لكي تفهم الكثير من المناورات السياسية، والكثير من الهجوم الإعلامي وغسيل المخ البروباجاندي والهجوم الإرهابي (وأكثر الإرهاب يأتي من وكالات المخابرات)، تذكر كلمة واحدة: القانون.
أو الدستور.
نعم، المال يحرك الكثير من الأمور في العالم؛ أو كما يقول الغربيون، المال يجعل العالم يدور. ولكن، حتى المال نفسه لا يمكن أن يحرك أي أمر عام بدون قانون يبيح ذلك!
فالصراع كله وأصله، في جذوره العميقة، هو صراع بين قانون إلهي وقانون وضعي؛ أو بمعنى أدق، بين أهل القانون الإلهي وأهل القانون الوضعي. لسه مش فاهم؟ طب لو قلت ’دستور‘ بدل قانون، الفكرة قرّبت كده شوية؟
وأزيد: أهل القانون الإلهي في مصر اليوم مثلاً هم أهل الشريعة الإسلامية (الشريعة هي الكلمة التي نصف بها منظومة قواعد القانون الإسلامي، كما أن الدستور هي الكلمة التي نصف بها منظومة قواعد القانون الوضعي، أي الذي وضعه إنسان مثلي ومثلك)، وأهل الشريعة الإسلامية يعني خبراء القانون الإسلامي والبسطاء ممن يؤيدون الشريعة الإسلامية؛ وعلى الجانب الآخر، أهل القانون الوضعي في مصر اليوم مثلاً هم أهل العالمانية والليبرالية (والكثير منهم يظنون أنك يمكنك أن تكون مسلماً ليبرالياً، وهذا شيء مضحك لمن فقه الألف من كُوز الذرة في الإسلام بكليته)، وأهل العالمانية يعني خبراء القانون الوضعي (وأحياناً هؤلاء ’الخبراء‘ هم أنفسهم من اخترعوا وصاغوا ووضعوا هذا القانون من أصله!)، ومعهم البسطاء (أو الجهلاء) ممن يؤيدون الدستور الوضعي أو الدستور العالماني أو الليبرالي أو الدستور الإنساني عامة.
ولكل إنسان فطن وعنده بعض الذكاء، إن رجعت بذاكرتك إلى الأحداث التي تلت الثورة المصرية في ٢٥ يناير، وإن استطعت أن تتذكر الكثير من التصريحات والأحداث والإعلانات التليفزيونية وتعليقات الشخصيات السياسية (سواء العميلة أو غيرها) وتعليقات الفنانين والنشطاء و...و... إن رجعت بذاكرتك وتذكرت ما يكفي من الأحداث، لازداد يقينك بهذه الفكرة الجذرية الجوهرية...السر كله في الدستور!
أهل الباطل قد يرضون بالكثير من القوة لدين الله، بل قد يعطون السياسيين ذوي المرجعية الإسلامية مليارات من المال ويستسلمون للمسلمين المتدينين في الكثير والكثير من الأمور، ويعطونهم كل شيء ممكن، إلا القانون! إلا دستور إسلامي. إلا...’السلطان‘ (وهي الكلمة التي استخدمها عثمان بن عفان رضي الله عنه في مقولته الشهيرة: إن الله يزع بالسلطان...).
أهل الباطل قد يعطونك أي شيء، ولكنهم سيحاربون حتى آخر قطرة دم ممكنة كي يمنعونك من تحكيم الله على نفسك وعليهم! خذ مال الدنيا كله منهم، ولن يبالوا، طالما قانونهم هم الذي يحكم (لأنهم سيستردون منك هذا المال كله بمزيج من التكنولوجيا والبروباجاندا—أو الإعلام المُوجّه—والقانون الذي وضعوه هم أنفسهم)؛ طالما هم يحكمون بسلطانهم، ولا يحكم الله بشريعته...لن يبالوا بأي مكاسب تأخذها أيها المسلم.
تذكر هذه الكلمة: القانون. الدستور. تفهم الكثير من الأمور والأحداث والمناورات والمعارك السياسية والإرهاب. وتفهم سر القوة، وأعمق بذرة للحرب.
—ياسين رُكَّه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق