قرائتي للتصريحات الحالية عن أحداث ثورة مصر والعالم العربي تختلف عن قراءة معظم الناس لها. مع احترامي لكل إخواني وأخواتي، ما أقرأه في التصريحات كالتالي:
الغرب يخشى "يتمنى" انتقال عدوى الثورات إلى مناطق أخرى في العالم بما فيها المنطقة العربية وأفريقيا. الآن، وبعد الثورة التونسية والثورة المصرية، السياسة الأمريكية الماسونية المتنوّرة تخشى تنتظر بشغف العدوى، ولكني أقول أنها ليست عدوى بل شفاء وأؤكد أنها عدوى، شفاء عدوى للتخلص من مرض قديم والدخول في عهد جديد بمرض جديد بعون الشيطان للمتآمرين الغربيين.
أما المرحلة القادمة فهي الأخطر. أمريكا لم تعد تملك من المصداقية السياسية ولا العتاد المادي الكثير، بل اقتصادها ودولارها معرض في أي لحظة للتبخر والسقوط نهائياً، فلن تستطيع أن تدخل مصر عسكرياً بنيّة الإصلاح أو حفظ الأمن.
قد تحشد الأمم المتحدة، وهي الواجهة الرسمية للنظام العالمي الجديد، "قوات حفظ السلام" وتقحم بها مع بعض المرتزقة لتؤمن إسرائيل وتيسر التلاعب في البنية التحتية للنظام السياسي والتعليمي والإعلامي بما يخدم أجندة النظام العالمي الجديد والصهيونية الروثتشايلدية. ولكن إن أدى هذا إلى حرب قد تبدأ قبل أوانها، وأوانها هو تدمير اقتصاد بقية الدول الإسلامية، فسيمتنعون عن القيام بهذه الخطوة ويكتفون بإبقاء فراغ وضياع سياسي وقيادي في مصر وبقية الدول لأطول فترة ممكنة، حتى يتمكنوا من إنهاء ما بدءوه في تونس، وإصابة كل دول المنطقة به.
في نفس الوقت، سيستمر المتآمرون في جر رجل الإخوان المسلمين—وهو المثال المصري—إلى الساحة السياسية، بل وإلى انتخابات الرئاسة إن استطاعوا، بإقناع الغرب بأن هذا هو ما سيحدث والاستمرار في الحديث عنه حتى يترسخ في العقل الباطن للغربيين وأيضاً في العقل الباطن للمثقفين العرب، وهو ما يُعْرف بالبرمجة التنبؤية (predictive programming)؛ وفي نفس المواد التي يعملون فيها لهذا الهدف، أيضاً يُخَوّفون العالم والمسيحيين والعَلَمَانيين العرب من حركات إسلامية أصولية—على حد وصفهم هم—مثل حركة الإخوان المسلمين!
وهذا كله بمساعدة عملائهم على المستوى المحلّي، بين الإعلاميين العرب والنظام الفاسد، ب"إتهام" الإخوان المسلمين ببدء شرارة هذه الثورة، والتركيز عليهم قدر الإمكان في الإعلام المحلي، فقناة الجزيرة تظهرهم بطريقة يبدو في ظاهرها الشفافية والحياد، وبقية القنوات تتهمهم بالتآمر من أجل الثورة، ومع الإصرار على إرسال هذه الرسائل محلياً لفترة كافية، مع الوقت يقتنع بها الكثير من المصريين، نفس المصريين الذين يفتخرون بهذه الثورة ويحبونها، وبالتالي في العقل الباطن سيعتبرون الإخوان المسلمين أبطال، فيجروهم إلى الساحة السياسية أكثر بل ويأخذهم البعض بعين الاعتبار في انتخابات الرئاسة! ومع الوضع في الحسبان أن كل مؤسسة في العالم بها عملاء وخونة، فقد ينتهى الأمر بالإخوان المسلمين أنفسهم مقتنعين أنه من الصالح للأمة أن يغيروا رأيهم وسياساتهم السابقة، فبالفعل يشتكرون بشخصية من قياداتهم في انتخابات الرئاسة.
وكل ما سبق من أحداث ومخططات قد يستمر إلى النقطة التي يُدَمَّر فيها اقتصاد كل دول المنطقة بطريقة أو بأخرى، سواء بثورة أو غيرها. وعند هذه النقطة، يبدأ—بإشارات خضراء من المتآمرين—يتضح محلياً وعالمياً أن حركات "إسلامية" مثل حركة الإخوان المسلمين تتحكم سياسياً في المنطقة، وتحصل إسرائيل بمساعدة الإعلام الغربي أخيراً على السبب الذي يبحثون عنه منذ فترة لشن حرب تكنولوجية جبارة على كل من يحيطهم من الدول، نفس الدول التي تم تدميرها واستنفاذها اقتصادياً وإرباكها سياسياً وإضعافها عسكرياً عن طريق هذه الثورات،...ونعم، قد تكون هناك عيون جالوت، ولكن قبل أن تأخذ الدول العربية نَفَسَها من الثورات وتستعيد قوتها! الجميع يعلم اليوم أن اقتصاد الدول التي ثارت انهار، والخراب والدمار عم في كل أنحاء البلاد، والخسائر قد تقدر بالمليارات أو أكثر، والجميع يقول أن كله في سبيل "الحرية" يهون، وأننا سنستعيد قوتنا بعد أن نتخلص من النظام الفاسد الذي كان يسرق البلد ويبيع في مصر مثلاً الغاز الطبيعي لإسرائيل بأبخس الثمن فيخسر البلد المليارات، وكله كلام جميل، ولكن هل تظنون أن إسرائيل ستدع لكم مجال إعادة بناء الاقتصاد؟ كم سيأخذ منكم إعادة بناء مثل هذه الخسائر والمباني التي دمرت؟ ألن يأخذ شيء مثل هذا عدة أعوام، خاصة وأن اقتصادنا وصناعاتنا وقدراتنا لم تكن تتنافس حتى مع الصين من الأصل؟ ونعيد فنسأل: هل تظنون أن إسرائيل ستترك لنا الفرصة؟ خاصة وأن السودان بدأت ثورتها بالفعل، وسوريا واليمن في خلال أيام؟ ليت الأمر بالبساطة التي يتخيلها الجميع. اقتربت الساعة وانشق القمر، أيها العرب والمسلمون.
النصر ليس بالسرعة التي يتصورها الشاب المسلم البسيط. المهدي لم يظهر بعد، والجيش الآتي من ناحية خراسان لم يظهر بعد...والأهم، الأمة لم تستحق لا المهدي ولا النصر بعد...الأمة ثارت من أجل الحرية والديمقراطية وفصل الدين عن الدولة والشرف والعزة والكرامة والوطن وهكذا، ولم تثور من أجل الله أو إعلاء كلمته أو إقامة دينه. والأهم، الأمة لم تغير من نفسها وتعالج الفساد الموجود في معظم القلوب بعد. وبالتالي، الأمة لم تستحق أي عزة حقيقية بعد.
"نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله"—عمر بن الخطاب. بسم الله الرحمن الرحيم: "إن اللـه لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ۗ وإذا أراد اللـه بقوم سوءا فلا مرد له ۚ وما لهم من دونه من وال". 11 الرعد. صدق الله العظيم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق