السبت، ديسمبر 29

باسم يوسف في ميزان الموضوعية الإسلامية

أنا عندي السخرية من أي شيخ أو عالم دين خط أحمر تماماً، وده مش عشان الشيخ نفسه، وإنما عشان الملصق أو المسمى المحطوط عليه ده: شيخ / عالم / إمام / وهكذا. الإسلام علمّنا نحط خطوط حمراء أمام أشياء محددة، ومن ضمنها علماء الدين بل وأيضاً المعلمين أو المدرسين في المدارس. فيه ناس معينة في الإسلام عليهم حصانة من السخرية والاستهزاء، مش ليهم همّا أو لأشخاصهم، وإنما لما يرمزون إليه ولما يدعون إليه. هل الحصانة دي مطلقة؟ أكيد لأه طبعاً، كل يؤخذ منه ويُرد إلا المعصوم؛ أي واحد غلطان نقوله إنه غلطان وفي وشه؛ يعني إيه؟ يعني نقد مؤدب موضوعي بنّاء. وبس. أكتر من كده، ألف لا عندما يتعلق الأمر بالمشايخ والعلماء. المشايخ والعلماء خط أحمر أمام السخرية، حتى لو فاسد.

أنا نفسي كنت غاضب بشدة بل وشعرت بكراهية تجاه مفتي الأزهر في سنة من السنوات الماضية، ولكن هذا الشعور لم يسوّل لي أبداً أني أسخر منه أو أستهزأ به. قلت عليه موظف حكومة، وقلت عليه خائن لأمانة الله، ودعوت الله أن ينتقم منه للخزي الذي جلبه للأمة والوطن بفتاواه وتصريحاته. ولكني أبداً لم أتجرأ على السخرية منه أو الاستهزاء به...مش عشانه هوّه، هوه يروح في داهية لو ربنا لم يهديه، ولكن عشان ما يرمز له وعشان وظيفته وعشان اللقب بتاعه. لازم أديلُه حصانة من أمور معينة وأحط قدّامه خط أحمر...أنقده وأقوله هو غلطان وكل حاجة، ولكن بقدر من التأدب إن أمكن وبدون زعزعة هيبة اللقب الذي يحمله.

لو في يوم من الأيام تجرد الشخص ده من اللقب بتاعه كإمام أو مفتي أو شيخ أو عالم، اعمل فيه اللي انت عايزه وباسم يتنيّل يعمل فيه اللي هوه عايزه. شيل منه الأول رتبته الدينية، زي ما تشيل من العسكري أو الشرطي رتبته الأمنية. لكن طُول ما لسه فيه ناس بتعترف بيه كأحد الرموز القيادية الدينية، يبقى السخرية والاستهزاء خط أحمر إلى يوم الدين. هذا هو الإسلام الذي أعرفه، ولا ديمقراطية ولا حرية ولا بتنجانية أبداً حتغيّر رأيي، يتحرقوا كل المعاني دي بجاز أمام ما أعرفه عن ديني.

وباسم يوسف حر أكيد كمقدم برامج مستقل لقناة تجارية تتبع قوانين البث والنشر في البلد التي تستضيف مبنى البث، يعمل اللي هوه عايزه هوه وقناته، ولكن إحنا برضو حرّين نعلّم عليه كإسلاموفوبي رسمي. أصلي واحد شغلته ليل نهار التريقة على الرموز القيادية الإسلامية بمختلف مدارسهم الفكرية، والسخرية من كل السياسيين ذوي المرجعية الإسلامية، يبقى إيه يعني؟ ده نسميه إيه؟ إسلاموفوبي، ملهاش حلّ تاني. لإن في الإسلام مفيش حاجة اسمها إسلام سياسي وإسلام اجتماعي؛ هوه الإسلام منظومة كاملة لإدارة الفرد والمجتمع. شيل من الإسلام أي جزء، فسد الكلّ. وحتى لو السياسات والقوانين الإسلامية كانوا جزء كبير من القضية، الحمد لله...باسم مؤخراً ظهر على حقيقته وانتقل من السخرية من السياسيين ذوي المرجعية الإسلامية إلى السخرية كمان من المشايخ والعلماء. يبقى أصلاً مفيش أي دفاع منطقي موضوعي ضد استنتاج إن باسم يوسف إسلاموفوبي رسمياً. حُر أيوه، وإحنا كمان حرّين نِعَلِّم عليه علامة كبيرة كده وواضحة، علامة إيه؟ إسلاموفــــــــــــــوبي.

ومن أفضل التعليقات التي قرأتها عن وضع باسم يوسف من المنظور الإسلامي كان تعليقاً لأخ كتب: ’هو غير مطالب بالحياد لكنه مطالب بالإنصاف؛ لا يمكن أن أتقبل أن يقتص من كلامى ويضعه فى سياق كلنا عارفين هو عامل ازاى.. إذا كان هؤلاء الشيوخ أخطئوا، فهم يستاهلوا أى كلام يوجه ليهم، لكن الخطأ أن يعمم على تيار... أن نحوال تدليسا أن نجعل مرسى مسئولا عن هؤلاء الشيوخ حتى لو يدعموه.. وإلا ستكون علياء المهدى هى المعبر عن التيار الليبرالى فى مصر!‘

باختصار، مش عيب إنك تضحك على التعبيرات الدرامية الفنية لباسم يوسف، وإنما العيب هوّه إنك متقولش إيه اللي ليه وإيه اللي عليه، وتسميه بما يناسبه. هو مذيع أو مقدم برامج تليفزيونية كوميدي ساخر، نعم، ولكنه أيضاً إسلاموفوبي بوضوح، ويعمل بمنتهى الإصرار على إضعاف وتلطيخ سمعة المشروع السياسي الإسلامي كله. أيضاً باسم يوسف يحضر الثقافة العربية والإعلام العربي ببطء إلى احتمال تقنين (جعله قانونياً) نشر الألفاظ البذيئة والنابية والسباب طالما تحت تصنيف إعلامي مثل ’للكبار فقط‘؛ وهذا اقتداء بالساحة الفنية في أمريكا مثلاً. يعني بمعنى آخر: جسّ نبض الشعب المصري والشعوب العربية تجاه احتمال إنتاج أفلام بدون ’تيـــــــت‘ وإنما بتوضيح شتيمة سبّ الأم والأب والمفردات العامّية لكلمة ’مومس‘ مثلاً وإلى آخره، طالما الفيلم عليه ’تصنيف‘ مثل ’للكبار فقط‘ أو ما شابه. اضحك على أعمال باسم يوسف لو عايز، بس اعرف إن كل نقرة فأرة (كلِكّة ماوس) وكل ضغطة ريموت تليفزيون هي مِثْل صوتك في صندوق الاقتراع أو الانتخابات...أنت تؤيد هذه القناة وهذا البرنامج بمشاهدته، وتساعد على ربحه وهكذا؛ وتذكر ما ذكرته عن الذي يفعله باسم يوسف في ميزان الإسلام وميزان التربية الإعلامية للشعوب.

—ياسين رُكَّه

ليست هناك تعليقات: