الخميس، يوليو 18

من منا على حق؟

كيف يطمئن قلبك أنك على حق في هذه السنوات الخدّاعة؟ بطرق كثيرة، منها القراءة والتعلم من مصادر مختلفة—بل ومخالِفة لبعضها البعض، ثم التفكر؛ ومنها التحدث مع ممثلين لكل جانب والتعرف عليهم (والتحدث معهم لا يعني إلقاء الاتهامات عليهم ووضعهم في قفص المجرم كي يدافعوا عن أنفسهم)؛ ومنها أيضاً أن تلاحظ نوعية الأشخاص الذين يرددون اسطوانات محددة.

يعني مثلاً من ضمن ما لاحظته شخصياً هو أن الأغلبية العظمى من الناس التي تكره الإخوان والسلفيين اليوم، أصلاً لم يكونوا متدينين عندما عرفتهم أيام المدرسة والجامعة؛ واليوم الإناث فيهم غير محجبات وواضح كرههم للحجاب أو النقاب (وهذا يختلف عن التي تدرك أن الحجاب فرض فتحتشم إلى حد ما وتتمنى الهداية؛ ولا، الحجاب ليس المعيار الوحيد لتدين الأنثى ولكنه بالتأكيد أحد المعايير المهمة وهو عنوان الكتاب أو عنوان الجواب؛ وإذا كان الحجاب سطحي ولا داعي للاهتمام به، فالجلد سطحي ولا داعي لتنظيفه أو تجميله؛ هذه عينة من الحوارات مع الليبراليات)، والذكور فيهم واضح من اهتماماتهم اليوم أن الدين عندهم أقصى ما فيه صلاة الجمعة ’وكام فرض كده على ما قُسُم‘ كل حين وآخر؛ باختصار، ناس لم أعرف عنها الطيبة والصلاح، لا في الماضي ولا اليوم. هذه هي عينة الأغلبية العظمى من كارهي الإخوان ممن أعرفهم معرفة مُسبقة. على الجانب الآخر، الكثير ممن كنت أعرف عنهم الصلاح ورشاد العقل والثقافة أيام المدرسة والجامعة أجدهم اليوم من مؤيدي المشروع الإسلامي وبالتالي يقفون مع السياسيين ذوي المرجعية الإسلامية، سواء إخوان مسلمين أو غيرهم؛ هذا بالإضافة إلى أن معظم من عرفتهم في السنتين الأخيرتين، من الإخوان المسلمين أنفسهم ومن مؤيدي المشروع الإسلامي الذين لا ينتمون إلى أي أحزاب أو مدارس فِكرية إسلامية محددة، أكاديميون ومن الحاصلين على الدكتوراة وممن يجيدون على الأقل لغتين بطلاقة وممن يكتبون بلغة راقية تدل على الثقافة والخلفية الأكاديمية؛ باختصار، ناس محترمة. وعندما نتحدث في السياسة، نخاطب عقول بعضنا البعض، لا قلوب وعواطف بعضنا البعض؛ وبالتالي، لا تجد في حواراتنا مكاناً للكراهية أو الغضب أو السباب، بل هي حوارات عن الأحداث والشواهد والأدلة والمنطق والتاريخ والدين وكتاب الله وسنة رسوله (ص). وأجد أن العلاقات بين الأمور والأفكار في حواراتنا علاقات صحيّة منطقية وصحيحة، وليست علاقات مشبوهة أو عجيبة أو محيّرة من النوع الذي يجعلك تهتف: ’هُوَّ مال ده بده؟!‘ ما أكثر ما أجد نفسي في حاجة إلى أن أهتف بتلك العبارة مع الإخوانوفوبيين والليبراليين وأعداء المشروع الإسلامي عامة.

ونفس المقياس يمكن تطبيقه على المشاهير والإعلاميين. عندك مثلاً شخص مثل جابر القرموطي؛ اقرأ كلامه ولاحظ أنه اسطوانة مماثلة جداً للكثير من الببغاوات هنا على فيسبوك وبقية المواقع الاجتماعية. يقول جابر القرموطي: “إن اعتصام رابعة ليس اعتصامًا ولا يوصف بأي كلمة غير كلمة "مبيت دائم" ومبيت "غير صحي". ونفى أن يكون عددهم ٢ مليون، وتساءل: لو كلامهم صحيح أحب أسألهم، بيستخدموا "الحمام" إزاي وفين؟ وطالب القرموطي بضرورة أن يكون هناك عقلاء يتوسطون لفض "مبيت" رابعة الذي لن يدوم إلى ما لا نهاية. ووصف القرموطي ما يحدث من الإخوان من عنف وفوضى بأنه سيزيد من الفجوة بينه وبين الشارع، وأضاف: الشطارة ليست منصة وعلم وميكرفون وصوت عالي، بل رجل الشارع هو الذي يقول رأيه وليسوا هتيفة الميدان. واستطرد القرموطي: "ارحمونا! ليس بالكحك والبسكويت تحل الأمور، والعنف ليس المخرج الآمن لكم."”

أليس هذا المزيج من الكذب الوقح والسفاهة المنمقة يكاد يكون صورة طبق الأصل من اسطوانات بعض معارفنا اليوم في مصر، سواء من الأهل أو زملاء الدراسة والعمل أو مغيبين يكتبون تعليقات على المواقع الاجتماعية؟

ثم شاهد مشاعر جابر القرموطي تجاه الرئيس السابق محمد حُسني مبارك:
http://www.youtube.com/watch?v=EYSE_OCoe8A

وهذا العذر البائس لإعلامي هو مجرد مثال من أمثلة أخرى كثيرة يتعلم ويتلقّن منها الببغاوات والمغيبون الأعذار المثيرة للشفقة لما هُم عليه من لا فِكر ولا وعي ولا منطقية. ماذا ننتظر من مساكين يأخذون الثقافة والمنطق من باسم يوسف ويتعلمون التاريخ الإسلامي من إبراهيم عيسى ويتذوقون الحكمة من توفيق عكاشة؟

شكراً لهذه العيّنات من أشباه البشر...يمكن لبعضنا الاطمئنان على فِكره أحياناً.

—ياسين رُكَّه

ليست هناك تعليقات: