قد تختلف مع الإخوان في الكثير أو القليل، قد تعترض على بعض قراراتهم، قد لا تفهم أسباب هذه القرارات، قد تصدق نظريات المدعوين بال’نخبة‘ عن نوايا وقلوب الإخوان، قد تكون غيّرت رأيك في الإخوان—أو لم تغيره أبدا (وهذا أكثر الظواهر أسفا)...ولكن إن أصابك عمى الكراهية لدرجة أنك لا تُقدّر لهم لفتة مثل هذه (إعلان لذوي الاحتياجات الخاصة) وتصر على تفسيرها من نفس منظور النظارة السوداوية المُحَجِّمة للعيوب والحاكمة على القلوب، فلا محالة قلبك أنت في خطر.
لا تستسلم للبرمجة الإعلامية المنظمة وغسيل المخ الذي يقوم به البعض يومياً، مع نشر الأكاذيب والإشاعات—التي سرعان ما يُكشف كذبها وزيفها؛ ولكن للأسف، لأن البعض لا يعطي وقتاً للتيقن أو الاستبيان كما يعطي وقتاً وأذناً للأخبار والإشاعات—بالذات عندما توافق هذه الإشاعات آرائه المسبقة، يظل الكثير من الناس يردد نفس الأكاذيب وهم لا يدرون أصلاً أنها أثبتت بالدليل كأكاذيب وإشاعات—ومنذ أسابيع! هذه ظاهرة رأيتها كثيراً بنفسي؛ ناس تكرر كلاماً عن الإخوان، أثبت منذ أسابيع أنه كذب وبالأدلة القاطعة، ولكنهم لم يسمعوا عن التكذيب المدلول…ربما لأنهم مشغولون بالبحث عن أكاذيب جديدة، ونشرها ونقلها والتشدق بها كل حين وآخر، ولأنهم لا يتجاوبون سوى مع آخرين يشاركونهم نفس مشاعر الكراهية أو النفور تجاه جهات محددة.
ليس المقصود أن الإخوان ملائكة أو فوق النقد، ولكن المقصود هو أننا كأفراد في أمس الحاجة إلى الرُقيّ بطريقة تفكيرنا وحكمنا على الأمور والناس، في أمس الحاجة إلى الابتعاد عن ازدواجية المعايير واحتضان الحيادية والموضوعية والحوار الراقي ذي اللغة المتحضرة، في أمس الحاجة إلى الرفض الموضوعي للأشياء بدلا من الرفض الانفعالي أو العاطفي والكراهية للأشياء، في أمس الحاجة إلى الحكم العادل على الأفراد والجهات—فنعطيهم ما لهم قبل أن ننقدهم فيما عليهم. أنت تحب وتريد منّي أن أعاملك أنت بهذه الطريقة العادلة والمحترمة، أفلا تحب للآخرين—وإن اختلفت معهم كما قد أختلف أنا معك—أن يتم التعامل معهم بنفس الطريقة؟
شاهد هذا الإعلان، وقل كلمة حقّ في الإخوان بين الحين والآخر، ولو كنت لا توافقهم في الكثير. وتذكر أن هذه الناس لم تأخذ فرصتها الحقيقية بعد، لأن ليس لهم اليوم أي سلطة تنفيذية، بل هم جزء من سلطة تشريعية تنبح صوتها مع سلطات تنفيذية لا تتعاون التعاون الكافي؛ والأهم، تذكر أنهم وإن كانوا يمثلون نصف البرلمان، فالنصف الآخر ليسوا إخوان—أكثر من ١٠٠ نائب يمكنه أن يخدم الوطن إن تقاعس كل الإخوان ومن غير المنطقي أن يكونوا كلهم متقاعسين. وأرجو أنْ تعي أنّ الانتشار الحزبي، لحزب الأغلبية في الساحة السياسية التنفيذية لأي دولة، هو أمر ديمقراطي طبيعي ويحدث في كل الدول المتحضرة، فإعادة صياغة هذا الانتشار الديمقراطي الحزبي إلى مسمى ال’تكويش‘ هو إضلال إعلامي، وتصديق هذا الإضلال هو للأسف…سذاجة وجهل سياسي—لا مقارنة بين حزب مخلوع مُزوِّر وحزب مُنتَخَب ديمقراطياً. فأرجو مراجعة نفسك فيما تظنه وتصدقه وتقتنع به، وأرجو إعمال العقل والتفكر فيما نسمعه ونردده، وأرجو الاستبيان والتيقن من كل ما نسمعه أو نقرأه أو نراه في عصر الخدع والإشاعات هذا.
دع عنك النظارة السوداوية، وانظر بعين المحايد الموضوعي، وبقلب يرحب بالاختلاف.
أنا عن نفسي، ومع الموسيقى في الخلفية وقراءة الكلام، وجدت عيني تدمع بابتسامة دافئة على وجهي في الدقيقة الثالثة…فهذه هي مصر التي أريد أن أراها…مصراً تخطت مرحلة التفكير فقط في الفقراء، وأصبحت تفكر أيضاً في ذوي الاحتياجات الخاصة، أثابنا الله جميعاً بخدمتهم. =)
—ياسين رُكَّه
من أجل ٣ مليون مصري | مشروع النهضة بلغة الإشارة
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق