المشكلة في جذورها وأصلها دائماً مشكلة جهل، جهل المتعلمين وخريجي المؤسسات الأكاديمية قبل جهل البسطاء؛ ثم مشكلة طغيان عاطفة على الرؤية العقلية، فيُعمِي القلب الأعمى العقل عن رؤية الأمر من منظور عقلاني موضوعي محايد. الجهل يؤدي إلى ضبابية فكرة مثل «المسئولية». الإنسان الجاهل لا يدرك أين تبدأ مسئوليته الشخصية، وأين تنتهي؛ أين تبدأ مسئولية رئيس الحيّ، وأين تنتهي؛ أين تبدأ مسئولية المحافظ، وأين تنتهي؛ أين تبدأ مسئولية رئيس الدولة، وأين تنتهي؛ الإنسان الجاهل عنده كل هؤلاء ’حكومة‘، المحافظ ورئيس الحيّ ورئيس الدولة؛ ولأن كلهم حكومة، فتقصير أحدهم هو تقصير للحكومة كلها. على وتيرة أن المرأة السويدية العارية تعني أن كل السويديات عاريات؛ وأن الشيعي الذي يضرب نفسه يعني أن كل الشيعة يضربون أنفسهم؛ وإلى آخره. والإنسان الذي أعمته العاطفة عن العقل والمنطق، يرى أن ’الحكومة‘ تساوي ’الإخوان‘. والإنسان الجاهل الفاشل الكسول يلخص كل هذا في شخص واحد، مثل رئيس الدولة، ويخرج نفسه تماماً من المعادلة والمسئولية؛ أو يعتبر أن قيامه بوظيفته كي يكسب المال هي مسئوليته وفقط، وبقية الدنيا كلها مسئولية هذا الشخص الواحد.
ومن الجهل العام تأتي ضبابية الكثير من الأمور والأفكار، فتصبح أشياء وأفكار لها تعريفات محدودة، مثل المسئولية، أمور جدلية قابلة للاختلاف عليها، كُلّ بحسب رأيه الشخصي، بدلاً من أن يكون الأمر متفق عليه وله تعريف محدد يرجع إليه المتعلم وطالب العلم.
عندما تكون الدائرة دائرة جهلاء بمؤهلات أكاديمية، فالساحة مفتوحة لأرخص سيناريوهات التضليل والتعتيم الإعلامي. جاهلان يتحدثان عن أمر يظنّان أنه محل جدل ولا تعريف له وراجع إلى الرأي الشخصي، فماذا تظن سيحدث عندما يسمع أحدهما أو كلاهما كلمة تؤيد رأيه الجاهل في الإعلام الموجه؟
والجهل نرى منه الجاهل بدينه يزعم أنه يعرف دينه جيداً. ونرى منه الجاهل في السياسة يعطي رأيه في السياسة والسياسيين. الجهل. الجهل فوضى وجاهلية. وهو تماماً ما نرى الكثير من الناس عليه اليوم...فوضى وجاهلية، وظلم في ثياب مسئولية.
—ياسين رُكَّه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق