لمن يخشى خرافة ’الاحتكار‘ و’التكويش‘ في الدولة الديمقراطية؛ وهذه سذاجة سياسية يؤسفني أن أرى إعلامنا المضلل قد أقنع بها بعض أبناء هذا الشعب المعروف عنه الفهلوة، وقد كتبت وتحدثت وكتب الكثيرون غيري في واقع أحزاب الأغلبية في مختلف البلدان الديمقراطية المتقدمة في العالم، الواقع الذي يثبت أنه من السذاجة السياسية أن نسمي الانتشار الطبيعي لحزب الأغلبية في كوادر الوطن ’احتكار للسلطة‘؛ ولكني أريد أن أعالج القضية من منظور آخر يركز على خصائص واقع جمهورية مصر العربية اليوم ودينامية العلاقات السياسية فيه، فعندي لك سؤال: ما هي أنياب الدولة التي يُخشى منها الأذى؟ أليست الأجهزة الأمنية؟ الجيش والمخابرات والشرطة؟
حسناً، ألا يتفق أي اثنان مصريان عاقلان أن المخابرات والجيش والشرطة المصرية لا تطيق الإخوان المسلمين على الإطلاق؟ تمام، الإخوان نصف البرلمان—ليس كله أو حتى معظمه، فإن أخذوا نصف الحكومة أيضاً ونصف القضاء ومركز الرئاسة، ألا يمكنك أن تتفق معي أنهم، بالرغم من كل هذه السلطات، إلا أنهم لن يكون معهم ولو ناب واحد يتسلطوا به على الشعب؟ بل بالعكس، أنياب الدولة قد تكون دائماً علاقتها باردة مع الإخوان؟ أما على الجانب الآخر، فإن إعطاء أي سلطة تنفيذية للنظام القديم، نفس النظام الذي استخدم هذه الأنياب في قمع الشعب وقتل وتعذيب أبنائه سابقاً، سيسهل على ذلك النظام القديم استعادة كل سلطته مع الوقت لأن الأنياب كلها معه.
أي باختصار، إن كانت نيتك فعلاً هي موازنةُ وطنِك، وضمانُ عدم احتكار أو اختصار القوةِ في يدٍ وجهةٍ واحدة، فلتعطي السلطات التنفيذية إلى حزب الأغلبية الحالي وجرّبْهُ، واطمئن لأنه لا يملك أيَّ أنيابٍ—ولن يملُكها، فستظل أنياب الدولة هذه علاقتها باردة بهذا النظام الجديد، لأنّ الأنيابَ مخلصةٌ للنظام القديم على الأقل سياسياً وفكرياً، إن لم يكن اجتماعياً؛ أي أنه حتى وإن تخلصت الأنيابُ من علاقاتها الاجتماعية بالنظام القديم، فهي ستظل رافضةً للنظام الجديد وموافقة للنظام القديم من حيث المبدأ والفكر—السياسة.
وبهذا تتحق مصالح الشعب في عدم استبداد أي جهة. فوقتها، الأنياب لا تأتي لها أوامر بالقتل أو التعذيب أو القمع، وفي نفس الوقت السلطة التنفيذية ليس لها دلال على الأنياب كي تظلم الشعبَ بغرور الحاكم الذي يملك جيشاً رهن إشارته؛ لأنّ وقتها ستكون علاقةُ الأنيابِ بالسلطة التنفيذية أشبه بالهدنة.
أنت كمواطن ستأمن أي شر سواء من الأنياب أو من السلطة التنفيذية، لأنه يمكنك أن تشتكي أحدهما إلى الآخر ولن يكون الآخر متسامحاً مع الأول أو محابياً له على حسابك! فكّر.
—ياسين رُكَّه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق