قال رسول الله (ص): ’لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب في المزاحة، والمراء وإن كان صادقا.‘
الراوي: أبو هريرة، المحدث: الألباني، المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2939، خلاصة حكم المحدث: صحيح لغيره.
والمراء، المقصود به في اللغة: استخراج غضب المجادل. يعني إيمان العبد ناقص لا محالة طالما يقول أشياءً لم تحدث أو يكذب كي يمزح ويقول النكات، وطالما يستخرج غضب الآخرين أثناء النقاش أو يستفز من يجادله. وللأسف الكثير من الناس تتهم الآخرين بفعل ذلك بالرغم من أنهم هم من بدءوا بالهجوم أو الاستفزاز أو التطاول وما شابه، ثم تشتكي من المعاملة بالمثل! وهناك أيضاً من لا يعجبه أصلاً الاختلاف معه في الرأي، فيغضب لانتقاد رأيه، مهما كان النقد متأدب أو هادئ، وبالرغم من أن الناقد لم يتطرق إلى شخصه على الإطلاق وإنما فقط إلى كلام أو أفكار أو أفعال. وهناك من يسيء فهم ما سمعه—عادة من الجهل بمعاني الكلمات أو عدم الانتباه الجيد أو الانفعال أو التعلق العاطفي الذي يغيّب العقل، فيفهم الكلام على غير مراده ثم يحكم على المتكلم وعلى نيّة المتكلم بناءً على هذا الفهم الفاسد. القاعدة البسيطة هي أن البادئ بالهجوم أو الغضب، بالاستفزاز أو السخرية، أظلم—أو أكثر ظلماً. وهذه القاعدة ذهبية لأنها تغطي المراء، وهو المبادرة أو البدء باستخراج غضب وخصومة الطرف الآخر، وتغطي أيضاً سوء الفهم؛ حيث أن الشخص الذي غضب يمكنه أن يتأكد مما يقصده الآخر قبل أن يلوم الآخر أو يعبر صراحة عن هذا الغضب، فإن ثبت أن الآخر لم يقصد ما فهمه الغاضب، فإن الغاضب لا يبدأ بالتعبير الصريح عن غضبه ولذا لا يعتبر البادئ الأظلم. فتذكر، البادئ….أظلم، سواء بالاستفزاز، السخرية، الغضب، أو سوء الفهم.
وهذا الحديث من الردود المُفحمة على كل من ادعى أنه لا يمكن لأي شخص أن يحكم على نقص إيمان شخص آخر، بحجة أن الإيمان في القلب؛ معلوم أنه في القلب، ولكن ديننا به الكثير من الآيات والأحاديث التي تساعدنا على استنتاج نقص الإيمان في الآخرين. ما لا يمكننا تحديده هو إذا ما كان إيماننا أكبر من غيرنا أو العكس؛ أما الحُكم بوجود مرض في القلب أو نقص في الإيمان بل ونقص في الإسلام نفسه، فيوجد عدة آيات وأحاديث دالة على هذا أو تساعد على استنتاجه.
—ياسين رُكَّه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق