"هناك طائفة جهل في الولايات المتحدة، وكانت دائماً موجودة. سلالة [ضد-الفكر] ظلت دودة مستقرة تتسلل إلى حياتنا السياسية والثقافية، تحت رعاية المفهوم الفاسد بأن الديمقراطية تعني أن ’جهلي صالح مثله تماماً مثل علمك‘"—إسحاق أسيموف، نيوزويك، ٢١ يناير ١٩٨٠.
يعني الرجل يقصد أن بعض الناس تظن أن الحرية والديمقراطية تعني أن أي رأي، حتى وإن كان خطأ أو مغالطة أو جهلاً محضاً، صالح ويجب أن يُحترم ويُقبل، مثله مثل الرأي الصائب والحق المصحوب بالمنطق والأدلة؛ طالما وضعنا على أي كلام طابع، ملصق، أو مسمى ال’رأي‘، إذن فعلينا احترام الكلام وقبوله والسكوت عليه! وكله باسم الحرية والديمقراطية. هذا الفكر الفاسد، والذي شبهه إسحاق أسيموف، سنة ١٩٨٠، بسلالة من الديدان الطفيلية، كان متواجداً في أمريكا منذ السبعينات—بل ومن قبلها، فهل يخفى علينا معشر العرب اليوم، ونحن بنا ما بنا من رجعية وجهل وتخلف ننافس بهم أي تخلف موجود في البلاد المتقدمة تكنولوجياً، أن نفس هذا الفكر الفاسد موجود اليوم في حياتنا السياسية والثقافية—وبكثرة؟
ما ذكرني بمقولة أسيموف وهذا الكلام هو أني سمعت أكثر من شخص فشل معي في إثبات إدعائاته بالمنطق أو الدليل، ولم يروق له أن أكون صريحاً في وصف أي كلام مذكور بالخطأ أو الجهل، فلم يجد ما يفعله سوى أن يلجأ إلى الهجوم الشخصي، فيتهمني بأني أهينه أو أتهجم على شخصه وأني لا أتقبل آراء الآخرين! وكأننا مجبرين على تقبل واحترام أي هلاوس من أي شخص، حتى وإن فشل فشلاً ذريعاً في إثبات كلامه أو إقناعنا بالمنطق والأدلة. وكأن تعبير ’خطأ يحتمل الصواب‘ مثله مثل ’خطأ لا يحتمل أصلاً الصواب‘، لأن لا يسانده لا منطق سليم ولا أدلة وجيهة!
كل الآراء صالحة، وكل الآراء مقبولة، وكله تمام. هناك الكثير من الناس اليوم ممن يرددون مثل هذا الكلام وهم مقتنعين قناعة تامة بهذا المنطق الفاسد. فعلاً، وكأن الخطأ والكذب والجهل أصبحوا جميعاً مثلهم مثل الحق، طالما وضعنا على أيهم ملصق ’رأي‘! وعجبي.
—ياسين رُكَّه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق