامي، فهو جيشي وألبي ندائه؛ أما إن كان جيشها عالماني، فهو ليس جيشي ولا يمثلني ولو قال قائده لا إله إلا الله شفهياً وتبعه بعض المسلمين.

أما عن ترك السنة الواجبة فهو حرام. لا أعرف ما إذا كنت تدرك أن أئمة مذاهبنا الأربعة أفتوا بأن حلق اللحية حرام، أم لا تدرك، ولكن حلق اللحية حرام في مذاهبنا الأربعة، ولم يفتي بأنه مباح أو مكروه أو ما شابه إلا بعض الأئمة المعاصرين. ونعم، فعل الحرام لا يخرجك من ملة التوحيد، ولكن! ولكن تقنين الحرام؟ تجعل الحرام قانوناً وتجبره على جنودك؟ نعم، يا أخي، هذا يخرج من الملة! يعني واضع هذا القانون في الجيش والشرطة كافر؛ من وضع القانون ومن يعمل على استمرار هذا القانون كافر. وجهله ليس عذراً.

وليس المقصود من إصلاح المهدي تدينه يا أخي، ولو حتى مثلاً؛ ليس المقصود حتى قلة تديّنه، فإن قلة أو عدم التدين فساد؛ وإنما المقصود أن الله يقيمه إلى الأمر العظيم ومسئولية الأمة في ليلة، والله يحسن إليه بالمدد والرعاية العظيمة والإرشاد في ليلة. وهناك دلائل قرآنية على أن معنى الإصلاح ليس شرطاً فقط في الأخلاق، مثل الآية {وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّـهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ ﴿٢١٩﴾ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَىٰ قُلْ إِصْلَاحٌ لَّهُمْ خَيْرٌ (٢٢٠)}—البقرة. هذا غير دليل قرآني آخر لا علاقة له بكلمة ’صلح‘، ولكن يتضح منه أن المعنى في الحديث لا يمكن أن يكون متعلقاً بالفساد أو حتى قلة التدين: يقول الله تعالى محدثاً رسول الله (ص) {وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ}—الضحى: ٧. فما معنى الضلال هنا؟ عندما تجيب على هذا السؤال، سيمكنك أيضاً أن تفهم معنى إصلاح الله للمهدي في ليلة.

“هههههههههه صدقني انا مستمتع جدا بالنقاش معاك ... يا استاذ ياسين الامر بحلق اللحية فى القوات المسلحة ليس لانها مظهر ديني معاذ الله ... انما لظروف الخدمة فى اماكن اغلبها صحراوي وقلة المياه للنظافة لايام قد تطول وطبيعة بلادنا الحارة نهي الجيش عن اي شعر فى الجسم حتى شعر الراس .. من باب النظافة ومنعا لانتشار اي حشرات او مراض ... ومش عايز اقولك كان بيتعمل فينا ايه فى الجيش لو حد سايب شعر ابطه ووالله لان خدمتى كانت فى فترة صعبة شوية كان الميري شديد عن العادة وكان مساعد كتيبتي بيتطرف فى التفتيش لحد شعر العانة .. ومعاه الولاعه .. اللي يلاقي فيه شعر فى اي حتة فى جسمه يحرقهوله فى الطابور ... المسالة مالهاش اي علاقة بالدين .. واعلم ان اجماع الائمة بتحريم حلق اللحية ....اما عن الولاء لله ولا للوطن فبمنتهي الصراحة انا مش شايف تعارض ... فمكة ارض صناديد الكفر وبرغم كل مافعلوه فى حرب محمد واصحابه الا ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال حين اجبر على الخروج منها والله انك لاحب بقاع الارض الي قلبي ... الي اخر الحديث ... هنا الاشكالية فعلا ...مافيش اي تعارض بين ولائي لديني وولائي لبلدي ... لان ما حدش فى بلدي حاربني فى ديني ...وبمنطق حضرتك يبقى اي حد مسلم عايش فى بلد زي امريكا او انجلترا ولا الدانمارك وكل اللي حصل منهم مثلا لازم يحارب الدولة اللي هو بياكل فيها عيش ولا مثلا لو فيه مراسل صحفي سعودي لوكالة انباء زي رويترز مثلا بيبعت لهم اخبار من مكه يبقى خاين للاسلام ولا بيحارب الاسلام ...اما عن الحاكمية يا سيدي وانه لا حكم الا بما انزل الله فهي طبعا كلمة حق من القران ولكنها يراد بها احيانا الباطل ... والقران يا سيدي امرنا فى بعض الاحيان بالاحتكام لبعضنا البعض ...في قوله ابعثوا حكما من اهله وحكما اهلها مثلا ... ورسول الله صلى الله عليه وسلم عندما مر بقوم يلقحون نخيلا لهم فقال لو لم تفعلوا لصلح ... فلما نفذوا امر الرسول صلى الله عليه وسلم وامتنعوا عن التلقيح اخرج النخل بلحا ردئيا .. فقال لهم الحبيب صلى الله عليه وسلم انتم ادري بشئون دنياكم ... حاذر يا سيدي من فخ الخوارج فى موضوع الحاكمية بالذات ... اعاذنا الله واياك ان نقع فىه .. وفهمت وجهة نظر حضرتك فى موضوع اصلاح المهدي”

أسباب حلق اللحية التي لقّنوها لك هي أسباب واهية، بل وأسباب نابعة من جهل عالماني. فالعالمانية علمها يقتصر على العلم الكوني والدنيوي المعاصر، وهو دائماً علم بدائي، تثبت بدائيته بعدها ببضع عقود من الزمن. فإن العلم الحديث بدأ في اكتشاف فوائد طبية وصحية للحية الرجل، ومنها حماية الأجزاء الحساسة من الوجه من الأشعة الضارة وتقليل نسبة الإصابة بسرطان الجلد؛ وكان هناك بحث أسترالي في هذا الشأن منذ فترة. وقد ذكر خبر البحث زيادة عدد المشاهير الرجال الغربيين ممن يطلقون لحاهم.

هذا غير أن هذه الحجج الواهية لحلق اللحية تكاد تتطابق مع حجج بعض النساء لعدم ارتداء الحجاب: ’أصلي الدنيا حر قوي، أتنفس إزاي بإيشارب في الحر ده، دانا أفطس وأموت في الجو بتاع بلادنا الحارة ده لو لبست حجاب‘، وإلى آخره من حجج واهية تسول لهن أنفسهن الاقتناع بها.

بناءاً عليه، فلا الجيش ولا الشرطة براء من الذنب، أو قياداتهم الآثمة ليست بريئة من الذنب لأن هدف تقنين الحرام ليس دينياً، بل عالمانياً! لا زالوا مذنبين، لأنهم فضلوا الجهل العالماني بأسبابه الواهية على طاعة الله وأوامره سبحانه وتعالى. الذنب لابسهم لابسهم يعني.

أم عن الولاء، فإن لاحظت في كلامك أنت نفسك، ولائك لم يكن في الأساس إلى أرض مصر وأمان شعبها، بل ولائك للجيش ولقائد الجيش (سميه ما شئت)، أي ولائك ’مُشَخْصَن‘ في أشخاص محددين، أنت بنفسك وفِكرك اخترت ولائك لهم، في نفس الوقت الذي اخترت فيه عدائك لخصوم هؤلاء الأشخاص. أليس كذلك؟ أليس هذا وصفاً دقيقاً جداً لموقفك الآن؟ فمثالك عن أن مكة كانت أحب بقاع الأرض لرسول الله (ص) مثال لا يليق بسياق حوارنا أو موقفك الآن. فأنا لا أتحدث عن وادي النيل ولا أتحدث عن الصحراء الغربية أو سيناء، بل أتحدث عن القيادات والأشخاص القائمين على هذه الأرض الآن. مثلاً، نفس هذه الأرض، كان قائم عليها ويقولدها في يوم من الأيام فرعون، الذي قال لبقية شعبه المصري: ’أنا ربكم الأعلى‘. فتخيل أنك في عهده، وعندك أسباب تراها منطقية، بل وأسباب دينية أيضاً، تسول لك أن يكون ولائك لجيش هذا الرجل، جيش فرعون، ضد موسى وبني إسرائيل...ووقتها يكون لك أسباب أقوى حتى من أسباب اليوم، لأن بني إسرائيل أصلاً كانوا يعتبرون أجانب ومواطنين درجة ثانية، فليسوا حتى مصريين في أعين فرعون وحاشيته وجيشه ومؤيدينه؛ يعني وقتها عندك سبب أقوى للوقوف مع فرعون وجيشه ضد هؤلاء ’الأجانب‘...الأجانب الذين يقودهم نبي الله موسى عليه السلام. في موقف مثل هذا، أين يكون ولاء الموحد الحقيقي، المسلم الذي أسلم أمره ووجهه لله حنيفاً؟ مع فرعون وجيش فرعون، أم مع بني إسرائيل المستضعفين وموسى؟ حتى وإن كنت تحب مصر وأهراماتها، فولائك لمصر نفسه يحتم عليك كمسلم أن تحب لمصر الخير، والخير كل الخير في الإسلام، فتحب لمصر الإسلام. وبالتأكيد فرعون لا يمثل الإسلام لله ولا يمثل التوحيد؛ أما هؤلاء الأجانب المستضعفين ونبيهم موسى، فهم يمثلون التوحيد والإسلام لله وحده، فيجب عليك نصرتهم، وتطهير أرض مصر من طغيان فرعون وجيشه الطاغي.

أظن أن موضوع الولاء والوطنية اتضح الآن ما أعنيه عنه بمثال فرعون وجيشه المصري أمام موسى وبني إسرائيل الأجانب. فأعيد السؤال: ولائك لمن؟ لله وللإسلام أولاً، أم لأشخاص يحكمون أرضك أولاً؟ لا تشخصن وطنيتك وحبك لأرض ما، حتى لا تقع في الذنب، أو الأسوأ...الكفر نفسه!

أما عن المحاربة، فلا، نحن لا نحارب الآخرين عشوائياً، بل نحارب فقط من يحاربنا، بل وبالأخص من يبدأ بالعدوان. وأظن أنه بعيداً عن الكلام المرسل والإشاعات عن بدأ الإخوان بالاعتداء المسلح والإرهاب وإلى آخره من إتهامات لم نرى دليلاً واحداً عليها...بعيداً عن كل هذا الهراء، المنصف يرى أن قوات الأمن المصرية هي التي بدأت بالعدوان على متظاهرين عزل، بل وبدأت بالقتل الصريح لهم، أو الأدق، الإبادة الجماعية لهم. صور وأسماء الشهداء المعروفين بالمئات، فما بالك بمن لا نعرف أسمائهم.

أما عن الحاكمية، والاحتكام لبعضنا البعض، فهو بالضبط ما وصفته أنت، هذا كلام أحياناً يصبح حقاً يراد به باطل. أن الله كما شرع للزوجين الإتيان من حكم من أهلها وأهله، فالله أيضاً قال: {نِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ}—الأنعام: ٥٧. وقال: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}—النساء: ٦٥. والرسول (ص) قال في الحديث الصحيح: «لا طاعةَ لمخلوقٍ في معصيةِ الخالقِ.» يعني الكلام واضح جداً إمتى نحتكم لبعضنا البعض؛ نحتكم لبعضنا البعض أو للقضاة والحكماء والمفكرين والأئمة اللي فينا في أمور عليها جدل ونقاش ومش واضحة؛ زي ما إحنا قاعدين نتجادل كده دلوقتي. ماهُو لو كان لينا كبير، مكناش قعدنا كده نهاتي في بعضنا، وكنا أرجعنا كل هذه القضية لكبيرنا وخلصنا. وبناءاً عليه، ففي أحكام شرعية واضحة ولا جدال عليها. يعني الحلال بيّن والحرام بيّن. والدليل القرآني يثبت بمنتهى الوضح أن من لم يحكم بأحكام الله، فهو كافر. وأصلاً كل هذا لا علاقة له وثيقة له بالخوارج، لأن الخوارج هم أشبه بفوضويين أو أناركيين عهد الخلافة الإسلامية؛ فإن من آراء الخوارج ’عدم حاجة الأمة الإسلامية لخليفة زمن السلم‘، وهذا هو بالضبط الفِكر الفوضوي أو الآناركي Anarchist.

أما نحن فلا نتحدث عما إذا كان هناك حاجة إلى حاكم أم لا (أو أن الشعب يحكم نفسه!)، بل نتحدث عن صاحب الحاكمية، وبديهي عندنا أن صاحبها طرف محدد، ولا يجوز أن يكون ’لا أحد‘. والفرق بيننا وبين العالمانية هو أن الحاكم عندنا هو الله، ووظيفة القاضي أو القائد أو الحاكم البشري هي أن يقيم حدود الله ويتأكد من تحكيم الله في الأرض. فإذا أصبح القائد يحرم الواجبات الإسلامية ويفرض الحرام، خرج ذلك القائد من الملة كلها، دعك من كونه لا يصلح للإمامة أو القيادة أو الحاكمية بعد ذلك.

—ياسين ركه

السبت، سبتمبر 7

مثال آخر لتناقض كلام الإخوانوفوبيين

خلال السنتين الأخيرتين، أعتقد أني جمعت على صفحتي عدداً لا بأس به من أمثلة ازدواجية المعايير والتناقض واللا-منطقية التي يتمتع بها الكثير من الإخوانوفوبيين. هذا مثال آخر:

كتبت إحدى الإخوانوفوبيات:

’اى حق تتكلموا فيه انتم بوظتم المشروع الاسلامى الى انا كنت واحدة و نفسى فيه اى حق ووجوه كتيرة ظهرت بشكل و كلام مختلف على الى كانوا عليه رسالة رسولنا محمد صلى الله عليه و اله و سلم الى ربنا بعتوا بيها ما قلتش ان الدين ينصر بالشكل ده احنا انتخبنا الاخوان لكن هما ما كنوش اد الامانة و استخدموا الدين ستار لمطامعهم الرسول كان بيضرب فى الظهر كان يغتال خصومه بالغدر لا حول و لا قوة الا بالله‘

فسألها شخص في تعليق:
’استاذة [...] مصالحهم اللى هى ايه لو تسمحى اسالك ؟؟؟‘

كان ردها:
’مصالح الحكم و الكرسى باسم الدين و الله اعلم مصالح ايه كمان الى احنا مش عارفينها‘

فكان تعليقي كالآتي
هي كتبت: ’احنا انتخبنا الاخوان لكن هما ما كنوش اد الامانة و استخدموا الدين ستار لمطامعهم‘.

ثم عندما سُئلت عن المصالح أو المطامع المزعومة، كتبت: ’مصالح الحكم و الكرسى باسم الدين و الله اعلم مصالح ايه كمان الى احنا مش عارفينها‘.

المُسَلِّي جداً في الموضوع هو إن المطامع الوحيدة اللي هي تعرفها عن الإخوان هي ’الحكم والكرسي‘، وبالرغم من إن هِيَّ دي المطامع الوحيدة اللي تعرفها، هي نفسها بتقول ’احنا انتخبنا الاخوان‘. طَبْ منين انتي عارفه إن ده مطمع ليهم، ومنين بتعطيهم بنفسِك المطمع ده بانتخابهم، وتسليمهم الأمانة، وبعدين تشتكي إنهم ’ما كنوش اد الامانة‘؟ إذا هُمَّ طمعانين في الكرسي، ودي حاجة وحشة وشريرة، وانتي عارفه كده، تروحي تنتخبيهم؟ هاها. :)

طبعاً السعي إلى الحصول على سلطة عن طريق انتخابات ديمقراطية شيء لا غبار عليه، ومفيهوش أي مشكلة. كل الحكاية هي إن الناس دي بتستبدل كلمة ’أهداف سياسية’ ديمقراطية بكلمة مطامع أو جشع وإلى آخره، من باب شيطنة الإخوان يعني. كله لعب بالمصطلحات واستبدال للمفردات والمسميات من باب شيطنة الخصم. لكن أكيد مفيش مشكلة إن الإخوان يخوضوا في جولات ديمقراطية من أجل الحصول على أكبر جزء ممكن من السلطة؛ ده إجراء سياسي ديمقراطي طبيعي جداً في أي دولة ديمقراطية. أنا بس حبّيت أوضح التناقض في الكلام بتاع الإخوانوفوبيين، شفاهم الله.

—ياسين ركه

الجمعة، سبتمبر 6

نظريات المؤامرة والماسونيون والإخوان المسلمين

دار بيني وبين بعض مؤيدي مبارك والنظام السابق حوار عن نظريات المؤامرة التي تدور حول الثورة المصرية والإخوان والماسونيين وأوباما وإلى آخره من أمور لها علاقة أو يمكن خلق علاقة لها بالأحداث في مصر. ذكرت في كلامي أن قيادات الإخوان كلها الآن في المعتقلات والسجون، ولمّحت بهذا إلى سخافة الحديث عن إرهاب الإخوان الآن أو الاستمرار في إتهامهم وهم أصلاً كلهم (قياداتهم التي تنظم وتخطط) في السجون. فكان الاقتراح من مؤيدي الفلول هو أن أوباما والبرادعي من الإخوان المسلمين.

نعم، ضحكت على هذا الكلام (وأنا أصلاً باحث في تاريخ المؤامرات فلا أسخر من النشطاء في هذا المجال، ولكن هذه هي نوعية الاقتراحات والنظريات التي تجعل الناس تضحك علينا جميعاً في المجال بالتأكيد، فأنا أضحك على الكلام لتأكيد أن البحث الجاد في تاريخ ونظريات المؤامرات والمجتمعات السرية بريء من مثل هذه النظريات؛ إنها مضحكة للباحثين الجادين في المجال نفسه!). ولكن لا تتسرع، فإن نظرية انتساب البرادعي وأوباما للإخوان المسلمين ليست مضحكة لي لنفس الأسباب التي يضحك لها غير الباحثين في تاريخ ونظريات المؤامرة والمجتمعات السرية؛ بل إن البحث في هذا المجال يعلّم المرء ألا يستبعد أي احتمال، مهما بدا مستحيلاً أو غير معقول، إلا بناءاً على أدلة وشواهد تؤيد استبعاد النظرية. فنظرية أخونة أوباما والبرادعي ليست مضحكة لي للأسباب الواضحة لمعظم الناس (أو الأسباب ’البديهية‘!)، بل إنها مضحكة لي لأن نظرية ماسونية الإخوان المسلمين نفسها مضحكة لي. يعني، الشخص الذي يؤمن بأن أوباما والبرادعي من الإخوان المسلمين قد يكون قاصداً أن الإخوان المسلمين جزء من الماسونية العالمية، والبرادعي وأوباما ماسونيون أو دُمَى للماسونية، وبالتالي فالبرادعي وأوباما إخوان مسلمين؛ وبغض النظر عن الربط الغير منطقي للأطراف والجهات هكذا، أصلاً من البداية نظرية ماسونية الإخوان المسلمين مضحكة لي.

وهذا لأن من يفهم منهج الإخوان المسلمين، ويفهم مدى ارتباطه بمنهج ديني عليه حماية إلهية، وهو المنهج الإسلامي، والمرتبط بالقرآن والمستمد منه، القرآن الذي تعهد الله بحمايته إلى يوم القيامة؛ وفي نفس الوقت يفهم منهج الماسونيين أو الماسونية، والمجتمعات السرية عامة وطقوسهم وممارساتهم في القيادات العليا؛ من يفهم كل هذا لا يمكن أن يربط المنهجين ببعضهما، وسوف يرى استحالة قبول الماسونيين لتنظيم مثل الإخوان المسلمين، دعك من تأسيس الماسونيين أنفسهم له! على وتيرة نظرية أن حسن البنّا نفسه كان ماسونياً! من يفهم في الإسلام ويفهم في منهج الماسونية وممارساتهم اليوم في العالم، يدرك أن مستحيل بأي حال من الأحوال أن يكون هناك توافقاً بين المنهج الإخواني (وهو مستمد قلباً وقالباً من الإسلام باحتضانه وعدالته وربانيته) والمنهج الماسوني (وهو منهج في ظاهره الروحانية والإخاء والعمل وفي باطنه الإقصاء والهرمية الكهنوتية والسحر وتأليه المسيخ الدجال).

والقضية هي أنك قد تخترق جماعة الإخوان المسلمين نفسها ببعض العملاء والمنافقين، وقد تحاول أن تستدرج بعض شبابها إلى التطرف أو العنف مثلاً؛ ولكن مستحيل أن تخترق فِكر ومنهج الجماعة نفسه، لأن مؤسس المنهج توفى إلى رحمة الله، والجميع ملتزمون بتراثه ووصاياه، والأهم، لأن هذا الفِكر والمنهج مرتبط بدين سماوي لن يتغير أبداً. فقد تخدع إخوانياً بسبب جهله فتغسل مخه وتفسد فِكره—باستغلال جهله هذا، ولكنك لا تستطيع أن تخدع أو تفسد فِكر إخواني يعرف دينه جيداً؛ ولهذا كان أول أركان البيعة العشرة للانتساب إلى جماعة الإخوان المسلمين هو...«الفهم»؛ ولا يأتي ركن «الطاعة»، الذي يحب أن يتشدق به الإعلام الإسلاموفوبي كثيراً، إلا في المركز السادس من أركان البيعة العشرة.

فنعم، ضحكت على نظرية أخونة البرادعي وأوباما، ولكني أضحك لأسباب مختلفة.

وفي النفس الوقت، آثرت ألا أركز على السخرية من النظرية، وأن أستفهم عن الأسباب التي جعلت هذه الناس تؤمن بها؛ ووجدت أن الأفضل تجاهل أوباما في الموضوع لأنه قد يتعسر عليّ التحكم في نفسي والامتناع عن السخرية، وفضلت أن أركز على موضوع البرادعي. فسألت عن الشواهد التي يمكن أن نستنتج منها أن البرادعي إخواني، ما هي؟

أجاب أحدهم:

’أوكد على كلام استاذ سامح
فيه حاجه اسمها دعايه سلبيه ، يعنى واحد يطلع يطالب بحقوق الشواذ أو بناء معابد بوذيه بأسم الحرية وفى نفس التصريح يهاجم الأخوان والاحزاب الدينيه وهو بذلك بيسهل التسويق الاعلامى للأخوان لأن البديل سيكون شذوذ وكفر ، ده بالاضافه للترويج لقانون عزل منافسى الاخوان والانسحاب من الانتخابات الرئاسيه وتباطئه فى تأسيس حزب الى بعد وصول الاخوان للبرلمان .. كل ديه خدمات للأخوان من لا يراها اعمى البصر والبصيره‘

كان ردي كالآتي:

كلام عقلاني جميل، أهنئك عليه يا أخ معتز. أوافقك أن هذه الشواهد [قد]، وأكرر [قد] يكون المقصود منها هو خدمة التيار الإسلامي بطريقة غير مباشرة، وبالتأكيد أغلبيته إخوان. ولكن، بعد أن ركزت على [قد]، وأن هذا مجرد احتمال ليس عليه أدلة حقيقية، بل فقط شواهد؛ هناك عقبة أخرى، وهي كيفية ربط هذا بعضوية أو انتساب البرادعي نفسه للإخوان؟

يعني أنا بالرغم من توجهي الفِكري الإسلامي المختلف تماماً عن توجهك أنت والأستاذ سامح والكثير من معجبينه، إلا أنني أوافقكم على نقطة عمالة البرادعي؛ بل وإنني في نفس الوقت أؤمن أن البرادعي طرطور أو أراجوز، وليس أصلاً ماسونياً أو إخوانياً، لأنه لا الماسونيين ولا الإخوان يضعون مثل هذا الدمية والأراجوز، الذي يتهته في الكلام، في مناصب قيادية أو مراكز تتصدر المشهد الإعلامي؛ لا الماسونيون ولا الإخوان يفعلون شيئاً كهذا. إذن فالبرادعي فعلاً دمية في يد طرف آخر، وأوافقكم أن هذا الطرف غالباً هو الماسونية العالمية. وأوافقكم أيضاً أن الربيع العربي كله، ليس فقط الثورة المصرية، تم التخطيط والتنظيم له من قبل جهات أجنبية كثيرة، وأن الثورة المصرية (سميها النكبة إن شئت) لم تكن ثورة [محلية] خالصة، بل شابها (وشانها) الكثير من التدخل الأجنبي. وفي نفس الوقت، كل منصف يعرف أن الإخوان المسلمين كانوا جزءاً كبيراً من هذه الثورة، ولولاهم ما استمرت بهذا النجاح ولا وقفت أمام هجمات مثل معركة الجمال وما شابهها. أوافقكم على كل هذا. ولكن...هل كل هذا يعتبر دليلاً على أن الإخوان ماسونيون؟ بالتأكيد لا. هذا لا يعتبر بأي حال من الأحوال دليلاً، بل فقط احتمالاً، بناءاً على التفكير والتوجه السياسي والديني للبعض.

فمن منظوري، أنا أقول أن الماسونيين كانوا يدركون مسبقاً أن الثورات العربية سوف حتماً تأتي بالتيار الإسلامي إلى السلطة؛ مهندسو الربيع العربي والنظام العالمي الماسوني أصلاً يدركون هذا جيداً منذ البداية، وهذا هو بالتحديد ما أرادوه—أن يصل ما يُسَمَّى بالإسلام السياسي إلى السلطة. والهدف من وضع التيار الإسلامي في السلطة هو ما بدأنا نشاهده هذه الأيام...إنهم لا يريدون تياراً إسلامياً معتدلاً، مثل الذي كان متواجداً في البرلمان بعد الثورة (وأدرك أن الإعلام صوّره على أنه ليس معتدلاً)، بل يريدون حكماً إسلامياً متطرفاً، قائماً عليه إسلاميون متشددون، بل ومتطرفون. هذا ما يريدونه من البداية، وهذا ما كانوا يعملون عليه بجد طوال الفترة السابقة...يعملون على ظلم الإخوان والتيار الإسلامي، وظلمهم أكثر، واستفزاز التيار الإسلامي كله، واستفزازه أكثر وأكثر، وأخيراً قتل التيار الإسلامي، وقتله أكثر وأكثر؛ وسيظلون يستمرون في هذا الاستفزاز وهذا النغز المتواصل إلى أن يلجأ الإسلاميون إلى مدافعة العنف بالعنف أو إلى حمل السلاح للمقاومة (أو يأتي الله بمعجزة ما تنقذ بلادنا وتنقذ التيار الإسلامي من هذا المصير)، ووقتها تنتهي خطتهم بنجاح ويقرعون كؤوسهم.

لماذا؟ لأن انتشار ما يُسَمُّونه بالإسلام المتطرف أو الإسلام الراديكالي في الحكم والسلطة، أو استمرار شلالات دماء المدنيين الأبرياء تحت ظل حرب شوارع بين جيوش عملائهم (الحكام العرب المُعَمِّرين) و’إرهابيين‘ هذا الإسلام الراديكالي، إما انتشار الإسلام الراديكالي أو استمرار الحرب بينه وبين أي جيش حكومي في دول ’الربيع العربي‘ سيكون الحُجَّة التي تحتاجها أمريكا وإسرائيل لغزو هذه الدول تلو الأخرى؛ فأمن إسرائيل أهم من أي شيء بالتأكيد، ووصاية أمريكا وجيشها على بقية العالم، وحمايتها لحليفها الإسرائيلي، أمور مفروغ منها بالتأكيد.

فهكذا أفسر المشهد السياسي والمؤامراتي أمامي يا سادة؛ لا أفسره بأن الإخوان المسلمين الذين عارضوا الفساد في مصر وقاوموا الإنجليز مع الجيش لمدة أكثر من ٨٠ عام، وأركان بيعتهم أولها [الفهم]...ماسونيون!

بقية هذا الحوار رأيت أنها تستحق الإضافة:

كتب أستاذ سامح أبو عرايس Sameh Abou Arayes التعليق التالي على كلامي:

أولا أشكرك على أسلوبك المحترم في الحوار وهذا عهدي بك وكلامك يستحق التفكير . وأتفق معك أن الصهاينة والغرب يريدون دفع التيار الاسلامي - وباقي التيارات أيضا - الى التطرف وحمل السلاح والعنف لتحقيق مخططات الفوضى الخلاقة وهدم الدولة . ولكن ما رأيك في توافد المبعوثين الأوروبيين من كل مكان عقب سقوط مرسي للمطالبة بادماج الاخوان في الحياة السياسية وعدم الاقصاء ؟ ألا يتناقض ذلك مع رغبة الغرب في اقصائهم لدفعهم للعنف حسب نظريتك ؟؟

كان ردي كالآتي:

نعم يا أستاذ سامح، سؤالك في محله. لكَ الحق أن تتساءل عن مغزى خطوات مثل هذه. وقبل أن أشرح لك تفسيري للمشهد، أريد أن أؤكد أننا في هذا المجال، مجال دراسة وبحث المؤامرات، هناك نظريات وهناك تاريخ أو أحداث موثقة، فيجب التفريق بينهما؛ أحياناً يوجد أكاذيب تشوش على حقائق أو وقائع موثقة، وأحياناً هناك جدل بين رأيين أو نظرتين للمؤامرة؛ يجب علينا دائماً أن نكون عادلين مع أنفسنا وغيرنا في الحكم، فنسأل أنفسنا هل ما نذكره الآن حقائق موثقة أم استنتاجات ونظريات شخصية (وإن كانت نظريات لها شواهد وتحليلات لها وجاهة...لا زالت لا ترتقي إلى مستوى الحقيقة الخالصة)؟

وبناءاً عليه، فإني أتفق معك في وجاهة بعض تحليلاتك، وفي صحة بعض آرائك واستنتاجاتك، وإن كنت أختلف معك في البعض الآخر كما تعلم؛ إذن فإننا نختلف في آراء واستنتاجات وتفسيرات ونظريات، وليس في حقائق (طالما أننا صريحون مع أنفسنا ومع بعضنا البعض). فتفسيري للمشهد الذي وصفته بتساؤلاتك، قد تختلف معي عليه—وهذا حقك فهو رأي أو استنتاج أمام رأيك واستنتاجك—أو تتفق.

أولاً، أريد أن أدعوك وأدعو كل الباحثين في تاريخ ونظريات المؤامرة والمجتمعات السرية ألا نتطرف في تقييم مدى نفوذ وقوة وتحكم الماسونيين أو المتنورين والرُوثتشايلديين في عالمنا وإعلامنا وصحافتنا ومؤسساتنا المالية. أي بمعنى آخر، نعم، نؤمن أن هذه المجموعة المتعالية والمتفرعنة على شعوب العالم، وتعتبر نفسها نخبة أو سلالة رفيعة، بالفعل تتحكم في الكثير من المؤسسات الإعلامية والسينمائية والدعائية والصحفية والمالية أو البنكية، ولكن في نفس الوقت، لا نبالغ في الأمر (ونثبط الأمل في قلوبنا وقلوب غيرنا) فنزعم أو نؤمن أنهم يتحكمون في كل شيء أو في كل الإعلاميين والصحافيين والسياسيين وغيرهم؛ نعم، لهذه المجتمعات السرية نفوذ وتحكم وقوة، ولكنه ليس أخطبوطي بالمدى الذي يجعلهم يتحكمون في كل شيء أو كل الناس.

وبناءاً على هذه الرؤية أقول أن الماسونية لا تتحكم في كل سياسي في العالم، سواء كبير أو صغير. وبناءاً عليه، أقول أن بعض السياسيين الأوروبيين والأمريكيين أناس بالفعل شرفاء ونزيهون ويؤمنون إيماناً صادقاً بالديمقراطية والحرية. وحتى إن كان بعضهم لا يؤمن بصدق بهذه المبادئ، ويجتهد فقط في تنفيذ الأجندة الماسونية التي أملاها له كبراؤه، فأحياناً الضغط الشعبيّ أو ضغط الرأي العام نفسه يملي عليه أن يقوم ببعض الخطوات الدبلوماسية، والتي لن تجدي على أية حال وهي مجرد شكليات وفرص للدعاية والإعلام المراد منه ’إدارة عواطف الرأي العام‘. وأظن أنك تفهم جيداً ما معنى إدارة عواطف الشعوب والرأي العام، فهي لعبة يجيدها بمهارة الماسونيون، خاصة بيادقهم الإعلامية. وبناءاً على كل هذا أقول أن بعض المبعوثين الأوروبيين—وغيرهم—ممن توافدوا إلى مصر عقب الانقلاب العسكري وطلبوا تحديداً مقابلة د. محمد مُرسي كانوا من أحد هذين الفريقين بصفة عامة: إما سياسيون يؤمنون بصدق بالديمقراطية وحرية الشعوب في انتخاب رؤسائها، حتى وإن كان حوالي نصف الشعب لا يعجبه هذا الرئيس (لنتذكر أن فقط ٥٢% من الشعب صوّت لمُرسي في المرحلة الأخيرة من الانتخابات الرئاسية، ولنتذكر أن بعض هؤلاء ’عصروا على أنفسهم ليمونة‘ أصلاً كي يقوموا بالتصويت له!)، ولهذا جاءوا إلى مصر كي يؤكدوا أهمية التداول الديمقراطي للسلطة في دولة مهمة مثل مصر؛ وإما أنهم كانوا سياسيين تحت ضغط شعبي في بلادهم أو من الرأي العام في دولهم، وكان لابد لهم أن يأتوا إلى مصر ليقوموا ببعض الحركات السياسية المسرحية، ويطنطنوا ويرددوا بعض العبارات الديمقراطية والسياسية بنصف وعي وانعدام صدق نوايا، حتى يرجعوا إلى بلادهم فيقولوا لذويهم: لقد فعلت ما بوسعي، الباقي متروك لهم في مصر!

وفي النهاية، العبرة بالخواتيم كما نقول يا أستاذ سامح، أو العبرة بالنتائج، وليست بالأفعال. نعم، الثواب على النوايا، وعلينا العمل وليس علينا النتائج، ولكن هذا الكلام مقصود منه أن الله بعطي الثواب بالنوايا وأن الله عليه النتائج وعلينا السعي؛ فهذا أمر في علم الغيب وتطبيقه في سياق مختلف، وهو سياق تعامل الرب مع عبده. أما في سياق تعامل العباد مع بعضهم البعض، أو في سياق التعاملات الإنسانية بينهم وبين بعض، فنحن نحكم على الموظفين والسياسيين وغيرهم بالنتائج، ولا دخل لنا بنواياهم فهذه بينهم وبين ربهم. فما يعنينا عندما نحكم على مبادرة سياسية أو زيارة صحفية أو ما شابه هو نتيجة هذه المبادرة، خاتمة هذه الخطوة؛ وبناءاً عليه فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: ماذا كانت نتيجة هذه الوفود والمبادرات؟ هل كان هناك أي تقدم أو حتى أمل بناءاً عليها في عودة الإخوان أو مرسي إلى الحكم؟ أظن أن الإجابة واضحة مما نراه اليوم. إذن فإن وفد سياسي يأتي ليقوم ببعض المصافحات والابتسامات الدبلوماسية والخطابات الرنانة، ثم يذهب ولا يتبعه أي ضغط حقيقي فعلي (لا شفهي) إلى الاتجاه بالدولة إلى اتجاه سياسي محدد، هو وفد سياسي قلته أحسن كما نقول بالعامية!

وبناءاً على كل هذا، في النهاية، أستنتج بالمنطق أن الفرق هو أن الغرب (أو بعض الغرب) قد يكون بالفعل صادق في رغبته في إدماج الإخوان في الحياة السياسية وعدم إقصاء أي طرف بسبب أي توجه ديني أو سياسي، ولكن على الجانب الآخر، رغبات النظام العالمي الجديد أو الماسونيين مختلفة تماماً عن هذا؛ أي أن ’الغرب‘ شيء، أو ’بعض الغرب‘ شيء، والماسونيون شيء آخر.

—ياسين ركه

الخميس، أغسطس 22

حلم الليبراليين في أربع مراحل نصفها وهمي!

القراءة الصوتية للمقالة

مرحلتان فقط في هذه الأربعة هما الحقيقة: حرية ديمقراطية، ثم فاشية دينية، ثم فاشية عسكرية، ثم حرية ليبرالية.

بعد الثورة المصرية، بالفعل جاءت مرحلة [حرية ديمقراطية]، والمفترض أن هذه المرحلة أنجبت [فاشية دينية] (نتيجة غير منطقية أصلاً)؛ تم التخلص من المرحلة الثانية بال [فاشية العسكرية]، وهذه حقيقة، لأن مؤيدي العسكر أنفسهم يؤمنون بوجوب استخدام القوة، ويبررون ذلك بحُجّة أن الفاشية الدينية المزعومة هي التي بدأت باستخدام القوة؛ والمفترض أن مرحلة الفاشية العسكرية ستنجب [حرية ليبرالية]! أو هذا ما يحلمون به.

بعض أهل النخبة في مصر، من أمثال البرادعي وباسم يوسف، يلقنون جماهيرهم اسطوانة التحذير من الوقوع في الفاشية الليبرالية بعد التخلص من الفاشية الدينية. هذه النخبة تظن نفسها عاقلة، وتلاميذهم وجماهيرهم يستمتعون بهذه العقلانية المزعومة.

ولكن المنطق والعقل والتاريخ يردون عليهم: المفترض أننا نصدق أن فاشية دينية أتت من انتخابات ديمقراطية واختيار حر، ونشعر بالرضا عن نزع هذه الفاشية الدينية المزعومة بالقوة. والمفترض أننا حالياً في مرحلة ليبرالية أو تهيأة لليبرالية، وقد تكون هذه الرؤية مستمدة من وجود بعض الليبراليين في الحكومة الحالية، والذين هم موظفون للعسكر في حقيقتهم، وليسوا ممثلين للشعب أو لاختيار الشعب. المفترض أن المرحلة الحالية، سواء اعتبرناها مرحلة ليبرالية مزعومة—حصلنا عليها بدون انتخابات أو اختيار حر—أو اعتبرناها مرحلة فاشية عسكرية، المفترض أنها ستنجب شيئاً غير الفاشية. المفترض أن حرية ليبرالية يمكن أن تأتي من مرحلتنا الحالية. المفترض أننا نصدق أن الاختيار الحر أدى إلى الفاشية، وأن القوة والإجبار سيؤديا إلى حرية.

والمفترض أن تحذيرات النخبة من عدم الوقوع في الفاشية الليبرالية تعبر عن صوت العقل! المفترض أن التحذير من هذه النتيجة...سينفع!

يا سادة، ما بني على باطل فهو باطل؛ قاعدة كونية لا تتغير. وبذرة القهر لا تُنبت حرية أو أحراراً. إن كنتم تظنون أن ليبراليتكم التي أتت بالفاشية العسكرية ستؤدي إلى حرية، فيا له من وهم أجوف. هيهات هيهات يا نخبة، ويا جماهير النخبة!

—ياسين ركه

شعب رداح بالتلقين!

القراءة الصوتية للمقالة

هُوَّ الصوت العالي والردح العوالمي والجعجعة والتهزيء العَلَني من المذيعين المصريين على التليفزيون أمام الشعب كله ده المفروض إنه يكون ’إعلام‘؟ المفروض دي برامج تليفزيونية؟ والشعب قاعد بيتعلم إزاي ينقد وإزاي يرفض وإزاي يتكلم من المذيعين دُول؟ هُوَّ ده مصدر تلقين شعبنا وأطفالنا ومراهقينا والبسطاء وكمان المتعلّمين أنفسهم بحُكم العادة والتعود و’أُلفة‘ القبح والإثم والإسفاف؟ تخيّل لما المواطن المصري، سواء متعلم أو غير متعلم، ’يألف‘ الإسفاف والجعجعة والصوت العالي في النقد والرفض! عارف يعني إيه أُلْفِة القبح؟ إنك تألف القبح وتاخد عليه وياخد عليك؟ إلى إنه يصبح ده...العادي؟!!

الناس دي لو مكنش فيه جمهور ليها بيفتح التليفزيون ويبعت كل واحد فيهم الإشارة (السِجْنال) إن مُشاهد آخر عمل اتصال أو صلة ما بين جهازه في البيت والبث التليفزيوني من البرج، لو مفيش جمهور بيفتح ويتفرج ويزوّد شهرة البرنامج، لا يمكن كان البرنامج يستمر. اللوم مش على المذيعين واللي مشغلينهم فقط، وإنما اللوم على مئات الآلاف أو الملايين اللي بيتفرجوا.

محدش يقول لي إحنا شعب ’متدين‘ بالفطرة...إحنا شعب تافه بالفطرة، شعب سفيه بالفطرة، شعب جعجاع وحلانجي وفهلوي ورَدَّاح بالفطرة! في الحقيقة...الجنس البشري كله، سواء عرب في قبائل بدوية بتدبّح في بعض عشوائياً بسبب وبدون سبب قبل ما يهذبهم الإسلام، أو قراصنة اسكندنافيين (فايْكِنْجْزْ) في قرى همجية بتعمل غارات على بعضها البعض وعلى جيرانها بسبب أو بدون سبب قبل ما تهذبهم المسيحية الأصيلة قبل ظهور الإسلام، الجنس البشري كله...همجي ودموي بالفطرة، لولا رسل الله ورسائل الله له—الجنس البشري. وإن لم يكن شعبٌ ما دموياً لأن القوانين تمنعه، فهو مريض لا محالة بدون الله (ولنا في اسكندنافيا اليوم عبرة وأنا منهم).

لكن غالباً، تكرار كلمة ’بالفطرة‘ هنا غلط ولا يجوز؛ غالباً، أنا غلطان إني أكرر الكلمة في هذا السياق. أعتذر؛ مش للشعب ولا للجنس البشري، وإنما أعتذر لله سبحانه وتعالى. لأن اللهَ يقولُ في كتابهِ الكريم: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}—سورة الروم: ٣٠. يعني إحنا كجنس بشري لو لينا أي ميزة بالفطرة، فإحنا موحدين مؤمنين بالله وحده ومستسلمين ليه بالفطرة. إذن، فما هي المشكلة؟ ومن أين أتت كل هذه الدموية والهمجية؟ في فهمي، هي أتت بالتلقين. فكما أن ’كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفطرة، فأبواه يُهَوِّدانِه أو يُنَصِّرانِه‘، فكل مولودٍ بالتأكيد يولد على الفطرة السليمة، فأبواه ومعلمينه وإعلامه وحكومته وقنواته التليفزيونية ورموزه التاريخية يفقدونه إنسانيتَهُ ورفيعَ خلقِهِ وتحضرهِ وأدب حواره وكلامه. فقد نكون شعباً وجنساً بشرياً موحداً وإنسانياً بالفطرة، ولكننا نتحول إلى همج ورعاع وحيوانات بالتلقين والتعليم والتقليد من رموزنا الحاضرة، ومنهم مشاهير وإعلاميين همج ورعاع.

نعم، يا سادة، إننا شعبٌ…رَدَّاح بالتلقين.

—ياسين ركه

الثلاثاء، يوليو 30

من هو الشعب المسلم وما هو وطنه؟

قد يكون اللهُ كتبَ لي أن أكون من أبٍ مصريٍّ وأمٍ اسكندنافية حتى لا أتأثر بمرضِ القومية، سواءاً قوميةٍ مصريةٍ أو قوميةٍ أوروبيةٍ أو قوميةٍ عربية. معظمُ سنواتِ حياتي، ارتبطتُ عاطفياً بأماكن معينة وذكريات محددة في مصر، ولكني لم أشعر بحب زائد أو مبالغ فيه لمصر عن أي بلد مسلمة أخرى. بل إني دائماً كنت أشعر أن هذه الوطنية المتطرفة أو القومية ما هي إلا مرضاً في القلب ورجعيةً جاهليةً قَبَلِيَّة، شيء لا يطيب لي أبداً أن أدعه يدخل قلبي.

إني اليوم أؤمن أنه لا حاجة للأوطان عندما يكون الوطنُ ديناً؛ لا حاجة للأعلام عندما يكون الوطنُ فِكرة؛ لا حاجة للرايات عندما يكون الوطنُ شعباً...ويكون الشعبُ مسلماً لله. فالمسلم في أمريكا وفنلندا وإسبانيا وتركيا والجزائر ومصر وفلسطين والإمارات والسعودية وماليزيا وأستراليا ممثل لهذا الشعب، الشعب المسلم. المصريون شعب أغلبه مسلم، والسعوديون شعب يكاد يكون كله مسلم، وتركيا شعب أغلبه مسلم، وإلى آخره؛ ولكن، من هو ’الشعب المسلم‘؟ بالألف واللام. الشعب المسلم هو المسلمون في الأرض كلها. وهذا الشعب المسلم بديهياً له وطن، مثل أي شعب آخر. فما هو وطن الشعب المسلم؟ بناءاً على واقعنا اليوم، لن تستطيع أن ترسم حدوداً جغرافية لهذا الوطن أبداً، ولا يصح أصلاً رسمُ تلك الحدود. فالحقيقة تفرض نفسها: الوطن عندنا اليوم ليس أرضاً، بل دين وفكرة.

وأي بقعةٍ من الأرض يُذكر فيها اسمُ اللهِ وحدَهُ...وطني.

لا يهمني ما اسم الأرض التي ولدت بها؛ إن كنت مسلماً، فأنت أخي. ولا يهمني موقعُنا الجغرافي في الأرض؛ إن كنا مجتمعأً مسلماً نعيش بكرامة وحرية على بقعة من الأرض فنعمّرها ونذكر اسمَ اللهِ فيها ونطيعه، فهذه الأرضُ وطني.

ومن الوطن تأتي الهوية الثقافية. اليوم في مصر، تجد المعارض للإخوان المعتدل أو الصادق يعترف أن الإخوان ليسوا إرهابيين وليسوا منافقين أو أشراراً، ولكن في نفس الوقت، يعارضهم ويرفضهم—ويدرك أن كراهية الآخرين لهم—بسبب تغييرهم للهوية الثقافية لمصر! وأكرر، ما يغار عليه هذا المعارض هو الهوية الثقافية لمصر نفسها، كبلدٍ وكعادات وتقاليد وفنّ واهتمامات، بغض النظر عن رأي الإسلام في هذه العادات والتقاليد والفن. وهذا المعارض يبرر لنفسه إيمانياتِه وقناعاته بأن الإسلامَ دينُ يسر، وأنه لا داعي لتعقيد الأمور أو التشدد وإلى آخره. وأحياناً يكون ذلك المعارض مدركاً تماماً أنه لا يأخذ بالأيسر من الإسلام، وإنما في الحقيقة يأخذ ما يحلو له، ويترك الباقي؛ هو يدرك جيداً أنه لا يعارض التعقيد أو التشدد، بل يعارضُ شموليةَ الإسلامِ ويعارض بعض التعاليم الإسلامية التي لا تروق له ولم ينفتح لها قلبه بعد! هو يدرك هذا، ولكن لا يمكن أن يعترف بذلك أبداً أمامك. وكل هذا أعْتَبِرُهُ دليلاً آخراً على أن القوميةَ مرضٌ خطيرٌ يصيب القلب، لأن ارتباط الإنسانِ بأرضٍ ما أولاً وبعشيرة محددة أولاً وأخيراً يؤدي إلى انصراف القلب عن الحق، وميلِه إلى عاداتِ وتقاليدِ العشيرةِ قبل أي تعاليم أو عادات أخرى، إلى ما تَعَوَّدَ عليه في هذه الأرضِ قبل أي شيء آخر. وعندما يحدث هذا على حسابِ تعاليمِ وأوامرِ الله، وعلى حسابِ عبادِ الله الذين يعيشون في نفس هذه الأرض، فيا له من خسران مبين لذلك الإنسان.

أُشْهِدُ اللهَ أنه لا يَهُمُّنِي ما اسمَ الأرضِ التي ولدت بها؛ إن كنت مسلماً—مسلماً بحق ومؤمناً بشمولية الإسلام، فأنت أخي. ولا يهمني موقِعُنا الجغرافيُّ في الأرض؛ إن كنا مجتمعأً مسلماً نعيش بكرامة وحرية على بقعة من الأرض فنعمّرها ونذكر اسمَ اللهِ فيها ونطبق دينَهُ فيها، فهذه الأرضُ وطني. هذه هي هويتي الثقافية.

وأي بقعةٍ من الأرضِ يُذكرُ فيها اسمُ اللهِ وحدَهُ...وطني.

—ياسين ركه

السبت، يوليو 20

يا ترى بتكره مين أكثر؟

تعليقاً على موضة نشر صور للمجرمين والخونة وسؤال جمهور الصفحات على المواقع الاجتماعية: من تكره أكثر، هذا السيكوباتي أم هذا القاتل أم هذه الكذابة أم هذا المنافق؟ كتبت...

يا جماعة الخير، يا ريت سيبنا من الكلام في الكراهية، وتركزوا على الأخبار المؤكدة والتفكير المنطقي والنقد العقلاني. يا ريت نرتقي بفِكر المسلمين وبفِكر مؤيدين المشروع الإسلامي.

نكره الشر والخائنين وكل حاجة، ولكن مش لازم نركز على النقطة دي إعلامياً يعني! الشعوب العربية مش ناقصة أصلها كراهية؛ كلنا بنمارس العنف والكراهية بالقدر الكافي وأكثر. فيا ريت لما يكون واحد مدير صفحة على فيسبوك مثلاً، يحاول يرتقي بفِكر الناس، خاصة لما يكون الجمهور مسلمين متدينين ومؤيدين للمشروع الإسلامي. تحدث إلى عقول الناس أكثر بكثير مما تتحدث إلى قلوبهم؛ هكذا يمكننا الارتقاء بفِكر شعوبنا والأمة.

نصيحتي لكل أخ: لا تشارك في هذه الاستفتاءات، خاصة عندما يكون واضحاً أن لا فائدة منها أصلاً، لا إعلامياً ولا إخبارياً. واكتب تعليق تنصح به مدير الصفحة بالرسالة التي ذكرتها أعلاه، ويبقى جزاك الله خيراً.

—ياسين رُكَّه

التوبة...والذنوب المتكررة التي توجب الغسل

هل تعرف شخصاً—أو أكثر—كثيراً ما يفعل ذنوباً تُوجب الغُسْل أو الطهارة؟ هل يبدو الأمر أحياناً وكأنه إدمان؟ هل كاد هذا الشخص أن يفقد الأمل في توبته ونفسه؟

ابتسم فقُل له أن يُبْشر، ثم اقرأ عليه قول الله تعالى: {إِنَّ اللَّـهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}—البقرة: ٢٢٢.

التائب هو من يتوب، أما التوَّاب فهو الكثير التوبة. والمتطهر معروف؛ هو من يُطهِّر نفسه بالوضوء أو الاستحمام بنية الطهارة. قد يكون هناك حكمة من ذكر الله للتوّابين والمتطهرين مع بعضهم هكذا؛ قد يكون من ضمن المقصود هو التوّاب المتطهر، الكثير التوبة الذي يتطهر من ذنبه ومما فعله به ذنبه. الرسول (ص) قال في العبادة: ’لا يسأمُ اللهُ حتى تَسْأَموا‘، وأحاديث أخرى جميلة عن التوبة تمكننا من إسقاط هذا المعنى على التوبة. والله يقول بنفسه أنه يحب العبد المتطهر كثير التوبة.

تخيل إن أحبَّك الله! فما الذي يحتاجه أي إنسان بعد أن يحبه الله؟!

كل ما علينا هو أن نتْبع الذنوب الكثيرة بالتوبة—بعد كل ذنب؛ والتوبة من شروطها اتخاذ النية بألا نقوم بهذا الذنب مرة أخرى. ونعم، قد نفشل؛ فشلنا مراراً وتكراراً في الماضي حتى أننا شعرنا أنه لا أمل فينا! فشلنا وفشلنا...حتى بدا لنا وكأن توبتنا غير صالحة، وكأننا لا نعني هذه النية، وكأننا نخادع الله سبحانه وتعالى! دعك من المستقبل، اترك المستقبل لله؛ حتى وإن كانت فرصة نجاحك في التوبة النصوحة ضعيفة جداً، فركّز على الحاضر، ركز على هذه اللحظة. هل تريد أن تكون طائعاً لله الآن؟ هل تريد أن يحبك الله الآن؟ إذاً فتُب الآن، وتطهر. افعلها مراراً وتكراراً، افعلها كل مرة، كن توّاباً متطهراً...وأبشر بحُبِّ الله.

—ياسين رُكَّه

الخميس، يوليو 18

لماذا ثاروا ولماذا نعتصم؟

من ثار من أجل الكهرباء والبنزين والأمان من البلطجية، فلا يستحق سوى الكهرباء والبنزين والأمان من البلطجية (حياة الليبرالي اليوم، ولاحظ انعدام الكرامة واستيراد العيش واختفاء الحرية).

ومن ثار من أجل العيش والكرامة والحرية، فلا يستحق سوى العيش والكرامة والحرية (حياة الكثير من المصريين في عهد مُرسي، مؤيدين ومعارضة، ولاحظ شكوى الناس من قلة الدين وعدم وجود وحدة وافتقار هواء الوطن إلى رضا الله).

ومن ثار من أجل إرجاع رجل إلى كرسيّ، فلا يستحق سوى رجوع ذلك الرجل إلى الكرسيّ.

ومن ثار من أجل إعلاء كلمة الله، من أجل تحكيم شرع الله، من أجل الله—وإن كان جزء من هذا هو رجوع الحق لأصحابه، فلا يستحق سوى الله. وكفى بالله كل حاجة في الدنيا والآخرة.

«إنما الأعمالُ بالنياتِ، وإنما لكلِّ امرئٍ ما نوى؛ فمن كانت هجرتُه إلى دنيا يصيُبها، أو إلى امرأةٍ ينكحها، فهجرتُه إلى ما هاجر إليه.»
الراوي:    عمر بن الخطاب | المحدث: البخاري | المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: ١ | خلاصة حكم المحدث: [صحيح]

—ياسين رُكَّه

من منا على حق؟

كيف يطمئن قلبك أنك على حق في هذه السنوات الخدّاعة؟ بطرق كثيرة، منها القراءة والتعلم من مصادر مختلفة—بل ومخالِفة لبعضها البعض، ثم التفكر؛ ومنها التحدث مع ممثلين لكل جانب والتعرف عليهم (والتحدث معهم لا يعني إلقاء الاتهامات عليهم ووضعهم في قفص المجرم كي يدافعوا عن أنفسهم)؛ ومنها أيضاً أن تلاحظ نوعية الأشخاص الذين يرددون اسطوانات محددة.

يعني مثلاً من ضمن ما لاحظته شخصياً هو أن الأغلبية العظمى من الناس التي تكره الإخوان والسلفيين اليوم، أصلاً لم يكونوا متدينين عندما عرفتهم أيام المدرسة والجامعة؛ واليوم الإناث فيهم غير محجبات وواضح كرههم للحجاب أو النقاب (وهذا يختلف عن التي تدرك أن الحجاب فرض فتحتشم إلى حد ما وتتمنى الهداية؛ ولا، الحجاب ليس المعيار الوحيد لتدين الأنثى ولكنه بالتأكيد أحد المعايير المهمة وهو عنوان الكتاب أو عنوان الجواب؛ وإذا كان الحجاب سطحي ولا داعي للاهتمام به، فالجلد سطحي ولا داعي لتنظيفه أو تجميله؛ هذه عينة من الحوارات مع الليبراليات)، والذكور فيهم واضح من اهتماماتهم اليوم أن الدين عندهم أقصى ما فيه صلاة الجمعة ’وكام فرض كده على ما قُسُم‘ كل حين وآخر؛ باختصار، ناس لم أعرف عنها الطيبة والصلاح، لا في الماضي ولا اليوم. هذه هي عينة الأغلبية العظمى من كارهي الإخوان ممن أعرفهم معرفة مُسبقة. على الجانب الآخر، الكثير ممن كنت أعرف عنهم الصلاح ورشاد العقل والثقافة أيام المدرسة والجامعة أجدهم اليوم من مؤيدي المشروع الإسلامي وبالتالي يقفون مع السياسيين ذوي المرجعية الإسلامية، سواء إخوان مسلمين أو غيرهم؛ هذا بالإضافة إلى أن معظم من عرفتهم في السنتين الأخيرتين، من الإخوان المسلمين أنفسهم ومن مؤيدي المشروع الإسلامي الذين لا ينتمون إلى أي أحزاب أو مدارس فِكرية إسلامية محددة، أكاديميون ومن الحاصلين على الدكتوراة وممن يجيدون على الأقل لغتين بطلاقة وممن يكتبون بلغة راقية تدل على الثقافة والخلفية الأكاديمية؛ باختصار، ناس محترمة. وعندما نتحدث في السياسة، نخاطب عقول بعضنا البعض، لا قلوب وعواطف بعضنا البعض؛ وبالتالي، لا تجد في حواراتنا مكاناً للكراهية أو الغضب أو السباب، بل هي حوارات عن الأحداث والشواهد والأدلة والمنطق والتاريخ والدين وكتاب الله وسنة رسوله (ص). وأجد أن العلاقات بين الأمور والأفكار في حواراتنا علاقات صحيّة منطقية وصحيحة، وليست علاقات مشبوهة أو عجيبة أو محيّرة من النوع الذي يجعلك تهتف: ’هُوَّ مال ده بده؟!‘ ما أكثر ما أجد نفسي في حاجة إلى أن أهتف بتلك العبارة مع الإخوانوفوبيين والليبراليين وأعداء المشروع الإسلامي عامة.

ونفس المقياس يمكن تطبيقه على المشاهير والإعلاميين. عندك مثلاً شخص مثل جابر القرموطي؛ اقرأ كلامه ولاحظ أنه اسطوانة مماثلة جداً للكثير من الببغاوات هنا على فيسبوك وبقية المواقع الاجتماعية. يقول جابر القرموطي: “إن اعتصام رابعة ليس اعتصامًا ولا يوصف بأي كلمة غير كلمة "مبيت دائم" ومبيت "غير صحي". ونفى أن يكون عددهم ٢ مليون، وتساءل: لو كلامهم صحيح أحب أسألهم، بيستخدموا "الحمام" إزاي وفين؟ وطالب القرموطي بضرورة أن يكون هناك عقلاء يتوسطون لفض "مبيت" رابعة الذي لن يدوم إلى ما لا نهاية. ووصف القرموطي ما يحدث من الإخوان من عنف وفوضى بأنه سيزيد من الفجوة بينه وبين الشارع، وأضاف: الشطارة ليست منصة وعلم وميكرفون وصوت عالي، بل رجل الشارع هو الذي يقول رأيه وليسوا هتيفة الميدان. واستطرد القرموطي: "ارحمونا! ليس بالكحك والبسكويت تحل الأمور، والعنف ليس المخرج الآمن لكم."”

أليس هذا المزيج من الكذب الوقح والسفاهة المنمقة يكاد يكون صورة طبق الأصل من اسطوانات بعض معارفنا اليوم في مصر، سواء من الأهل أو زملاء الدراسة والعمل أو مغيبين يكتبون تعليقات على المواقع الاجتماعية؟

ثم شاهد مشاعر جابر القرموطي تجاه الرئيس السابق محمد حُسني مبارك:
http://www.youtube.com/watch?v=EYSE_OCoe8A

وهذا العذر البائس لإعلامي هو مجرد مثال من أمثلة أخرى كثيرة يتعلم ويتلقّن منها الببغاوات والمغيبون الأعذار المثيرة للشفقة لما هُم عليه من لا فِكر ولا وعي ولا منطقية. ماذا ننتظر من مساكين يأخذون الثقافة والمنطق من باسم يوسف ويتعلمون التاريخ الإسلامي من إبراهيم عيسى ويتذوقون الحكمة من توفيق عكاشة؟

شكراً لهذه العيّنات من أشباه البشر...يمكن لبعضنا الاطمئنان على فِكره أحياناً.

—ياسين رُكَّه

الفتنة نائمة والظالمون يهلكون الظالمين والطعام لذيذ

’اللهم أهلك الظالمين بالظالمين وأخرجنا من بينهم سالمين‘.

كيف تربي السلبية وحب الدنيا في شعب مسلم وتصنع أشباه متدينين؟ ارفع صوتك بهذا الدعاء، ركّز عليه، كرره على مسامع المسلمين؛ وفي نفس الوقت، اشتكي وقل لهم أن الأدعية المستحدثة التي يدعون بها ليس لها دليل في السنة وأن الأولى والأرجح الدعاء بما دعا به الرسول عليه الصلاة والسلام. ولكننا لا نعرف عن الرسول (ص) دعائه بذلك الدعاء أبداً، فلماذا يدعو به الشيخ المُفتي في الخُطب والدروس؟!

إذا أصبحت أمنية المسلم هي أن يُهلِك الله الظالمين بالظالمين ويخرجه من بينهم سالمين، فما هي وظيفة المسلم؟ ما هي شغلانة المسلم إذن؟ ما هي فائدته للناس ولله وللأرض؟

لو الظالمين يتضربوا بالظالمين، أُمَّال انت بتعمل إيه؟ بتتفرّج؟

أليس هذا الدعاء مثل قول: {فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ}—المائدة: ٢٤؟

كيف تصنع السلبية وانعدام النخوة والخوف صناعة في قلوب أشباه المتدينين؟ كلما قام أحدهم للوقوف أمام ظالم أو جندي مرتزق من جنود الظالم، تحدث عن ’الفتنة‘. تحدث عن الفتنة كثيراً، وطنطن بها مراراً وتكراراً في آذان أشباه المتدينين؛ الفتنة راحت والفتنة أتت، والفتنة نائمة لعن الله من أيقظها.

أهي الفتنة حقاً التي كانت نائمة؟ أهي الفتنة حقاً التي استيقظت؟ ومن الذي يريدون عودته إلى النوم؟ الفتنة؟ أم قلبك وضميرك؟ أنت.

لعنة الله على الجهل، وشفانا الله جميعاً من سهولة غسيل الأمخاخ.

يا أهل العقل، الحق في غير مكانه قد يكون باطلاً؛ الحق لغير أهله قد يصبح ظلماً. وأعطيك مثالاً واضحاً: فكرة أن إله الكون واحد، أليست حقاً؟ فما ظنك بشخص يؤمن بأن هذا الإله الواحد ليس في السماء، بل هو أمامه...تمثال أو صنم أمامه؟ فعندما يتحدث هذا الشخص عن الإله والرب الواحد، قد تعجب بكلامه، وتراه على حق؛ ولكنك قد تُصعق عندما تكتشف أن الإله الذي يتحدث عنه موجود في حجرته على هيئة صنم!

إذن، فقبل أن تقبل الحق تأكد من مكان الحق في الزمان والمكان، تأكد من العلاقات بين هذا الحق وما حوله، تأكد من نسبيّته أو إطلاقه. يعني، هل التوقيت مناسب؟ وهل هذا هو مكان التطبيق السليم لهذا الحق؟ وهل الحق في هذا المكان يُظهر علاقات صحية بينه وبين ما حوله من أفكار أو حقائق أو أفراد؟

في زماننا هذا، نرى شبه يومياً أمثلة لموقف ’حق يراد به باطل‘. وبإسقاط الكلام كله على مثال ذكرته مناسب لأحداث اليوم، نعم، يوجد شيء اسمه الفتنة وعلينا أن نتقيها؛ ولكن هل للفتنة علاقة بالوقوف أمام الظالم أو زبانية الظالم؟ بالتأكيد لا. فلا تدع المغسولين مخياً والجهلاء وأشباه المتدينين يخدعونك بما خدعوهم به النخبة والإعلام الكاذب ومشايخ الحكومات.

—ياسين رُكَّه

الأربعاء، يوليو 17

بعيداً عن مرسي والإخوان والسلفيين، وفي قلب القضية

عزيزي مؤيد المشروع الإسلامي، قبل أن تتحدث مع إخوانوفوبي أو إسلاموفوبي أو ليبرالي متأسلم، مؤمن إيماناً شديداً بأن الإخوان والسلفيين منافقين متأسلمين انتهازيين، اسأله هل يؤمن بأنه لا دين في السياسة؟ اسأله ماذا يفعل الشعب المسلم بالقوانين الإسلامية؟ ناقشه في شمولية الإسلام، أو أن الإسلام نظام إدارة كامل لكل كبيرة وصغيرة في حياة الإنسان. وشاهد فيديوهات واقرأ مقالات—وكتباً إن أمكن—واقرأ مناقشات في هذا الموضوع على المواقع الاجتماعية ومنتديات النقاش، كي ترى كيف يتناقش الناس في هذه القضية، وما هي النقاط المقنعة فيها، والدلائل القرآنية والسنية والمنطقية التي يمكن إثبات وجهات النظر بها.

إن لم يقتنع بشمولية الإسلام وأهميته كمنظومة قانونية ونظام حُكم، فلا يمكن أن يقتنع بأن أي سياسي ذي مرجعية إسلامية خالص النية. يجب أن يقتنع أن السياسي ذا المرجعية الإسلامية له ضرورة، لأنه طالما يؤمن بأن ليس له أي أهمية، فسيظل يؤمن أن ما يُدْعَى ب’الإسلامي‘ هو شخص متسلق وتاجر دين وإلى آخره.

القضية في جذرها ليست قضية الإخوان أو السلفيين أو اللحية، وليست حتى قضية رجوع د. محمد مُرسي (وإن كان هذا هو الحق بناء على الديمقراطية لأن من أتى بانتخاب يجب أن يرحل بانتخاب أو استفتاء)، وإنما هي قضية الرضا بالقوانين الإسلامية وقبول الإسلام كنظام لإدارة الدولة والمجتمع، أو نظام للحُكم. ابدأ بهذا، ثم بعد الانتهاء منه—إن انتهيت، يمكنك الحديث في دلائل التطبيق المخْلِص لأي جهة، سواء الإخوان أو السلفيين أو أبو إسماعيل، للقوانين الإسلامية واستخدام الإسلام كنظام حُكم.

وهذه هي القضية التي تستحق التمسك بها؛ لا يعنينا أصلاً إذا كان من يطبق الإسلام كنظام حُكم من الإخوان أو من السلفيين أو مستقلا؛ ما يعنينا هو أن يتم بالفعل هذا التطبيق. بعد هذا، نختار من السياسيين المتاحين ذوي المرجعية الإسلامية بحسب الجدارة لإدارة البلاد. فمثلاً، من يختار الإخوان قد يختارهم لأنهم أقدم مؤسسة خيرية وحزب سياسي معارض في تاريخ مصر ولأنهم بارزون في الإدارة؛ ومن يختار السلفيين قد يختارهم لأن تطبيقهم للإسلام سيكون ’الأحوط‘ اتجاهاً والأكثر بعداً من الشبهات أو الأصح من منظورهم؛ ومن يختار أبو إسماعيل قد يختاره لأنه مستقل عن هؤلاء وهؤلاء إلى حد كبير، وقد ينجح في جمع الأطراف على قضية واحدة لاستقلاليته هذه. وقتها نكون متفقين على المبدأ وعلى نظام الحُكم، ومختلفين فقط فيمن نراه الأنسب للمرحلة. وهو اختلاف لا يسمح للكراهية أن تنمو فيه.

فمرة أخرى، لنحاول قدر الإمكان أن نقنع الآخرين بالقضية نفسها، بالمشروع الإسلامي نفسه، بالقوانين الإسلامية وأهميتها، بالإسلام كنظام حُكم. إقناع الناس بشيء مثل هذا أسهل بكثير من إقناع الناس بأن الإخوان—مثلاً—حلوين وقمامير أو أن د. محمد مُرسي حَبُّوب!

—ياسين رُكَّه

الليبرالية في ثوب الإسلام بعد الانقلاب العسكري

الموضة هذه الأيام، من بعض مدّعي الثقافة والوسطية، من عينة من يعشقون ’فن وفِكْر‘ طرطور مثل باسم يوسف، يقولون لك—ما معناه—أنهم بالرغم من كرههم الأعمى للإخوان والتيار الإسلامي المنافق كله، وبالرغم من إيمانهم العميق بالفشل الذريع لمُرسي وحكومته بما فيها باسم عودة مثلاً، إلا أنهم في نفس الوقت لا يرضون بالعنصرية أو التعذيب أو الظلم أو الاعتقالات العشوائية أو الحكم العسكري. ولاحظ أنهم يقولون هذا، ولكن لا يؤيدون معتصمي رابعة ولو بكلمة واحدة ولن يقفوا معهم أبداً.

هذه العينات من الناس ليسوا مسلمين—إن كانوا—سوى بالعقيدة (يعني بالاعتقاد) وفقط؛ والله الذي لا إله إلا هو إنهم ليبراليون، كما يقول الكتاب، ليبراليون وأمخاخهم منغمسة انغماس تام في الليبرالية وأفواههم تقطر ليبرالية، وإن ارتدوا الحجاب وكانت أسمائهم أحمد ومحمد وتشدقوا بآيات من القرآن. ووالله الذي لا إله إلا هو الليبرالية ما هي إلا ثوب جديد لنفس روح العالمانية التي انكشف أمرها وحذر منها الغزالي والشيخ الشعراوي نفسه رحمهما الله. الشيخ الشعراوي قالها في الفيديو: لا يمكن أبداً أن يكون المسلم عالمانياً. وبناء عليه فلا يمكن أن يكون المسلم ليبرالياً.

العالمانية أو الليبرالية تريد أن تفعل بالإسلام ما تم بالفعل في المسيحية...ممارسات روحانية لا تخرج من ركن مظلم للعبادة في محراب في المنزل أو الكنيسة أو المعبد أو المسجد (ولاحظ أن بعد قرون من تآكل الهوية المسيحية خاصة في الغرب خلت الكنائس من العبادة حتى في يوم الأحد!)—أي مبدأ أن لا دين في السياسة، واعتقادات ثيولوجية أو دينية لا تخرج من العقل إلى اللسان في أي مكان عام—مبدأ أن الدين شيء بين الإنسان وإلهه فقط. هذا هو ما يريد مروجوا هذا الفِكر، من أمثال باسم يوسف، أن يفعلوه في الإسلام. وهذا هو الفِكر الذي يردده غنم وعبيد النخبة...ليبراليون في ثياب مسلمين.

تذكر: إن نطقوا الشهادتين، فدمائهم حرام علينا، ونعاملهم بالظاهر وهو إسلامهم، ولكن لا تثق بآرائهم ولا تعاملهم معاملة المسلم الكامل، لأن من عمل أو تكلم لإضعاف شوكة الإسلام كنظام حاكم، سواء عن عمد أو عن جهل، فهو يعمل على هدم الإسلام نفسه، لأن الإسلام لا يتجزأ أبداً. احذر المحجبات وذوي الأسماء المسلمة فيهم أكثر مما تحذر من الليبرالي الواضح الزندقة، لأن الليبرالي في ثياب الإسلام يشجع المسلم الجاهل وغير المسلم على الظن بأن هذا هو الإسلام ’الوسطي‘، والإسلام منهم ومن الليبرالية بريء. هؤلاء أخطر على الإسلام من العدو الواضح لأنهم يدمرون الإسلام ببطء، ويدمرونه من الداخل؛ وهم أهل بدعة. هداهم الله...أو أضلهم الله أكثر حتى يظهر عدم إسلامهم.

تذكر: كما أن الإسلام من المنظور الفرديّ هو الشهادتين والاستسلام لله ولأوامر الله كلها، فالإسلام من المنظور المجتمعيّ أولاً وأخيراً قانون...دستور، ترسيخ لأوامر الله هذه، قواعد حُكم. {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللَّـهُ فَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}—المائدة: ٤٤.

—ياسين رُكَّه