كتب د. سامح العطوي:
“لكل دستور فلسفة..
ومن يوافق عليه يوافق على هذه الفلسفة قبل أن يتطرق الى الشئون القانونية..
وفلسفة الدستور تظهر للقارئ قبل أن يصوغها عقله الواعى..
بحثت كثيرا عن فلسفة لهذه المسودة حتى أعرف لم قد تحوز القبول..
ووجدت الآتى..
...
أنه دستور لا يعمد الى تقييد التشريع والقرار ويستبدل هذا باطلاق يد الحاكم فى الحفاظ على أخلاق الشعب وتأديبه وتربيته وحمايته من نفسه..
...
أى أنه لا يرى الطبقة الحاكمة كموظفين لدى الشعب يحافظون على مصالحه - بل كأوصياء على أدب الشعب وسلوكه حتى لا تغويه الحرية..
...
ويضع أهمية لمنع أخطاء الشعب فوق التى يضعها لمنع أخطاء التشريع والقرار..
...
ولا يرى دور الدولة فى خدمة المجتمع بل فى تقويم المجتمع..
...
ربما لهذا اعتبره البعض "درة الدساتير" و"أفضل دستور فى تاريخ مصر"..
لأن هذه الفلسفة ببساطة ترضيهم..
لأن أغلبهم فى الحقيقة تعودوا قداسة النظم الحاكمة..
فلم تعد تؤلمهم..
لكنهم لم يتعودوا حرية الآخرين.. ويجدونها مؤلمة..
...
والآن مع فاصل من الهجوم على العبد لله (من البعض)..
بدلا من التفكير الجاد والصراحة مع النفس..
معلش..”—د. سامح العطوي
فكان تعليقي:
د. سامح، أُشْهِد الله أني أحبك في الله، وأدعو الله لك بالتوفيق وطول العمر في الخير والشهرة ثم الخُلُق الذي تحمي به دينك وأنت تشتهر (ويا لها من اختبار اليوم: الشهرة)، كي ينفع بك وبأفكارك الأمة. إننا جميعاً في أمس الحاجة إلى التفكير النقدي والحوار الموضوعي والفكر الرشيد.
وبعد توضيح هذه النقطة، أريد أن أركز على جملتك ’لأن أغلبهم فى الحقيقة تعودوا قداسة النظم الحاكمة‘، فأزعم أن هذا هو بالفعل لُبّ الموضوع! ولكن بعضنا ينظر إلى الفكرة من منظور مختلف بعض الشيء. وسأشرح، الحرب عند بعضنا يا د. سامح هي حرب بين الشريعة والدستور، وأقصد أنها حرب فكرية إعلامية. ومن هذا المنطلق، أقول أن النظم الحاكمة الوضعية أو العالمانية، والتي ينبع منها الدستور، ليست مقدسة عند أغلبنا؛ بل إن العكس صحيح، الحاكم الإلهي الإسلامي، الله، والذي تنبع منه الشريعة، هو المقدس. ’إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّـهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ‘—الأنعام: ٥٧.
بعضنا يدرك أن الحاكم بأي قانون ليس مقدساً، ولكن في الجانب العالماني، المصدر الأصلي للقانون والدستور ليس مقدساً أيضاً؛ أما على الجانب الإسلامي، فإن المصدر الأصلي للقانون والشريعة هو الله، وبالتالي المصدر مقدس.
ليس كل من ادعى أنه يطبق أو يريد تطبيق قانون الله، الشريعة، صادق. نعم، أوافق الجميع على هذا؛ هناك من يكذبون باسم الدين. ولكن هل كلهم يكذبون باسم الدين؟ هذا تعميم لا يليق ومغالطة (ولا أقول أنك قلت هذا، بل أعني أنه إن قال قائل هذا فهو تعميم ومغالطة). إذن فالنقطة المهمة عند بعضنا هنا هي أننا أمام فريقين: فريق عالماني بحت، كله عالماني وبشهادتهم، يريدون أن يحكمونا بقانونهم الوضعي الذي اخترعوه هم؛ وفريق آخر عندنا فرصة أن يكون ولو بعضه على الأقل صادق في الرغبة في تطبيق قانون الله الشرعي. فمن نختار؟
الإجابة عند بعضنا واضحة. فنعم يا د. سامح، إننا نقدس، ولكننا لا نقدس رئيس الدولة، محمد مرسي، أو نقدس حزب الأغلبية، الحرية والعدالة، بل إننا نقدس صاحب الدستور (أو الشريعة)، من صاغ ووضع الدستور الذي سيكون رئيس الدولة والأحزاب الحاكمة مسئولين عن تطبيقه، وصاحب هذا الدستور وصائغه الأصلي هو الله؛ لأن الدستور الذي أعنيه هنا هو الشريعة، والشريعة مصدرها الله وإن وضعها الحاكم بلغة عصرية مفهومة.
وحتى إن أصبح وقتها الحاكم ومستشاروه ’أوصياء على أدب الشعب وسلوكه حتى لا تغويه الحرية‘، فطريقة أخرى لصياغة هذا الموقف هي أنهم وقتها سيكونون أوصياء على احترام الشعب لقوانين الله وتوافق سلوكهم مع السلوك العام الذي يرضي الله، حتى لا تغوي الحرية—التي لم يشرعها الله—أي أحد. ومن منظوري، لا عيب في هذا. طالما لم يدخل الحاكم بيتي بدون إذني كي يتعدى على خصوصيتي وما أفعله في السرّ، وإنما فقط هو يحمي المجتمع في الخارج ويعمل كوصي على الخلق العام وعلى تطبيق قوانين الله، ففي كتابي، أهلاً وسهلاً بهذا الحاكم. ومن لا يريد أن يعيش تحت قوانين الله، فله الهجرة أو اللجوء السياسي، والكثير من الدول اليوم تريد أن ترى لاجئين سياسيين مثل هؤلاء لا يريدون أن يعيشوا تحت قوانين إسلامية، أو تحت الشريعة.
—ياسين رُكَّه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق