الأربعاء، فبراير 2

هل نحن في زمان حثالة الناس؟

قرأت على صفحة أحد أصدقائي على فيسبوك الحديث التالي، والذي ينشره بعض الناس الآن بمناسبة الثورات الحالية والهرج الذي يحدث في شوارع بلادنا: "'إذا رأيتم الناس قد مرجت عهودهم، وخفت أماناتهم، وكانوا هكذا'، وشبك بين أصابعه، 'فالزم بيتك، واملك عليك لسانك، وخذ بما تعرفه، ودع ما تنكر، وعليك بأمر خاصة نفسك، ودع عنك أمر العامة.'"

بحثت أكثر في أمر هذا الحديث، وكتبت التالي كتعليق: أنا لم أكن مع الثورة، ولا أوافق على إسقاط أي رئيس أو حاكم بالقوة، ولكني أساند المطالبة بالحقوق والمجاهرة بإظهار الفساد بل والضغط على الحاكم أو الرئيس بإصلاح البلاد وإقامة العدل. وبناءً عليه أقول أني أتمنى أن يركز أهل هذه الثورة على قائمة طلباتهم فقط وبدون الخوض في الجزء الخاص بإسقاط الرئيس نفسه، لأنه إن أصلح الدستور واستأصل الفساد من البرلمان والوزارات واستعان ببعض القيادات المحبوبة للشعب في الحكومة والبرلمان الجديد، فالشعب سوف يهدأ.

وبعد توضيح هذا، أقول أن الحديث أعلاه لا علاقة له بما يحدث الآن، فهو لا يصح ذكره في هذه الأحوال. "مرجت عهودهم" أي فسدت وعودهم، فلم يفوا بها. "خفت أماناتهم" أي عم بينهم الغش والفساد، فلم يعد هناك أمانة. والمقصود هنا هو أنه إذا تفشى الفساد في قوم حتى أصبح هذا هو الحال في كل مكان في بلد ما، أي في كل شارع وركن ومبنى، فيجب على المسلم أن يلزم بيته وقتها ويملك عليه لسانه. وهذه أوقات لا نعيش فيها الآن، لأن الخير لا زال موجود والأمانة لا زالت موجودة، حتى وإن قلّت. وفي رواية أخرى لهذا الحديث، توضح الحالة المُشار إليها بطريقة أكثر تحديداً: "كيف بكم وبزمان أو يوشك أن يأتي زمان يغربل الناس فيه غربلة تبقى حثالة من الناس، قد مرجت عهودهم وأماناتهم، واختلفوا فكانوا هكذا..." إلى آخر الحديث. فكما هو واضح، الزمان المشار إليه هو زمان يغربل في الناس كلهم، فلا يبقى فيهم إلا "حثالة من الناس"، وكما أكدنا هذا ليس زماننا. لا زال يوجد الكثير من الشرفاء والكثير من الخير.

أليس كذلك؟ ما هو رأيك؟ وهل يمكنك أن تسأل إماماً تعرفه عن هذا الحديث وإذا ما كان زماننا هذا هو المشار إليه في الحديث؟ للعلم، الحديث صحيح، وصححه الألباني رحمه الله.

ليست هناك تعليقات: