ليت أهل العلم والفقه يستخدمون فقه الواقع ليقولوا قولاً فاصلاً اليوم في القومية، بالذات القومية المحلية، أو ما يسميها البعض ’وطنية‘ ليعطيها طابعاً حميداً. أعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام كانت أحب البلاد إليه مكة المكرمة، فقد يجد بعض العلماء حرجاً من أن يذموا الوطنية أو القومية، بحُجّة أنها حب للوطن، وأن حب الوطن شيء حميد. ولكن في نفس الوقت، إننا نرى اليوم الكثير من الشرّ يأتي من القومية أو الوطنية.
أي أن فقه الواقع قد يحتم علينا اتخاذ موقف مختلف اليوم مع القومية والوطنية؛ وأنا أكتب هذا كدعوة، لعل أحد الإخوة الذين يقرأون تعليقاتي يرسلها إلى شيخ أو عالم ما. إننا نرى الكثير من التفرقة بين المسلمين بسبب الوطنية أو القومية المحلية؛ فنرى بعض المصريين يزرعون البغضاء ضد الجزائريين (والعكس)، ونرى بعض المصريين يزرعون البغضاء ضد الإماراتيين أو الخليجيين بشكل عام (والعكس)، ونرى بعض السودانيين يزرعون البغضاء ضد المصريين (والعكس)، وهكذا؛ وهذا لا يرضي الله في شيء، ويضر بالمسلمين كثيراً، خاصة أننا في أمس الحاجة إلى الوحدة اليوم.
ثم في الحقبة الأخيرة، بالذات وقت الثورة وبعدها، وبعد انتشار التيار الإسلامي في الصفوف السياسية في مصر، أصبحنا نرى مسلمين يستعينون بالقومية والوطنية ضد الإخوان، ثم أصبحنا نرى مسلمين يستعينون بالقومية المصرية ضد الإسلام نفسه! مثلاً، لقد رأيت مؤخراً صورة تنشرها بعض المسلمات الليبراليات عبارة عن حشد من المنتقبات في نقاب أسود، ووسطهم امرأة فرعونية مكشوفة الكتفين والشعر، وعلى رأسها ما يدل على أنها فرعونية، وهي وحدها المرسومة بالألوان. الصورة ترسل رسائل عديدة للمشاهد الليبرالي، فالمرأة ترمز إلى مصر في ذهن المشاهد، وتريد أن ترسخ أصالة مصر وجمالها بألوانها، وحولها الكثير من النقاب (إقرأ: الإسلام) الأسود الرتيب الذي لا شخصية أو ميزة له! إن لم تكن القومية المصرية والقومية العربية شيء لا يجد فيه أكثر علمائنا حرجاً، للم نجد هذا الكم من الطعن الخفيّ والغير مباشر في الإسلام نفسه وفي تعاليمه ورموزه؛ والطعن يأتي من مصريين ومصريات يصرّون أنهم مسلمين! ولكن هيهات أن يحارب المسلم الحق الإسلام بما ينشر من فِكر هادم ومضلل.
اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد. فإن استطاع أحد القراء أن يمرر هذا الكلام لبعض العلماء، للعلم بالشيء، فجزاه الله خيراً.
—ياسين رُكَّه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق