والله الذي لا إله غيره، إن بعض الناس في هذا العالم يعرفون أن الإسلام لله وتوحيده هو دين الحق، يعلمون هذا في عقولهم، ولكن قلوبهم لم تعلم بعد، قلوبهم لم تقبل، قلوبهم لم تفهم.
فالفرق بين شخص مثل هذا، يعرف الحق في عقله، ولكن يمتنع عن اتباعه، مثلاً لخوف من أهل أو قبيلة، أو خوفاً على جاه أو شهرة أو مال، وبين شخص عرف الحق بقلبه، هو أن من فقه بقلبه لا يستريح أبداً حتى يتبع الحق...يظل الحك وعدم الراحة في القلب في صراع دائم مع الخوف، حتى لم يعد الشخص يطيق الصراع في قلبه فيستسلم...يستسلم لله سبحانه وتعالى فيُسلِم، ويشهد أن لا إله إلا الله. ومن يشهد أن لا إله إلا الله اليوم، لا محالة سيعرف محمداً بن عبد الله وعيسى بن مريم البتول وموسى عليهم الصلاة والسلام جميعا.
“وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَـٰئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ” ﴿الأعراف: ١٧٩﴾.
وهذا نفسه ينطبق على المسلمة والمسلم الذي يعرف الحق، يعرف الحلال والحرام، الصواب من الخطأ، ولكن يظل مُصِرّاً على عصيان الله، سواء بشرب خمر أو زنا أو ترك الصلاة أو ترك الحجاب. هؤلاء عرفوا الحق بعقولهم، ولكنهم لم يعرفونه بقلوبهم بعد. لأن القلب الذي عرف الحق لا يمكن أن تقف أمامه قوة في الوجود؛ يظل يحيك في الصدر، ويئنّ ويطنّ ويتقلّب ويرتفع ثم يهوى فينكسر ويتلوّى، حتى يكاد صاحب القلب أن يصاب بالجنون، ولا يستطيع أن يستمر في الحياة إلا بالاستسلام لله، وإسلام القلب له سبحانه وتعالى.
هذا هو الفرق بين المعرفة بالعقل والمعرفة بالقلب، وذاك هو…جبروت القلب الذي عرف الحق. رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ.
—ياسين رُكَّه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق