#مصر #صور توثيقية #دليل حجم #الثورة يوم ٦ أكتوبر ٢٠١٣ وأعداد المتظاهرين ضد #الانقلاب والحكم العسكري.
—ياسين ركه
#مصر #صور توثيقية #دليل حجم #الثورة يوم ٦ أكتوبر ٢٠١٣ وأعداد المتظاهرين ضد #الانقلاب والحكم العسكري.
—ياسين ركه
يزعم البعض أن رافضي الانقلاب والحكم العسكري يكرهون جيش مصر نفسه ويعملون على إسقاطه؛ كذبوا. بل إننا نريد إسقاط الحكم العسكري وحده، لا العسكر؛ ونكره القيادات الفاسدة التي تخون مصر ولا تمثلنا. وفي المقابل، نحب هؤلاء القادة الشرفاء الذين أخلصوا للوطن.
—ياسين ركه
هذه رسالةٌ إلى كلِّ المصريين المسلمين، بغضِّ النظر عن انتمائاتِهم ومواقفِهم الحالية، ثوارِ رابعة ومؤيدي الانقلاب، مستقلين وأحزاب، إخوان وسلفيين، مؤيدي الشرعية ومؤيدي الجيش، مؤيدي مرسي ومؤيدي السيسي، مؤيدي الحكمِ الديمقراطي ومؤيدي الحكمِ العسكري، وإلى آخرِه، طالما أنت مسلم وتحبُّ الله ورسولَه ودينَك، فرسالتي موجهةٌ إليك.
كنت قد كتبتُ سابقاً عدة مقالات عن أهميةِ قانونِ الدولةِ أو الدستور، وشرحتُ الفرقَ بين الدستور والشريعة، وأكدتُ أنّ القانون، أو السلطان، أو الدستور هو أهمُّ ركنٍ من أركانِ الدولة، وهو أُسُّ الفساد أو منبعُ الإصلاح. بل إن التحكمَ في القانونِ أو الدستور أهمُّ من التحكمِ في البنوكِ أو الجيوش. ومن هذا المنطلق، أكتبُ هذه المقالة.
أبدأ رسالتي بالجزء الموجه إلى أهل رابعة أو الثوار، وخاص إخواني من الشبابِ الثوريّ فيهم: لا تغتروا بأنفسِكم، ولا بقوتِكم، ولا بذكائِكم؛ ولا تغتروا بشعاراتٍ جوفاء مثل ’سلميّتُنا أقوى من الرَّصاص‘، فهذه أساطيرٌ أيضاً مثل أساطير الإعلامِ الكذوب الإسلاموفوبي. طيّب، ما هي الحقيقة إذن؟ الحقيقةُ هي ما قالها اللهُ سبحانه تعالى في كتابِه الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّـهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}—سورة محمد: ٧. يعني أنتم أنفسُكم لستم أقوى من العسكر؛ لا أجسادُكم ولا شبابُكم أقوى من رصاصِ العسكر؛ وبمنتهى اليقين، سلميتُكم ليست أقوى من رصاصِ وبنادقِ ومدرعاتِ العسكر؛ ولكن...الله! اللهُ أقوى من العسكرِ ورصاصِ ودباباتِ ومدرعاتِ العسكرِ وأقوى من أمريكا ومن الناتو ومن كل شيء؛ الله أكبر. ومفيش حاجة اسمها أكبر من إيه أو من مين؛ الله أكبر. نقطة. انتهى الموضوع: الله أكبر.
طيّب، طالما الموضوع كذلك، والله قال: {إن تَنصُرُوا اللَّـهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}، [يبقى عشان تنتصروا على العسكر، لازم تنصروا الله. عشان لما بنادق العسكر تتصوب تجاهكم، ولما يطلع من البنادق رصاص حيّ، تثبت أقدامكم، مالكُمش اختيار]…لكي تثبت أقدامُكم في هذه اللحظة، ليس لكم خيارٌ سوى أن تنصروا الله...فينصركم ويثبت أقدامَكم.
فالسؤالُ الذي يفرض نفسَه: هل أنت تنصر الله عندما تنصر ’الشرعيةَ‘ مثلاً؟ [جائز شيخك، أو العالم اللي بتثق فيه، بيقولّك أيوه،] نعم، أنت بنصرتك للشرعية، تنصر رجوعَ الحقِّ لأصحابه، وبالتالي تنصر الله. ماشي. لن أجادل في هذا، ولكنّي سأسألك: إن كان بإمكانك نُصرةَ الشرعية وبإمكانك نصرةَ الشريعة في لحظة الموت، أيهما أولى بنصرتِك؟ إن كنت تعلمُ أنك ستموت اليوم...اليوم؛ في ظنك، ما الأولى؟ نصرةُ الشرعية، أم نصرةُ الشريعة؟ هذا سؤالٌ لك، ولشيخك أو إمامك، أيا كان.
وبناءاً عليه، أيهما يتعلق أكثر بنصرِ الله؟ مرة ثانية، أيهما يتعلق أكثر بنصر الله؟ أيهما علاقتُه باللهِ أوثق...أقرب؟ شرعيةُ إنسانٍ ونظام؟ أم شريعةُ الله؟ أيهما أقربُ إلى اللهِ وإلى نصرِ الله؟ هذا سؤال لك، ولشيخك إن كان لك شيخ.
وبالإجابة على هذه الأسئلة، يمكنك أن تحدد ما الذي يستحق موتَك، ما الذي يستحق تضحيتَك، ما الذي يستحق نضالَك وكفاحَك، شرعيةَ الحاكمِ والنظام، أم شريعةَ الله؟ وما الذي سيجلب نصرَ اللهِ لك ولفريقِك، أسرع وبتأثير أقوى على الظالم؟ نصرتُك لشرعيةِ حاكمٍ ونظام، أم نصرتُك للشريعة؟
ومرةٌ أخرى، إن قال قائلٌ أن بنصرتِك للشرعية، أنت تنصر رجوعَ الحقِّ لأصحابِه، وهم الإسلاميين، فتنصر الإسلامَ نفسَه بطريقةٍ غيرِ مباشرة، لإن الإسلاميين يريدون تطبيقَ شرعِ الله، أو الشريعة، فعندي الرد على هذا أيضاً: بفس هذا المنطق، منطق ذلك القائل، أنت بنصرتِك للشريعة، تنصر الشرعيةَ بطريقةٍ غيرِ مباشرة. كيف؟ لأنه إذا كان الإسلاميون—سواءاً الإخوانُ المسلمون أو غيرُهم—فعلاً يريدون تطبيقَ شرعِ الله، أو الشريعة، وفي نفس الوقت، العسكرُ لا يريدون تطبيقَ الشريعة، فأنت بنصرتِك للشريعة، بالتأكيد تنصر الإسلاميين، وتنصر شرعيتَهم على العسكر. لأنك تريد شيئاً، والعسكر لا يريد هذا الشيء، أما الإسلاميون فيريدونه؛ فأنت بنصرتك لهذا الشيء، تنصر الإسلاميين أيضاً.
طيّب، ولماذا لا أنصر الإسلاميين أو شرعيتَهم مباشرة؟ لأنك بتأييدك لفكرةٍ بدلاً من شخص، وبنصرتك لشيءٍ وثيقِ الصلةِ بالإسلام، بالدينِ نفسِه، تضمن أن من تنصره (الشخص) عندما يأتي، سيعلم جيداً لماذا نصرته! ما هو سببُ نصرتِك له. سيعلم جيداً أنك نصرته لأنك تنصر الشريعة؛ وبالتالي، إن كان به من قبل بعض التذبذب أو الحيرة أو التردد في تطبيق الشريعة، كل هذا سيختفي تماماً عندما يرى أن من نصره، نصره أساساً...من أجلِ تطبيقِ الشريعة. وبالتالي، الكلُّ يفوز وينتصر! الإسلامُ ينتصر بنصرةِ شريعتِه، وأنت تنتصر بالثوابِ الذي أخذته لنصرةِ الإسلامِ والشريعة، والإسلاميون ينتصرون برجوع الحقِّ لهم، وفي نفس الوقت، بتيسيرِ مهمةِ تطبيقِهم للشريعة؛ حيث أن وقتَها، لا يوجد حُجَّة عندهم لتأجيلِ تطبيقِ الشريعة أو لاتباعِ الفكرِ الفاسد الذي يقول بتدرجِ تطبيقِها؛ لأنهم سيروا أن من نصروهم، نصروهم من أجل الشريعة، وليس من أجل شيءٍ آخر، لا العيش أو الخبز، ولا الحرية، ولا العدالة الاجتماعية المزعومة، ولا الباذنجانية...بل نصروهم من أجل الشريعة.
فكما ترى، أنت بنصرتك للشريعة، تنصر الشرعية، وتنصر الإسلاميين، وتنصر نفسك أيضاً، لأنك بنصرتك للشريعة، أنت تنصر الطريقةَ الوحيدةَ لتحكيمِ اللهِ، لتأكيد ربوبيةِ ووحدانيةِ الله بترسيخِ حاكميتِه وحدِه سبحانه وتعالى، وبالتالي تنصر الله بطريقة مباشرة، فتفوز في الآخرة وتنتصر في الدنيا أيضاً: {إن تَنصُرُوا اللَّـهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}.
هذا، وإن العملَ على نصرةِ فكرةٍ أو قضيةٍ مثل شريعةِ الله سيجمع شملَ أكبر عدد ممكن من المصريين والثوارِ الشرفاء. كيف؟ لأننا اليوم في مصر انقسمنا إلى عدةِ أقسام، بغض النظر عن نسب أو أحجام تلك الأقسام. والأقسام الرئيسية التي انقسمنا إليها أعتقد أنها أربعةُ أقسام: قسمٌ يؤيد حكومةَ مرسي والإخوان، قسمٌ يؤيد حكمَ العسكرِ ويؤيد الجيش، قسمٌ يرفض الاثنين: الإخوانَ والعسكر، وقسم لا يهتم أو بالكاد يهتم اهتماماً سطحياً من بابِ الدرايةِ والعلمِ بالشيء، ولهذا فلن أهتم بهذا القسم في كلامي.
القسم الذي يؤيد حكومة مرسي والإخوان يؤيد الشريعة أيضاً بمنتهى الوضوح والسهولة، وهم أغلب أهل رابعة. أما القسمان الآخران ففيهما قولان: ظني بالقسم الذي يؤيد العسكرَ هو أن معظمَهم، ولا أقول كلَّهم، ولكن معظمُهم يؤيدون العسكرَ من بابِ الوطنية وحبِّ الوطن، وهم في نفس الوقتِ يؤيدون الإسلامَ ويحبون الله ورسولَه صلى الله عليه وسلم، ولو على الأقل شفهياً عندما تسألهم، حتى وإن كانت طريقةُ حياةِ بعضهم أو عاداتُهم لا تدل على ذلك؛ على الأقل إن حاورتَ بعضَهم، لأكدوا لك انتماءَهم للإسلامِ وحبَّهم للهِ ولرسولهِ صلى الله عليه وسلم. وبناءاً عليه، إن سألت بعضَهم: من أهم عندك، اللهُ ورسولُه أم السيسي؟ ما الأهم عندك، الإسلام أم الجيش؟ إن قال لنا: ’السيسي والجيش أهم‘، فقد كفر ولا نتحدث معه أكثر من ذلك. إن قال لنا: ’الاثنين ولا يوجد تناقض‘، فنسأله: أتضع الإسلامَ، دينَ الله، في نفس المنزلةِ مع مجموعةٍ من الجنود؟ هان عليكَ دينُك؟ أتضع الله سبحانه وتعالى في نفس المنزلةِ مع بشر، قائدِ جيش؟ هان عليكَ اللهُ لهذه الدرجة؟ أما إن قال لنا: ’اللهُ والإسلامُ أهم عندي من أي شيء، ولكن مرسي ليس نبيّاً مرسلاً أو والياً من أولياء الصاحلين، والإخوانُ لا يمثلون الإسلام‘؛ نقول له: متفقون على هذا تماماً. لا نعطي مُرسي فوق قدرِه، والإسلامُ أعظمُ من أن يمثله فصيلٌ أو حزبٌ واحد. ولهذا فإني أدعوك ألا تؤيد مرسي أو الإخوان، ولكن تؤيد شريعةَ الله، تنصر اللهَ معي، فتطالب بتطبيقِ الشريعة. وبهذا، نحن نبعد عن الجدلِ العقيم في مسألةِ من هو الخائنُ ومن الأمين، من هو الكاذبُ ومن الصادق، وإلى آخره. نبعد تماماً عن هذا الجدلِ العقيم، ونركز في نقطةٍ محددة، هي كفيلة بأن تُظهر الحق. تعالى معي، نؤيد الشريعةَ ونطالب بها، فننصر الله سوياً. والله وعد في كتابه الكريم أننا إن فعلنا، لنصرنا اللهُ وثبت أقدامَنا. وبناءاً عليه، نحن وقتها لا نؤيد لا مرسي ولا الإخوان ولا الإسلاميين ولا السيسي ولا الجيش، بل نؤيد فقط الله، وننصر فقط الله. وبهذا، إما أننا سندعو الجميعَ إلى نصرةِ الله أيضاً، أو أن الله سيُظهر الحقَّ على أيدينا، عندما نرى من سيحاربنا ويقاومنا على الرغمِ من أننا لا نشخصن، لا نؤيد أشخاصاً ولا أطرافاً، وإنما فقط نؤيد شريعةَ الله، فقط ننصر الله. وقتها من يحاربنا، سيثبت أنه يحارب الله ودينَ الله. وقتها نعرف من الخائن ومن الوفي لله؛ من الكاذب ومن الصادق في حبه لله وفي تأييده لما يرضي الله.
شيءٌ بديهيٌ أن الحكمَ بما أنزل الله، تحكيمَ شرائع الله، استخدامَ شريعةِ الله في السلطة، يرضي الله. فكل ما علينا القيامُ به هو أن نؤيد نحن هذا بالتحديد، نؤيد نحن، وبمنتهى القوة والعزيمة والإصرار والإيمان، تحكيمَ شريعةِ الله علينا وجعلَها قانونَنا ودستورَنا؛ ووقتها، ليس علينا سوى أن نرى ردودَ أفعالِ الأطرافِ المختلفة، فنرى من يحاربنا وبالتالي يحارب الله وحاكميَّتَه بمحاربةِ شريعةِ الله، ومن يؤيدنا ويساعدنا بصدقٍ وإخلاص.
وبتثقيف أنفسنا وتعليم أنفسنا حقائقِ الشريعة، يمكننا أيضاً أن نكشف المخادعين الذين يزعمون أنهم يطبقون الشريعة، ولكن في الحقيقة هم لا يفعلون ذلك ويقبلون بقوانين وضعية عالمانية—ولو جزئياً—بدلاً من قوانين الله؛ فإن انكشف خداعُ أحدٍ تسلق علينا بالكذب، ثرنا ضده ورفضناه وطردناه وطالبنا بمن يصدق في تطبيق الشريعة.
أما من يقول أنه لا داعي لتطبيقِ الشريعة الآن أو أنها غيرُ مناسبة للوقتِ والزمان أو أن نطبقها بالتدرج، فالردُّ على هذا الكلامِ أيضاً بفهم شريعتِنا فهماً سليماً، وبفهم ما إذا كان تطبيقُ الشريعةِ شيئاً اختيارياً أصلاً، أم مثله مثل الصلاةِ على أوقاتها خمس مرات في اليوم—فرض، بل مثل شهادةِ ’لا إله إلا الله‘، وجزء لا يتجزأ من هذه الشهادةِ نفسِها—أمر يتعلق بالعقيدة وما دونه كفر وشرك!
وبالنسبة إلى القسم الثالث، الذي يرفض الاثنين: الإخوانَ والعسكر، فبعض هؤلاء ليبراليون وعالَمانيون يزعمون الانتماءَ إلى الإسلامِ وفي نفس الوقتِ يؤيدون قلباً وقالباً أنظمةً سياسيةً مثل الليبرالية والعالَمانية، وهؤلاء لا يستحقون أكثر من أقل القليل من الكلامِ معهم عن أهميةِ الشريعة وكونِها جزء لا يتجزأ من شهادة لا إله إلا الله؛ فإن سمِعوا واقتنعوا بالأدلةِ والمنطق، فأهلا وسهلاً بهم في الفهمِ الصحيحِ لدينِ الإسلام؛ وإن لم يسمعوا وأصروا على تأييدِ أنظمةٍ معاديةٍ للإسلامِ بشموليته وكليّته، فلا داعي لتضييع الوقت معهم ونسأل الله لهم الهداية. ولكن من بين هؤلاء الرافضين للإخوانِ والعسكرِ معاً، أناس ينتمون إلى الإسلامِ بصدقٍ، أو على الأقل يريدون أن ينتموا إلى الإسلام بصدق، بل ويحاولون أن يؤيدوا التيار الإسلامي أحياناً، ولكنهم تأثروا مثلاً بأخطاءِ الإخوانِ وبالإشاعاتِ التي تحوم حولهم من الإعلامِ الفاسد، فانتهى بهم الأمرُ إلى كراهية—أو على الأقل رفضِ—الإخوانِ أيضاً؛ «حركة أحرار» وبعض ثوار ما يسمى بالميدان الثالث أمثلة جيدة لهذا القسم من الناس في مصر اليوم. وهؤلاء، الرسالةُ لهم مشابهةٌ بعض الشيء للرسالةِ التي وجهتُها لمؤيدي العسكر—مع الاعتراف بالفرق الشاسع في التفكير بالتأكيد؛ بل إن أمرَ هؤلاءِ المؤيدين للمشروعِ الإسلاميّ أسهلُ بكثير، لأن قضيةَ هؤلاءِ ليست مشخصنة أصلاً، وهم ببساطة حائرون بين الجهاتِ الموجودة، ويكرهون أو ينفرون من أغلبيتها العظمى. فمعظم هؤلاء قد يرون المنطقَ والجمالَ والقبولَ في قضيةِ تأييدِ الشريعة ونصرةِ الله بهذه الطريقة، مع الوعد لهم أن نظل كلُّنا على العهد، فلا نؤيد سوى الشريعة، ولا نعين سوى من يطبق الشريعة بصدق؛ وأن نرفض ونثور ضد أي جهةٍ أو شخص، كائناً من كان، من أول لحظة نتأكد فيها أنهم يخادعوننا ولا يطبقون شريعةَ اللهِ فعلياً وبصدق. نعدهم ونعاهدهم على أن تكون قضيتُنا الشريعة، وألا نؤيد أحداً إلا إذا تأكدنا أنه يطبق الشريعةَ بالفعل، لا ينوي أو يهدف إلى تطبيقِ الشريعة، بل يطبقها فعلياً ومن أولِ يوم.
يعني، أهل الميدان الثالث، تعالوا لنوحد الصفَّ ونثور مع بعضنا البعض، لا لأحزابٍ أو أشخاص، بل لفكرةٍ وقضية، وهي الشريعة؛ ولننشر هذا الفكرَ قدر الاستطاع ونطلب من الثوارِ أن يغيروا فكرَهم وشعاراتِهم بإحلالِ الشريعةِ مكان الشرعية، وإخلاصِ النية لله والتمسكِ به بدلاً من التمسكِ بأشخاص؛ ولكن لن يمكنكم توصيلَ هذه الرسالةِ إلى الثوارِ الآخرين وأهلِ رابعة إلا إذا وحدتم الصفَّ، ورأوكم معهم في مواجهةِ الظلمِ والاستبدادِ والحربِ الحالية على دين الله. يجب أن يراكم أهل رابعة معهم، موحدين للصف، كي يسمعوا رسالتَكم ويقتنعوا بها. وأرجو منكم عذر بعضهم إن لم يقتنعوا؛ فإن قلة الوعي والعلم متفشية في كل مكان في الدنيا اليوم، وعاطفة الشخصنة أو الارتباط بأشخاص شيء متأصل في الكثير من البسطاء؛ أرجو أن تعذروا هؤلاء وتستمروا في نشر رسالتكم للآخرين. ولعلكم تقتنعوا أن الرئيس والبرلمان المنتخب لهم شرعية اختيار أغلبية الشعب لهم، وإن كانت شرعية ثانوية ومشروطة بتطبيق الشريعة؛ ولعلكم توافقوني، إخواني من الميدان الثالث، على أن هذا الرئيسِ المعتَقَل والبرلمانيين المسجونين، قد دفعوا ثمن أخطائِهم، ولعل بعضُهم أدرك أنه فرط في حقِّ الله؛ وأيضاً هؤلاء يمكننا الضغطَ عليهم ومعارضتَهم ومحاسبتَهم بما وعدونا به ثم أخلفوا؛ أما العسكر، فهم لم يعطوا أي وعودٍ بتطبيق الشريعة، بل ويبدو أنهم يحاربون دينَ اللهِ نفسَه اليوم؛ أنا لست بصدد التأكيد على أي إتهامات ضد أي جهة في مقالي هذا، ولكن هذا ما يراه البعض. النقطة التي أهتم بها هنا هي أن الشرعية التي ينادي بها بعض أهل رابعة ليست باطلة تماماً، لأن الرئيس والبرلمان قد يكونوا وقعوا في أخطائهم عن جهل، وفي نفس الوقت هم فعلاً اختيار الأغلبية؛ وبالتالي، فشرعيتهم قد لا تكون باطلة تماماً، ولكني أوافقكم أنها شرعية ثانوية ومشروطة بتطبيق الشريعة؛ فتسقط عنهم حتماً في حالة التأكد من رفضهم لتطبيق الشريعة عن عمد وعلم؛ ولكن يجب قبل إسقاط شرعيتِهم التأكد من تعمدِهم وعلمِهم ببطلانِ وفسادِ ما يقومون به في حقِّ الشريعةِ الإسلامية.
هل كل هذا يعني أننا سنقطع يد السارق ونجلد الزاني من أول يوم، وغيرها من الاسطوانات التي يرددها الإعلام الإسلاموفوبي أو الكاره للإسلام؟ هذا يدخل في تفاصيل وشروط تطبيق أي شرع من شرائع الله، وهذه التفاصيل وهذا النوع من العمق في الشريعة ليس قضيتَنا؛ بل إن قضيتَنا هي مصيبة أننا نكفر ونشرك بالله إن لم نعترف بفرضية تطبيق أوامر الله، قوانين الله، شرائع الله. مرة أخرى، أي شخص يكفر ويشرك بالله إن لم يطبق قوانينَ الله ويعترف بفرضيتها. وبالنسبة لهذه التفاصيل، فلن نكون أبداً أرحمَ على الناسِ من الله، لن نكون أبداً أعلم بما ينفع الناسَ ويناسبهم أكثر من اللهِ سبحانه وتعالى. وليس للدخول في التفاصيل الآن، ولكن لإعطاء مثال سريع لإثبات أن هناك مساحة لمناقشة التفاصيل لاحقاً بالمنطق وبما يطمئن قلبَ أيِ إنسانٍ قد يكون عنده القليلُ من الشكِّ نتيجة قلةِ العلم، مثلاً، حد السرقة لا يطبق على من سرق لسدِّ جوعِه أو لحاجةٍ ملحةٍ تعني الفرقَ بين الحياةِ والموت. بمعنى آخر، عدم تطبيق حدٍّ ما أحيانا يَعني ببساطة تطبيقَ الشريعة، لأن الشريعة هي التي تحدد حكماً آخر في هذا الموقف. أكرر، عدم تطبيق حدٍّ ما أحيانا يَعني تطبيقَ الشريعة، لأن الشريعة هي التي تحدد حكماً آخر في هذا الموقف. وكما ذكرت، الدخولُ في هذه التفاصيلِ والجدلُ فيها ليس قضيتَنا اليوم إطلاقاً؛ وإنما قضيتَنا هي إثباتُ الأهميةِ القصوى لتطبيقِ قوانين الله، والمطالبة بها؛ والاعتراف بأن أكثر الآلياتِ الديمقراطية، أو أساليبِ العملِ السياسي حالياً، والتي انخرط فيها الإسلاميون أنفسُهم في حكومةِ ما بعد الثورة، هي آليات أو أساليب مخالفة لدين الله، ولا يرضى اللهُ عنها؛ ويكاد يقسم الكثيرُ أن هذه المخالفاتِ هي أسبابُ تخلي اللهِ عنا في المرحلة السابقة وعودتِنا إلى الذلِّ والمهانةِ والقتلِ والتعذيب. وبالتالي، فلا عزةُ لنا، ولا عودةٌ إلى التمكينِ للمشروع الإسلامي إلا إذا كان فعلاً إسلامياً وفعلاً يرضي الله. ولن يكونُ المشروعُ الإسلاميُّ بالفعل إسلامياً إلا إذا طَبَّقَ قوانينَ الإسلامِ من أولِ يومٍ في السلطةِ والحكم.
وفي النهاية، ألخص رسالتي في دعوةِ كلِّ المصريين المسلمين، من يحبون الله ورسولَه والإسلام، حباً حقيقياً، سواءاً كانوا إخوان أو سلفيين، وطنيين أو مؤيدين للنظام السابق، عسكريين أو مؤيدين للجيش المصري من باب الوطنية، طالما أنتم تحبون الله ورسوله والإسلام فوق أي شيء، فتعالوا إلى كلمةٍ سواء، لا نشخصن، لا نتبع أي شخص أو أشخاص، سواءا رئيساً أو قائدَ جيش، حزباً سياسياً أو جنوداً، تعالوا نتبعد تماماً عن الشخصنة أو تأييدِ أي أشخاص؛ وتعالوا لننصر الله، ولا أحدَ غيرَ الله. تعالوا لنُحَكِّم الله ورسولَه علينا؛ كيف؟ بتحكيم القرآنِ والسنةِ علينا. كيف؟ بتحكيم شريعةِ الله علينا، قوانينِ الله. تعالوا كلنا نجتمع على هذا، ونعاهد بعضَنا على هذا، ولا شيء غير هذا. فننظر من سيؤيدنا في قضيتِنا هذه، ومن سيحاربنا. ونحن بالفعل جربنا أحزاباً إسلامية أقنعتنا أنها ستطبق قوانينَ الله، ولكن أثبتت التجرُبةُ أنهم اتبعوا آلياتٍ وسياساتٍ فاسدةً وغيرَ شرعية، أيْ طرقاً وسياساتٍ مخالفةً للشريعةِ وتستبدلها بالقوانينِ الوضعيةِ في بعض الأمور؛ ورأينا بأنفسنا فشلَ هذا الطريقِ وإذلالَ اللهِ للكثيرِ منا بسبِبه؛ فبإذن اللهِ لن نقع في نفسِ الفخِّ مرة أخرى، ولن نسمح لأيِّ حزبٍ أو رئيسٍ أن يخدعنا نفسَ الخدعةِ مرةً أخرى. هذه المرة، إما آليات وسياسات تطبق قوانينَ اللهِ بحذافيرِها، ومن أولِ يوم...وإما الثورة مستمرة. ودعوتي لكل من يقتنع برسالتي هذه، هي أن يوحدَ الصفَّ تحت شعارِ رابعة وفي مظاهراتِ رابعة، مع دعوةِ الناسِ باستمرارٍ إلى التخلي عن شعاراتِ الشرعية، واستبدالِها بشعاراتِ الشريعة، ومع التماسِ العذرِ لأي مجموعات من الناس لا تقتنع بهذه الرسالة، والاستمرار في توحيدِ الصفِّ معهم. لماذا نعذرهم مؤقتاً ونوحد الصفَّ معهم؟ لأني رسالتي ليست ’لا للشرعية، ونعم للشريعة‘؛ بل أقول: الشريعة فوق الشرعية، ولا شرعية بدون الشريعة؛ أي أن شرعيةَ القائدِ أو الرئيسِ المستمدةَ من اختيارِ أغلبيةِ الشعب هي شرعيةٌ مؤقتةٌ وثانويةٌ ومشروطةٌ بتطبيقِ الشريعة؛ فنعم، لها وزن وأهمية، ولكن هذه الشرعية لا يمكن الاحتفاظ بها إلا بالشريعة. وبالتالي، يمكننا أن نعذر من منعته العاطفة أو قلة العلم عن الاقتناع برسالتنا في المرحلة الحالية، ويمكننا أن نوحد الصفَّ معهم على أية حال في هذه المرحلة، مع التركيز على رسالتنا والاستمرار في الدعوة إليها: الشريعة فوق الشرعية، ولا شرعية بدون الشريعة.
—ياسين ركه
ملحوظة: من أراد أن يسمع ويرى الأدلة على منطقيةِ وعدالةِ وصحةِ تطبيق الشريعة، كاملةً ومن أول يوم، وحتمية تطبيق الشريعة للاحتفاظ بإسلامنا نفسه، فليستثمر وقته لمشاهدة سلسلة «نصرةً للشريعة» للدكتور إياد قنيبي.