الجمعة، يناير 14

هل فصل الدين عن الدولة هو الحل؟

تعليقاً على ما يقوله بعض الإخوة العرب عن أن فصل الدين عن الدولة هو الحل، أو العَلَمانية هي الحل، كتبت: مع احترامي لإخواني، ولكن قبل أن نقرر أن فصل الدين عن الدولة جيد، أياً كانت الأسباب—مثل المشايخ الفاسدين أو ما شابه، فيجب أن نثبت أولاً أن فصل الدين عن الدولة له نتائج إيجابية. وبناءً عليه، فهل عندنا أي دلائل أو شواهد أن فصل الدين عن الدولة، أو الفكر المعروف بالعَلَمانية، بفتح العين واللام لأنه فكر لا يمت للعِلْم بصلة وإنما للعالَم الذي نعيش فيه ومنه العَلَم، هل عندنا دلائل أن العَلَمانية أسلوب ناجح في إدارة وقيادة الدول؟

هل تسرع البعض وأشار إلى الدول الغربية؟ هل نجحت الديمقراطية في أمريكا مثلاً؟ إذا انخدع البعض بقوة أمريكا اليوم، فما يجهله الأغلبية العظمى من الناس هو أن أمريكا عليها ديون تقدر بأربعة عشر تريليون دولار، وتزيد ديونها بحوالي مليون دولار كل نصف دقيقة! واقتصادها وعملتها الدولار في طريقهما إلى الانهيار التام، والانتخابات هناك لا تزور كتزوير الانتخابات في بلادنا العربية، ولكن يتم إعانتها بأساليب علمية في الإعلام أو البروباجانْدا التي تغسل أمخاخ الشعب وتجعلهم يختارون الرئيس الدمّية الذي يريده علية القوم من أصحاب البنوك والشركات العملاقة، وكل هذا مدون في أبحاث الغربيين الذي ينقبون عن الفساد في بلادهم. أما عن البلاد الاسكندنافية مثلاً، فتكفي لنا الإحصائيات بنسب الطلاق والاكتئاب النفسي والانتحار، وتكفي شواهد التفكك العائلي وعدم احترام الآباء والأمهات، والشذوذ الجنسي الذي يؤدي إلى التفكك الأسري أكثر وقلة الإنجاب أكثر؛ والثقافة واللغة وهوية البلد نفسها تتآكل كل عام. كل هذا مبني على دراسات، ومن كان عنده الوقت والرغبة، فله أن يبحث ويتأكد بنفسه من كل هذا.

مما درسته، ومن حياتي في دول غربية، بما فيها أمريكا وإنجلترا وفنلندا (وهي بلدي الثانية التي ولدت فيها وهي بلد اسكندنافية)، أستطيع بثقة أن أؤكد لكم أن فصل الدين عن الدولة ليس الحل، بالذات لمعشر العرب. 

عمر بن الخطاب قالها منذ مئات السنين: نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإذا ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله. إن ما أخرجنا، كعرب، من حياة الخيام والإبل كبدو وعبيد وقبائل إلى العالم الخارجي، لنحكم نصفه لأكثر من أربعة عشر قرن، وهي أطول فترة مسجلة في التاريخ لثقافة أو حضارة واحدة تعيش في رخاء ونجاح، ما أخرجنا من حالنا ذلك إلى أن نحكم نصف العالم بالعدل ونخرج من بيننا العلماء كان إيماننا بالله وطاعتنا له، فقط لا غير.

ابحث عن الحل في الديمقراطية أو الرأسمالية أو الشيوعية أو الباذنجانية كما تشاء. تعلم الطب والهندسة والكيمياء والذرة كما تشاء. بدون طاعة وعبادة لله، وهذا لا دخل له بمشايخ النظام الحاكم أو الفضائيات، فأنت لا شيء ولن تغير في بلدك شيء. أنت لا شيء بدون الله، وهذا هو قدرك كعربي. وليس المقصود ترك العِلْم الدنيوي لإقامة الشعائر الدينية، بل الموازنة، فإن العمل عبادة طالما لم يؤثر على الفرائض؛ ولكن عندما نقول أن العمل عبادة، فهذا معناه أن نيتك من العمل ومن طلب العلم الدنيوي يصبح عبادة إن كانت هذه هي نيتك وهذا هو ما تريد أن تفعله من عملك أو مذاكرتك: أن تعبد الله وتطيعه وتعلي راية دينه. عندما تعلم وتوقن بذلك، ويوقن بذلك عدد كافي من إخوانك العرب حولك، وقتها يأتي فرج الله.

والمقصود...الحل هو الرجوع إلى الله، التمسك بحبل الله، وطاعة الله وحده في كل خطوة ولحظة في حياتِك.

تحديث:

قرأت مؤخراً مقالة تدافع عن العَلَمانية، وتؤكد أن لا علاقة لها بالإلحاد، وأنه لا يجب معاداة هذا الفكر بل فهمه بعقلانية. أيضاً لمحت المقالة إلى أن من يعادي العَلَمانية غالباً ينتمون إلى الفكر الإسلامي الأصولي، وكأن الأصولية فكر يجب النفور منه والعَلَمانية فكر يجب فهمه وتبنيه.

أولا، دعوني أتخلص من نقطة الأصولية هذه. أنا لست أصولياً ولا سلفياً ولا أنتمي إلى أي فكر أو حزب ديني أو سياسي محدد، على الإطلاق، وسأحاول أن أحتفظ بهذه الحالة حتى آخر يوم في حياتي؛ هويتي هي التوحيد بالله وحده لا شريك له، والإيمان برسله كلهم، محمد وعيسي وموسى وإبراهيم عليهم صلوات الله وسلامه، ومنهجي هو منهج الوحدانية الإبراهيمية السمحة والتي تركها لنا واضحة رسول الله، محمد صلى الله عليه وسلم. يعني أنا مسلم بسيط، وأحاول أن أتحرى الوسطية والاعتدال والصراط المستقيم قدر المستطاع. وبعد أن أخرجت هويتي الفكرية إلى النور، أقول أن الأصولية كلمة أيضاً يساء فهمها كثيراً، تماماً كما ذكر كاتب المقالة عن إساءة فهم كلمة العَلَمانية. الأصولية من الأصول، وجذرها الأصل؛ والسؤال هنا هو: ما هو العيب في اتباع أصول اللغة؟ أو أصول الفقه؟ أو أصول الفيزياء؟ كتاب الفيزياء الذي كنت أدرسه في مدرستي باللغة الإنجليزية كان اسمه: Fundamentals of Physics، أي أصول الفيزياء. فما هو العيب في أن تتمسك بأصول أي علم في الحياة، سواء علم ديني أو دنيوي؟ هل أجرم الأصولي الفيزيائي الذي يتمسك بأصول الفيزياء؟ إن لم يكن، فلماذا تعيب على الأصولي الفقهي أو الأصولي الإسلامي؟ سبحان الله، إن كان أصولياً، فهو يتمسك بأصول دينه، وهذا لا عيب فيه، بل هذا هو التدين الصالح، لأنك إن تركت أصول دينك، فماذا تبقى من دينك كي تتمسك به؟ سفاسف الأمور وسطحية الفكر؟؟

وبناءً عليه، فإن قلنا أن الأصولي الإسلامي، الذي يريد أن يتمسك بأصول دينه، وبالتالي لا يعطي السياسة والتشريع إلى الإنسان، بل إلى خالق الإنسان، كما أمره الخالق في كتبه السماوية كلها، عندما يعادي الفكر العَلَماني الذي يريد أن يضع السياسة والتشريع في يد الإنسان وقوانينه الوضعية، فهو لا يخطئ ولا يجرم ولا يتطرف. أبداً، بل إنه يتمسك بأصول دينه وبهويته وبأوامر الله سبحانه وتعالى.

وتريد أن تأتي أنت فتقول أن الفكر الأصولي يعادي الفكر العَلَماني الذي تدافع عنه، وكأن هذه المعاداة تشدد أو تطرف فكري؟ أبداً والله، بل إنّك، إن كنت تساند العَلَمانية، ومن معك ممن يُجَمِّلُونها لعامة الناس، تريدون أن تُخْرِجُوا الله من دائرة التشريع ووضع القوانين، وتضعوا مكانه حفنة من الرجال ممن لا نعرف نواياهم ولا هويتهم الحقيقية ولا أجندتهم ولا إنتمائاتهم؛ ومن حَكَّمَ غير الله فلا يصح له أن يدعي الإيمان بالله، لإن الإيمان بالله يتم إثباته بالفعل، لا بالقول، وليس المقصود التكفير—حاش الله، بل المقصود أن كل إنسان حر في اختيار أسلوب حياته ودينه، لكم دينكم ولي دين، ولكن لا تدعي أنك تؤمن بشيء وفي نفس الوقت لا تريد اتباعه. وأنت حرّ طالما لم تضرّ. ولكنك إن أصبحت تدعو إلى "فصل الدين عن الدولة"، و"إبعاد الإسلام عن القانون والسياسة"، ففي حقيقة الأمر هذا التعبير ما هو إلا وصف غير مباشر، كان نتيجة عملية تجميل لفظي للفعل الحقيقي الذي كان يجب أن يوصف، والفعل الحقيقي هو: أخذ أجزاء من الإسلام وترك أجزائه الكثيرة الأخرى، وهذا ما لا يرضي الله تعالى لأن الله أمرنا في كتابه الكريم أن ندخل في السِلْمِ—أي الإسلام—كافة، يعني كلّه. فلا يجوز ولا يصح أن نأخذ من الإسلام بعض الشعائر كالصلاة والصوم والحج، فيصبح الإسلام للمسجد وبعض حجرات المنزل فقط، ولا نأخذ من الإسلام تشريعاته وقوانينه السياسية والاقتصادية في إدارة الدولة، وبالتالي نكون معرضين إلى منع حجاب المرأة في المؤسسات الأكاديمية والحكومية، وتحليل المعاملات الربوية في البنوك، بل وفي نهاية المطاف قد نحلل بيع المجلات الإباحية وتوفير المواخير وبيوت الدعارة التجارية في الشوارع بحجة تنشيط السياحة وأننا نبيع الخدمات للأجانب وليس للمسلمين! وكل هذا يودي بالدولة إلى هوية لا تمت بأي صلة إلى هوية الإسلام.

إن الإسلام طريقة حياة وحكم قانوني وبيع وشراء وتعاملات مدنية ومعاملات اقتصادية، ليس فقط شعائر تعبدية. وأي شخص يقول شيئاً غير هذا فهو إما شخص يعادي الدين والإسلام سواء جهراً أو سراً، أو هو شخص جاهل صدق الشخص السابق، ولا يصح للمسلم الغيور على دينه أن يصدق كلامهم أو يسكت عليه، حتى وإن تشدقوا بألفاظ مثل "الله جل في علاه" أو "الرسول عليه أزكى الصلاة والسلام" أو "ديننا الحنيف". وتذكر دائماً أن هناك من المنافقين ممن استطاعوا أن يضعوا الودّ في قلب الرسول نفسه—صلى الله عليه وسلم، حتى أنزل الله فيهم آيات تكشفهم على حقيقتهم، وقد قال الله سبحانه وتعالى فيهم: "ومن النّاسِ من يُعْجبُكَ قَوْلُهُ في الحياةِ الدنيا ويُشْهِدُ اللـهَ على ما في قلبهِ وهو ألَدُّ الخِصَام" (204) سورة البقرة.

فاحذر أخي المسلم والمسلمة من تصديق أي شخص يدّعي أن العَلَمَانية أو فصل الدين عن الدولة هو فكر مسالم ولا يعمل ضد الإسلام. كما ذكرت، هؤلاء الأفراد إما كارهون للإسلام وإما غسلت عقولهم فتقبلوا هذا الفِكْر من الغرب، والذي في أساسه بدأ كنتيجة لجرائم الكنائس الرومانية—والتي كانت لا تمت بصلة لتعاليم عيسى عليه السلام—في عصر ظلمات أوروبا، العصر الذهبي للأمة الإسلامية، حيث كان رجال الدين الفسدة في أوروبا آنذاك يحرقون العلماء بحجة كُفرهم. العَلَمانية كانت الابن الغير شرعي لاغتصاب الكنائس الرومانية للعِلْم الدنيوي وعلمائه. وإن نفع معهم هذا الفكر اليوم في الغرب فهو لن ينفعنا نحن كمسلمين، لأن ديننا، كما ذكرت سابقاً، ليس فقط شعائر تعبدية مثل الصلاة والصيام والذهاب إلى المسجد مرة في الأسبوع. بل إن ديننا يفرض على الرجال المسلمين أن يصلوا في المسجد خمسة مرات في اليوم الواحد، ليس مرة واحدة في الأسبوع! والإسلام له تشريعاته التي تتعلق، ليس بحياة الفرد المسلم فقط، بل بالتعاملات الأساسية في المجتمع المسلم كله، تشريعات اقتصادية وسياسية واجتماعية.

وبناءً عليه، فإنّ التخلي عن تلك الأجزاء القانونية من الدين وإبعاد الدولة عن تلك الأجزاء معناه تخلي الدولة، بحكومتها ودستورها، عن الإسلام تماماً، لأن الله لم يفرض الصلاة والصوم على دولة، بل فرض الصلاة والصوم على الفرد وفرض على الدولة إقامة القوانين التي وضعها الله للمجتمع المسلم. فإن أصبحت الدولة عَلَمانية تماماً، ولم تطيع الله بتطبيق قوانينه، فأين تكون هويتها المسلمة إذن؟ ماذا تفعل الدولة وقتها حتى نسميها دولة مسلمة ونسمي البلد بلد مسلمة؟ ولماذا لا تكون الدولة مسلمة إذا كان أكثر من 90% من سكانها مسلمين وكان أغلب هؤلاء المسلمون يحبون دينهم؟

وإن قال قائل أننا نتجنب أن تكون هوية الحكومة مسلمة لأن هناك أقليات، لقلنا أن الإسلام يفرض قوانيناً تحفظ حقوق الأقليات وغير المسلمين، ولا تُفَرِّق أبداً بين مسيحي ومسلم أو حتى كافر ومسلم عندما يتعلق الأمر بحقوق مدنية كمواطن.

إذن لا يوجد أي حجة على الإطلاق لأن تتخلى الدولة عن الإسلام كلية بهذه الطريقة، فتصبح دولة عَلَمانية.

وحتى لا يظن البعض من قليلي العلم أني أدعو إلى تطبيق تشريع قطع يد السارق ورجم الزاني الثيب وهكذا، وهي الأمثلة التي يعشقها كل من يكره الدين فيذكرها كلما أراد أن يبرر فصل الدين عن الدولة، إني أؤكد أن هذا لم يكن منهج الله في تقديم شرائعه للمجتمع المسلم وتربية هذا المجتمع عليها، ولم يكن هذا منهج الرسول عليه الصلاة والسلام في تطبيق تلك الشرائع. بل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فداه نفسي، من بُعِث رحمة للعالمين، له قصة معروفة بأنه أخذ يرد امرأة مسلمة جاءت تعترف بالزنا وهي ثيب، تارة حتى تضع ولدها—وكانت حاملاً، وتارة كي ترضع رضيعها، إلى آخر الرواية؛ أي أنه—عليه الصلاة والسلام—كان رؤوفاً ورحيماً بالناس أيما رحمة. وبعيداً عن الفقه وتفسير الحديث، أسأل كل شخص منصف: بالله عليك، لو أن هذه المرأة لم ترجع مرة واثنين وثلاثة تعترف بخطيئتها للرسول، هل كان الرسول عليه الصلاة والسلام سيسلط عليها رجال شرطة أو مخابرات كي يحضروها ليتم عقابها؟ أم أنه كان يردها وهو يتركها تماماً لقرارها هي سواء بعد شهر أو عام؟ ثم هناك قصة عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أوقف عقوبة قطع يد السارق مؤقتاً في وقت عانت فيه الأمة مما نسميه المجاعات. والشاهد من هذه الأمثلة وغيرها الكثير، ومن منهج الله في تقديم شرائعه للناس وتربيتهم عليها، ومن طريقة تطبيق الرسول صلى الله عليه وسلم وخلفائه لهذه الشرائع، الشاهد هو أن الإسلام دين رحمة، يفرض على الدولة أولاً توفير الحياة الآدمية والعادلة لشعبها، توفير العدل والأمان والوظائف والتعليم والإعلام، وحماية الناس من كل ظلم وفساد، قبل أن تبدأ في تطبيق أي عقوبات رادعة وما شابه.

هذا هو ما أعرفه عن الإسلام وعن منهجه. وبناءً عليه أعرف أنه لا يوجد أي خوف من تطبيق الإسلام من قبل الدولة، لأنه لا إكراه في الدين والدين نفسه دين رحمة، وإن من يستخدم الأمثلة الفاسدة من متنطعين ومتشددين، كي يخوف بسطاء الناس من الدين، شخص جاهل بحقيقة هذا الدين، أو كاره للإسلام—سواء أكان عالماً بحقيقته أم جاهلاً بها. والسبب في كراهية معظم هؤلاء العلية من القوم للإسلام هو نفس سبب كراهية فرعون لرسالة موسى عليه الصلاة والسلام، ونفس سبب كراهية الرومان والأحبار الفسدة من اليهود لرسالة عيسى عليه الصلاة والسلام، ونفس سبب كراهية سادة قريش لرسالة محمد عليه الصلاة والسلام؛ كل هؤلاء كرهوا رسالات التوحيد التي أتى بها الرسل لأنه كان واضحاً تماماً لهم من الرسالة أنها تجعل الناس أو الشعوب تطيع الله سبحانه وتعالى وحده بدلاً من طاعتهم هم، بجنودهم وحاشيتهم. رسالات التوحيد هذه تأخذ السلطة والحُكْم من شرذمة قليلة من علية القوم، والكثير منهم فسدة وجشعون، فتعطي الله وحده السلطة والحُكْم وتجعل القادة فقط راقبين على أمر الله، وهو ما لا تريده ولا تحبه هذه الشرذمة.

ولكل زمان ومكان شرذمة من علية القوم هؤلاء، سواء فراعنة مصر القديمة، أو الرومان، أو الأحبار الفسدة، أو سادة قريش، أو فراعنة مصر المعاصرة، أو فراعنة النظام العالمي الجديد، أو صهاينة روثتشايلد، أو الماسونيون، أو المتنوّرون؛ معظم هؤلاء يحبون المال حباً جماً، ومعظمهم متكبرون جبارون عنيدون. تآمر السابقون منهم ومكروا وكَذَبُوا وكَذَّبُوا وأضلوا، ويتآمر الحاضرون منهم فيمكرون ويَكْذِبُون ويُكَذِّبون ويُضِلُّون. وللأسف، هناك من الناس البسطاء، ومن المثقفين ممن طغت عليهم أهواؤهم وغلب عليهم حبهم للدنيا، ممن يسمع لهؤلاء الكاذبين المضللين، والكثير من كذبهم اليوم مزوّق ومنمّق، فيصدقونهم ويدعون دعوتهم، وهي ظاهرها الود وباطنها ألدّ الخصام والعداء لتوحيد الله والدين كله.

الاختصار هو أن تطبيق الإسلام بكلّيته يأخذ السلطة الحقيقية والحُكْم النهائي من الملوك والرؤساء والحكومات، فيعطيهما لله وحده. علية القوم يكرهون هذا، فيتآمرون ويخططون ويمكرون في كل مجال من مجالات الحياة، سواء العلوم البيولوجية أو العلوم الاجتماعية أو السياسية أو الرسائل الإعلامية أو المواد الترفيهية، كي يقنعون الشعوب بأن تطبيق دين الله في حياتنا بكلّيته هو شيء مخيف أو لا جدوى منه في العصر الحديث، ويقنعونهم تارة بالرأسمالية وتارة بالاشتراكية وتارة بالعَلَمَانية كمنهج أفضل في إدارة الدول ووضع القوانين. وعندما ينجحون في إقناع بعض الإعلاميين والمثقفين بهذه الأفكار، فإن مهمة توصيل هذه الأفكار للشعوب وإقناعهم بها تصبح وكأنها نجحت بالفعل. والهدف في أغلب الأحيان هو احتفاظهم بالقوة والسلطة والمال، وفي أحيان أخرى الهدف هو إشباع رغبات كُفْر صريح وعبادة ما دون الله تعالى، نتيجة لخلل أو مرض روحي أو نفسي في بعض هؤلاء الأفراد من علية القوم المتكبرين الجبارين العنيدين. نسأل الله أن يهدي بعضهم إلى التوحيد بالله على سنّة محمد صلى الله عليه وسلم، حتى تُهدى على أيديهم ملايين البشر.


ليست هناك تعليقات: