الأحد، فبراير 6

لمن يؤمن بوجود مؤامرة ضد مصر

إحنا في الفيديو ده متفقين يا صديقي. صح كده، فيه مؤامرة ضد مصر. لكن أنا نفسي برضو بأؤمن إن كل إنسان لازم يفكر كويس جداً قبل ما يصدق اللي بيتقالّه زي ما هوّه كده. شوف يا صديقي، كل مؤسسة تجارية أو حكومية أو عسكرية في العالم إنهارده بتمزج ما بين الحقائق والأكاذيب عشان تقنع الشعوب بأشياء محددة تخدم أجنداتهم. دايماً افتكر كده: الرسالة اللي بتسمعها فيه احتمال شبه مؤكد إنها حقائق ممزوجة بأكاذيب؛ لما كلنا نبتدي نسمع الأخبار ونقراها ونسمع الإشاعات فنمرر كل الكلام ده خلال مصفاة أو فلتر نحاول منه إننه نفصل الحقائق عن الأكاذيب، وقتها فعلاً تلاقي شعب واعي وفاهم إيه اللي بيحصل حوليه.

هل في مؤامرة ضد مصر وكل الشعوب العربية؟ أكيد، أنا مؤمن بذلك. هل المؤامرة دي من الخارج، من خارج الوطن العربي ومن أعدائنا المعروفين؟ أكيد، أنا برضو مؤمن بذلك. لكن إنهارده، دلوقتي، مش هوه ده وقت ترديد الكلام ده. ليه؟ لإن المؤامرة دلوقتي اتسلّمت لأيدي داخلية، وليست أيدي خارجية. الأيدي الخارجية كانت مهمتها بدء الثورة، والأيدي الداخلية مهمتها هي استغلال الثورة من أجل تدمير الوطن. أنا أصلاً كنت بأقول الكلام ده، عن وجود مؤامرة من كل الثورات دي، تونس ومصر وبقية الدول، لكن كنت باقول الكلام ده قبل 25 يناير. بعد 25 يناير، خلاص، الفاس وقعت في الراس وضحايا أبرياء ماتوا، والبلد عم فيها خراب في أغلب المدن، وحدث عدم الاستقرار بالفعل. وبالتالي، الوقت متأخر قوي قوي قوي إننا نقول بلاش ثورة يا ولاد. ممكن تبقى عايز تقولّي: أيوه، ناس ماتت وخربت، بس هل ده معناها نخربها أكتر؟ أردّ وأقول: لأ، طبعاً، لكن في نفس الوقت، مينفعش إنك تطلب من الشعب، بعد ما بالفعل مات مئات الأبرياء مع آلاف الجرحى، وبالفعل اتدمرت منشآت ومباني واقتصاد، مينفعش تطلب من الشعب إنه يرجع من مولد بلا حمص من الحكومة. حتقولي: لأ، بس حصل تغيير، الناس عايزه أكتر من كده إيه؟ حأقولك: أنا مش حأدخل في تفاصيل الموضوع ده، لإن فيه مقالات اتكتبت فيه بما فيه الكفاية توضح إننا كشعب مخدناش أي حاجة لسه، وإن كل الطلبات المهمة لم يُسْمع لها بعد، وانا مش بأتكلم عن إسقاط الرئيس لإن أنا أصلاً ضد فكرة إسقاط الرئيس، ليس حباً فيه ولكنها مسألة مبدأ ودين وكمان مظهر حضاري لبلدنا في تسليم سلمي للسلطة. لكن بعيداً عن نقطة إسقاط الرئيس، لسه مأخدناش أي حاجة من الطلبات المهمة: إلغاء قانون الطوارئ أو ضمان إلغائه بعد فترة قصيرة من انتهاء الثورة، وتعديل الدستور في المواد التي تضمن انتخابات نزيهة وهكذا...كل هذا لم يتم بعد بشهادة الخبراء القانونيين المساندين للثورة. وفي نفس الوقت، كما أنك لك الحق في تصديق أن من يقوم بأعمال التخريب والسرقة هم "عناصر" مندسة، ثم تلمح في تصريحات أخرى أن العناصر المزعومة تابعة للإخوان المسلمين، الجانب الآخر أيضاً له الحق في تصديق أن من يقوم بأعمال التخريب والسرقة ومهاجمة المتظاهرين هم بلطجية مأجورون من قبل النظام الحاكم، وعربجية مرتزقة، هاربون من السجون، و"عناصر" قيادية من البوليس السرّي. لك الحق في تكذيب هذا، وللطرف الآخر الحق أيضاً في تكذيب ما تصدقه أنت، وفي النهاية، توجد شواهد كثيرة في فيديوهات على يوتيوب وصور توضح أين الحقيقة لمن أراد أن يراها.

وفي نفس الوقت، المؤامرة دلوقتي مش مؤامرة أمريكا ولا إسرائيل ولا إيران ولا إخوان، ده كلام فارغ قوي قوي قوي، وعيب أصلاً إن مصري شريف يردده، لإن المؤامرة واضحة مين بيقوم بيها دلوقتي من مئات الفيديوهات على يوتيوب، بدون الرجوع لإشاعات. اللي بيحصل دلوقتي هوه إن النظام الحاكم بيماطل في تلبية طلبات الشعب عشان يدمر اقتصادنا وبلدنا أكتر، وده بأوامر أكيد من أمريكا وإسرائيل، ولكن أمريكا وإسرائيل غالباً لا يتدخلوا مباشرة الآن. هما فقط بيبعتوا أوامر بإيه التصريحات اللي تتقال، وإيه يتعمل وإيه ميتعملش. لكن النظام الحاكم دلوقتي هوّه اللي بيقوم بكل شيء مباشر في بقية المؤامرة: تخويف غير المتدينين من الإخوان المسلمين مع تحبيب المتدينين فيهم عشان يعتبروهم أبطال الثورة وبالتالي يجروا رجلهم أكتر للحكم والإخوان لم يسعوا إلى ذلك، والمماطلة في تلبية طلبات الشعب من أجل استنفاذ الدولة وتدميرها وإضعافها أكتر، والتفرقة في الرأي العام ما بين مؤيد ومعارض لإحداث بلبلة وتشتت فكري بين كوادر الشعب وشغلهم عن الانتهاء من الثورة في أقرب وقت ممكن...والهدف الأخير في اعتقادي هوه تسليم البلد للشعب بعد أن ينتهوا منها تماماً ويصبح من العسير للدولة الوقوف على رجلها في أقل من عامين، وفي نفس الوقت التركيز على جر رجل الإخوان أكثر سياسياً...وهذا حتى يُمَهّدوا إلى تحكم الأمم المتحدة أو بمعنى أدق النظام العالمي الجديد في المنطقة العربية والعالم أثناء عام 2012، مع إعطاء سبب لإسرائيل لاتخاذ خطوات عسكرية ضدنا قبل أن نقف على رجلنا كدولة، والحجة وقتها لهذا الهجوم العسكري تكون أن الإخوان المسلمين يتحكمون في الدولة، وقد تم تشويه سمعتهم دولياً بالفعل وحتى بين بعض أفراد الشعب من قليلي الوعي السياسي والمغسول مخهم لضمان قدرتهم على الحصول على عملاء ضد الإخوان والبلد بعد ذلك.

الحقيقة يا صديقي أحياناً تكمن في الظلام الدامس ما بين رأيك المشهور والرأي الآخر المشهور.



ليست هناك تعليقات: