لم أشاهد فيلماً أو مسرحية عربية كاملة منذ سنوات عديدة، سوى فيلماً واحداً فقط، وهو «٦٧٨». منذ دقائق وأنا أشاهد بعض الفيديوهات الإخبارية على يوتيوب، وقعت عيني على فيديو لمسرحية ’طرائيعو‘ لمحمد هنيدي، فنقرت على الفيديو بفضول ووجدت أنه فيديو للمسرحية الكاملة.
تابعت ظهور الأسماء في البداية مع أغنية ورقص في الخلفية. وبدأت أشعر باستغراب متزايد وأنا أشاهد وأستمع لما يحدث؛ ما تراه عيني كان رقصاً يتشبه برقص الزار والدراويش المصري؛ كان فقط يتشبه به ولا يمثل رقص الدراويش الأصلي. وما تسمعه أذني كانت الكلمات التالية ’الله! الله! الله، الله، يا الله!‘. كل الراقصين على وجههم ابتسامة لا مبالاة وبهجة عريضة، وهم يرقصون مع الأغنية. وخرج ممثل وراقص بزي أراجوز أو زي مجنون بطرطور في مستشفى المجانين، فبدأ يجري في دوائر على المسرح كالأبله وبنفس الابتسامة العجيبة؛ بدأت أقلق بعض الشيء وأتوجس خيفة من التناقض ما بين كلمات الأغنية وما تسمعه أذني—من ذكر الله—على جانب، وما تراه عيني على الجانب الآخر. ثم استمرت الأغنية في الخلفية، بطريقة غناء أو أداء للأغنية لا يمت بأي صلة للدعاء والكلمات، يكاد يكون فيه بهجة: ’يا الله نجّينا، نجّينا وأرؤف بينا، واهدينا للسكينة. نجينا من دار الزور، وانصفنا في دار النور. وابعد عنّا ال [...]، يا مغيث، يا مغيث.’ وعندما خرجت عدة راقصات مباشرة بعد هذه الكلمات، وهن يرتدين زي الرقص البلدي المصري، والذي يذكر المرء بكلمة الكاسيات العاريات...وصلت مشاعر التوجس والذهول عندي إلى درجة أني كدت أتقيأ! أقسم بالله أن بدني اقشعر وكدت أتقيّأ من فجور ما تراه عيني!
كيف وصل مستوى هؤلاء الناس إلى ربط مثل هذه الكلمات، دعاء مثل هذا، برقص على شاكلة ذلك، ويتبعه جمع من الكاسيات العاريات يهززن أجسادهن أمام الناس؟! كيف وصلوا إلى هذا؟ إني أكاد أجن من الذهول. لم أكن أعلم إطلاقاً أن بعض الفن في مصر وصل إلى هذا المستوى الذي كاد أن يكون كفراً وتجديفاً على الله واستهزاءاً به سبحانه وتعالى—أستغفر الله.
وقتها تذكرت الحديث الصحيح عن الرسول صلى الله عليه وسلم، والذي يستخدمه البعض لتحريم الآلات الموسيقية والعزف عليها، وأدركت المعنى الحتمي لكلمة ’معازف‘ التي تنبأ الرسول (ص) بأن أقواماً من أمته سوف يحللونها:
«ليشربن أناسٌ من أمتي الخمر، يسمّونها بغير اسمِها؛ ويُضرَب على رؤوسِهم بالمعازفِ والقينات، يخسف الله بهم الأرض، و يجعل منهم قردة وخنازير.»
الراوي: أبو مالك الأشعري | المحدث:السيوطي | المصدر: الجامع الصغير | الصفحة أو الرقم: ٧٧٠٦ | خلاصة حكم المحدث: صحيح
عندما رأيت هذا المشهد، أدركت معنى المعازف الذي كان يعنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم! لأنه حتى وإن كانت الموسيقى حراماً، يتعسّر عليّ أن أفهم لماذا يخسف الله الأرض بأناس يسمعون الموسيقى بدون شرب خمر وفي حالة ليس بها حرام متفق عليه؛ ولكن عندما تصبح ’المعازف‘ على هذا الشكل، يذكر في أغانيها اسم الله، بل وتردد فيها الأدعية إلى الله، وتخرج الراقصات فيها ليرقصن أمام الجموع الحاضرة، فنعم، أتفهم تماماً لماذا قد يخسف الله الأرض بمثل هؤلاء ويمسخهم قردة وخنازيراً!
وإذا كان غياب العقل والكفر والاستخفاف باسم الله وصل إلى هذا الحد في بعض الفن المصري، وإذا كان هذا النوع من الفن له شعبية أيضاً، فلا اندهاش من حال بعض المصريين اليوم الذين يكرهون الإسلام السياسي في نفس الوقت الذي يرددون فيه كلمات مثل ’حسبي الله ونعم الوكيل في الإخوان‘. هؤلاء الحاضرون، هؤلاء المشاهدون، هذه الجماهير هي من تصدع رؤوسنا يومياً بكلمة ’حسبي الله ونعم الوكيل فيكم يا متأسلمين‘؟! هم يظنون أنهم على شيء؛ يظنون أنهم مسلمين معتدلين؛ ولكن بعضهم قد يكون في طريقه إلى خسف الأرض به ومسخه قرداً أو خنزيراً...من هول وفجور ما يفعله ويقوله!
أسأل الله أن يحسن خواتيم من كان في قلبه خير، ولا زالت فطرته بها بعض السلامة.
—ياسين ركه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق