تقريباً كل ما يريد أي شخص أن يفهمه عن العَلَمَانية أو دعوة الدولة المدنية، على لسان الدكتور محمد إسماعيل المُقَدَّم.
كل شخص مسلم يسمع هذا الكلام كله، ثم يظل مصراً على الدعوة إلى دولة مدنية أو عَلَمَانية، بالمنطق يصبح محارباً للإسلام، وإن كان يصلي صلاة المسلمين ويصوم. ليس المقصود أنه يكفر، ولكنه بجهل وعناد يصبح محارباً للإسلام وداعياً إلى إضعافه وإذلاله. د. محمد إسماعيل المُقَدَّم دكتور بشري نفسي وفي نفس الوقت عالم دين، ويردد مصطلحات إنجليزية أثناء كلامه تدل على أنه مطلع على علوم الغربيين، ويتحدث بمنتهى الهدوء والموضوعية والعقلانية، فلا يمكن أن ينعته أي أحد بالجهل أو التخلف أو الرجعية. وقد تحدث باستفاضة عن مسألة العَلَمَانية والدولة المدنية، وشرح بالتفصيل لماذا يعادي الغربيون بشدة تدخل الدين في شئون الدولة والمجتمع، وكيف أن العرب تشربوا هذا الفكر والعداء بدون وعي عن حقيقة جذوره الغربية التي لا تمت بصلة لنا. ويشرح فكرة عدم وجود سلطة تنفيذية عالمية في الإسلام مثل الكنيسة الكاثولوكية في روما للمسيحية، لأن السلطة التنفيذية في الإسلام ليست في يد رجل دين نائب عن الله وإنما في يد الله بإقامة شرائع الله وتطبيقها بالقانون، وبالتالي العَلَمَانية تحرم المسلمين من أي مرجعية دينية ومن سلطة الله في حياتهم اليومية. ويذكر نقطة تأثير العَلَمَانية على فكر الشعوب نفسه، بإلهامهم بالتشبث بالدنيا والاهتمام بالدنيا أولاً وأخيراً، وهو الفكر الذي يورث الفقر في الأفراد والمجتمعات، ويمحو الدين من حياة الناس بمرور الأعوام. ولا أعتقد أن الإنسان العاقل يمكنه أن يظل مقتنعاً ببراءة العَلَمَانية من محاربة الإسلام حرباً صريحة بعد أن يسمع كلام الدكتور.
وكم أعجبني ما قام به الدكتور محمد إسماعيل المُقَدَّم من ردِّ الجميل للمتنطعين بمصطلح "تجار الدين"، فقال "'وتجار الشنطة الثقافية' اللي بيفرضوا علينا ثقافات بالإكراه عن طريق العولمة...معزولون عن الواقع." وفعلاً، كلما حاربوا تجار الشنطة الثقافية، ومن تبعهم من السذج، الهوية الإسلامية لمصر بشراسة أكثر، كلما قام الجسم أو الكيان الشعبي المسلم بمقاومتهم باستماتة أكثر خوفاً على دينهم من الضعف أو التهميش. فبصراحة، اللي عايز يفضل يطبّل للعَلَمَانية والمدنية والليبرالية والبتنجانية، ويسقّف لتجار الشنطة الثقافية، خلّيه، الأغلبية اللي اسمها المسلمين اللي فطرتهم لسّه سليمة حتحب دينها أكتر وتقاوم حربهم ضد الإسلام باستماته أكبر، قاتلهم الله وأخزاهم في الدنيا خزياً ينقذهم من خزي الآخرة. وهي دي حكمة الله في خلقه.
ويوجد فيديوهات أخرى على يوتيوب تثبت أن الشيخ الشعراوي والشيخ القرضاوي والإمام محمد الغزالي كلهم حذروا من خطر العَلَمَانية بمنتهى الوضوح والصراحة، بل إن الشيخ الشعراوي رحمه الله قال بالحرف أن العَلَمَانية "قلة أدب" (لأنها تجرؤ على الله نفسه) وعندما سُئِل عن العَلَمَاني الذي يقول أنه متمسك بدينه قال الشيخ الشعراوي بالحرف: "ده كذب كذب كذب! ولا تحصل. ده ضد الدين ألف مرة. يعمى ولا يشوفش واحد متدين." يمكنك سماع هذا الرد بأذنك في فيديو من الفيديوهات.
وفعلاً، هوه فيه واحد يبقى متمسك بدينه ويحارب دينه في نفس الوقت ويعمل على إضعافه والتقليل من شأنه؟
ولي بعض التعليقات على أشياء ذكرها الدكتور الإمام محمد إسماعيل المُقَدَّم، أطال الله عمره في كل خير:
البوذية لها جذور في التوحيد، وقد أثبت هذا الدكتور والداعية الإسلامي الهندي ذاكِر نايك، ولهذا فقد نقول أن البوذية قد يكون لها أصل سماوي ثم حرّفت، بدلاً من القول بأنها دين أرضي بحت اخترعه الإنسان.
وأرى أننا عندما نصر على أن نشير لدين الحق أو دين الفطرة بكلمة أو مصطلح "الإسلام"، فإننا نقصي—وقد ننفر—الكثير من غير المسلمين، بالذات ممن تم غسيل عقولهم بعلاقات سلبية مربوطة بكلمة الإسلام (مثل ربط الإرهاب بالإسلام)؛ ولهذا فإني أفضل أن أشير إلى دين الحق أو دين الفطرة بمسمّى الوحدانية الإبراهيمية السمحة، أو ببساطة دين "التوحيد"، وهذا لا يبخس من الإسلام في شيء لأننا كمسلمين نتفق أن الإسلام والتوحيد واحد، لأن الإسلام ما هو إلى الإصدار الأخير—إن صح التعبير—لدين الله الحق، أي التوحيد. وأيضاً أفَضِّل مصطلح أو مسمى التوحيد لأن هذا المصطلح عالمي شامل. فما هو الإسلام في جوهره، إن لم يكن دين الخضوع التوحيدي، أو دين الاستسلام التوحيدي لرب واحد وهو الله ولا أحد غير الله.
وإن قال قائل أن هناك خطورة من استبدال كلمة الإسلام بكلمة التوحيد لأن هذا قد يجعل البعض يظن أن اليهودية مثلاً تكفي حيث أنها دين توحيد، لقلت أني لا أقصد أن نمتنع تماماً عن ذكر كلمة الإسلام، وإنما أقصد أننا لا نخبطها هكذا في كلامنا اليوم بدون تقديم أو توضيح، ونحن اليوم في عالم القرية العالمية، وما تَخْطُب به باللغة العربية في أصغر قرية ريفية مصرية قد يُسجل بكاميرا هاتف محمول ثم يُرفع على يوتيوب ويترجم للإنجليزية ليسمعه الأمريكي في نيويورك والاسكندنافي في ستوكهولم في اليوم التالي. فمثلاً قد نقول أن دين الحق أو دين الفطرة هو التوحيد، أو الوحدانية الإبراهيمية الفطرية، وفكرته الرئيسية هي الخضوع والاستسلام لرب واحد لا إله غيره وهو الله، ومن فكرة الاستسلام لله تأتي كلمة الإسلام، ونحن نعتبر الإسلام آخر إصدار للبشرية من رسالة التوحيد، وهي رسالة الله لبني البشر على مر العصور. بهذه الطريقة نكون قد شرحنا مقصدنا من استخدام كلمة الإسلام، بدلاً من استخدامها كمسمى يعطي إيحاء لغير المسلمين بأنها دين مختلف عن الرسالة الإبراهيمية التوحيدية السمحة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق