الأحد، ديسمبر 9

هل هي قسوة أم صراحة؟ دقة أم دراما؟

yaseen-rocca-banner-arabic-debate

بعض الناس بتقولِّي: ‘بالراحة شوية يا ياسين’.

أنا بأقول إننا كلنا أخدنا كفايتنا وزيادة من الراحة، وآن الأوان بقه ناخد شوية صراحة. شوية صدق. شوية حق. وشويتين شجاعة في الحق.

اللي عايز راحة، يدوّر عليها في حته تانية؛ أنا معنديش راحة، وإنما عندي صراحة.

عربي أفتخر بعرب الأمس، وأمتعض من دراما ومبالغات وانفعالات وتهويل عرب اليوم.  عرفت معنى الحمار الذي يحمل الأسفار في بعض الحاصلين على الدكتوراه ممن جادلتهم، وقابلت دود كتب أو قراء لا يجيدون إسقاط ما قرءوه على واقعهم، وتعلمت جواهر الحكمة من الإمام ومن اللئام. لا أبالي بالشكليات ولا الألقاب، ولا التقاليد البعيدة عن الإسلام، فأنا اسكندنافي كما أني عربيّ. حدثني بالمنطق السليم، والدليل القويم، والعلاقات المناسبة بين الأفكار، أو اسكت.

وبعض أصدقائي حتى يستشهدون بجزء من الآية الكريمة في القرآن: ’وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ‘. معنى هذه الكلمات في التفسير الميسر كالآتي: ’ولو كنت سيِّئ الخُلق قاسي القلب‘. فالسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو: هل الصراحة والصدق في الحق يعتبرا سوء خلق وقسوة قلب؟ ما علاقة القلب هنا أصلا عندما أصف مثلاً قول أحدهم بالكذب فأقول ’هذا كذب‘، أو أصف فعل أو موقف أحدهم بالمخزي فأقول ’هذا موقف مخزي‘؟ العرب قديماً كانوا هكذا؛ عندنا سجلات تاريخية نرى فيها أنهم كانوا يستخدمون تعبيراً مثل ’هذا كذب‘. فما الذي حدث لنا؟ لماذا أصبح فهمنا للغة بهذا الجهل والسذاجة والانفعالية والقفز إلى استنتاجات خيالية؟

إني أصف الكلمة أو الفعل أو الموقف، ولا أصف الشخص. ثم أذكر لماذا، بالمنطق أو الشاهد أو الدليل. كل هذا ليس له علاقة بسوء الخلق أو بقسوة القلب أو حتى بالقلب نفسه على الإطلاق، وإنما هي صراحة صافية من اللف والدوران عندما يكون الحق على الميزان، وتكون سمعة حزب أو أمة كاملة تحت فحص العيان.

ومع هذا، فأُشهِد الله أني أجتهد أن أكون دبلوماسياً مع الشخص الذي يستحق هذا الجهد. ولكن للأسف، معظم الناس هذه الأيام—خاصة العرب—انفعالية، تهويلية، مبالِغة، وينطبق عليها المصطلح الغربي ’دراما كوين‘ أو ملكة دراما. Drama queens

—ياسين رُكَّه

ليست هناك تعليقات: