فلنتذكر جميعاً أنه بغض النظر عن التوجهات الفكرية أو السياسية أو الانتمائات العاطفية في داخلنا، المنطق الواقعي الصادق الموضوعي الوحيد بخصوص الإخوان وقوتهم التنفيذية في تاريخ كتابة هذه الكلمات هو: أن الإخوان يملكون بالضبط صفر قوة أو سلطة تنفيذية في مصر اليوم، صفر!
فحتى لو حصل د. محمد مرسي على منصب الرئاسة، فإن هذا سيكون بالتأكيد أهمّ، ولكن أيضاً أوّل منصب تنفيذي يحصل عليه الإخوان، أوّل منصب. سيظل هناك الآلاف من المناصب التنفيذية، مثل قيادة الوزارات والمحافظات، والمناصب الشديدة التأثير على المجتمع (مثل رئاسة تحرير الصحف والقنوات التليفزيونية الرئيسية)، التي لا يملك الإخوان أياً منها اليوم ولن يحصلوا إلا على أقل القليل منها بفوز مرشحهم الرئاسي، حيث أن الأغلبية العظمى من هذه المناصب يتم الحصول عليها بالانتخاب. وللعلم بالشيء، طالما أن بقية هذا المناصب تُعطى بالانتخاب الديمقراطي، فبالتأكيد من مصلحة الإخوان أن يكون أدائهم من أفضل ما يكون حتى يحافظوا على صورتهم ويستمر تأييد الشعب لهم، أليس كذلك؟
أتدرون متى يمكننا أن نشتكي من ’تكويش‘ الإخوان أو نعترض على ما يُدعى ب’سيطرتهم‘ على المناصب؟ إن رأينا مثلاً أنهم بدءوا في نشر أعضائهم في أغلب هذه المناصب بطريقة غير ديمقراطية بل تعسفية وتخلو من الشفافية أو العدل—مثل إعطاء كرسي ما لإخواني على الرغم من أن الشخص الذي كان يجلس عليه بالفعل أكثر كفاءة أو إعطاء كرسي لإخواني بدون انتخابات محلية نزيهة وإلى آخره.
فيا أصدقائي ومعارفي وإخواني وأخواتي ومن لا يعرفني، أستحلفكم بالله أن تفكروا بعقولكم وتجتهدوا في أن يكون تعاملكم مع أي موقف تعاملاً موضوعياً وغير عاطفي، حتى وإن تعسرت الحيادية. لا أطلب منكم أن تحبّوا الإخوان ولا حتى أطلب منكم أن تثقوا فيهم! كل ما أطلبه هو أن تعقلوا ما تسمعونه وتضعوه على ميزان المنطق والموضوعية، وأن تكونوا أذكياء فلا تنساقوا وراء إعلام يتخابث بمصطلحات ساذجة وبدائية مثل ’تكويش‘ و’استولوا‘. لا مقارنة أو تشابه أبداً بين الحصول على أي سلطة أو كرسي—سواء تشريعي أو تنفيذي—بالانتخابات النزيهة (أو الديمقراطية) على جانب، وعلى الجانب الآخر الحصول على الكراسي والسلطة بالتزوير والإقصاء الإجباري لقوى المعارضة؛ لا مقارنة على الإطلاق بين الحرية والعدالة على جانب الواقع الثوري الديمقراطي الحر، والوطني على جانب الماضي القمعي الاستبدادي الاستعبادي.
إن أمكنك أن تفكر بهذه الطريقة الموضوعية الواقعية، فقل ما شئت بعدها وأيّد من شئت وانتخب من شئت وارفض الإخوان واجتهد في عدم حصولهم على كراسي أيضاً كيفما شئت؛ طالما أن مصطلحاتك نفسها راقية وتتحدث عن أفكار وأفعال—بدلا من اتهام نوايا ودخول في قلوب وترديد كلام يدل على سذاجة سياسية، طالما أنك تنقد وأنت مدرك جيداً أن الإخوان اليوم ليسوا إلا جزءاً من سلطة تشريعية لا تستطيع أن ’تنفّذ‘، وطالما أنك تتعامل معهم ومع الواقع السياسي بعقلية مثقفة عادلة واقعية متحضرة وواعية، فبعدها لك مطلق الحرية في أن تستمع لقلبِك. ووقتها يصبحك نقدك ورفضك للإخوان موضوعياً عقلانياً متحضراً…و[شِيك].
—ياسين رُكَّه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق