الاثنين، يونيو 17

أنت رجل ثابت وصاحب مبدأ!

أحياناً يقول لي أحدهم—ما معناه—أنه يتعجب أن بالرغم من كم المعارضة وقلة التأييد في دائرتي الاجتماعية المباشرة، أني ما زلت ثابتاً على موقفي، وأنه يشعر أن بغض النظر عن التفاصيل، هو شيء جيد أن يكون الإنسان صاحب مبدأ وثابتاً على موقفه.

سمعت هذه الرسالة تقريباً ثلاث مرات حتى الآن. وهؤلاء المعارف على حق في نقطة، ولا أدري ما موقفهم من نقطة أخرى.

أما ما هم على حق فيه، فهو أنه بالفعل دائرتي الاجتماعية المباشرة فيها القليل من التأييد الصامت، وأقل القليل من التأييد السياسي التفاعلي، والأغلبية الساحقة من المعارضة والرفض والتعجب؛ تقريباً كل أصدقائي ومعارفي من السابق تعارض الإخوان، ويشاهدون تأييدي في صمت أو تعجب أو حنق؛ وتقريباً كلّ من يشجعني أو يوافقني اليوم هم أصدقاء ومعارف جدد قابلتهم خلال رحلتي السياسية في العامين السابقين! لك أن تتخيل كم الضغط النفسي والوحدة الاجتماعية التي يعنيها هذا، إلا من بعض الأهل الذين لا يعنيهم توجهي السياسي وهم يحبونني.

ولكن قد لا يكون هناك عجب في هذا، فقد كنت [في] النخبة قديماً ولم أكن [منهم]؛ درست في مدارس أجنبية وتخرجت في مدرسة أمريكية وعملت ممثلاً في الإعلانات التليفزيونية وبدأت طريقاً في السينما أيضاً، وكنت معظم الوقت أنظر حولي فأستغرب التفاهة والسطحية واللهث خلف سفاسف الأمور والمظاهر؛ ثم شاء الله أن أسلك طريقاً بعيداً عن كل هذا وخارج أرض الوطن كله؛ فنعم، أصدقاء ومعارف الماضي لا يأتي منهم أي تأييد سياسي اليوم.

أما النقطة التي لا أدري موقف القائلين منها فهي: ما الذي يقصدونه بالضبط بالثبات على الموقف وأني صاحب مبدأ؟ يعني مثلاً، هل لو جاء يوم ما وعارضت فيه الإخوان والحكومة تماماً، أكون وقتها مذبذباً وغير ثابت ولست صاحب مبدأ؟

ما هو الثبات المحمود، وما هو العِند والكِبر؟ ما الفرق، وكيف نعرف الفرق؟ أرجو أن يعرف معظم الناس الإجابة على هذا السؤال.

وما هو المبدأ هنا؟ هل المبدأ هو الإخوان أنفسهم أو أي حكومة تعلن المرجعية الإسلامية شفهياً؟ هل الإخوان عبارة عن مبدأ مثلاً؟ أم أن الحق هو المبدأ الوحيد الأحق أن يُتبع؟ أرجو أن يعي معظم الناس الإجابة على هذا السؤال أيضاً.

فنعم، أنا رجل ثابت على موقفي طالما هو موقف الحق؛ ونعم، أنا رجل صاحب مبدأ، ومبدئي هو الحق—أينما كان ومتى استطعت وعرفت الحق بثقة ويقين أو على الأقل قدر المستطاع بما هداني الله إليه. فطالما كان الحق مع الإخوان، فأنا مع الإخوان؛ وإن حاد الإخوان عن الحق ورأيت دلائلاً موضوعية عقلانية تقنعني بأن هذا حدث، فوقتها أكون معارضاً للإخوان وأنا ثابت على موقف الحق، مصاحباً لمبدأ الحق.

أرجو أن يعي معظم الناس هذه الأمور وهم يحكمون على الآخرين، بل وعلى أنفسهم قبل أن يحكموا على أي شخص آخر.

نثبت على الموقف، نعم، ولكنه ثبات على موقف الحق وإن غَيَّر الحق مكانه؛ نكون أصحاب مبدأ، نعم، ولكن يكون المبدأ هو الحق وإن غَيَّر الحق فريقه!

غَيِّر أي شيء، ولكن اثبت على الحق. ابحث عن الحق؛ فإن لم تجده، فابحث عن الحق؛ فإن لم تجده، فابحث عن الحق...أو مت على ذلك!

—ياسين رُكَّه

ليست هناك تعليقات: