كلما ظن الإنسان أن العالم بسيط، كلما دل ذلك على قلة علم، وأحياناً للأسف جهل صريح بحقيقة الدنيا والعالم. هناك فرق بين التبسيط والبساطة؛ نعم، التبسيط جميل وعلينا تبسيط الأمور للناس، ولكن الدنيا نفسها، الكون أو العالم نفسه ليس بسيطاً على الإطلاق، وإلا لكان من السهل على الملحد أن يجد الدلائل العلمية على وجود الله بدون تفكير كثير.
هل تخيلت أبداً من قبل أن كل شيء تفعله في الدنيا له تأثير ما؟ كل نظرة، كل خطرة، كل كلمة تنطق بها، كل حرف تكتبه، كل صورة تنشرها، كل نقرة بإصبعك على فأرة الحاسب الآلي كي تقول أن هذا "أعجبني"، لها تأثير لا يخطر لك على بال؟ هل تتخيل أن كل ذرة يتغير مكانها في الكون على يدك لها تأثير ما، وأن أحياناً هذا التأثير يمضي في سلسلة ردود أفعال فينتهي بتأثير عملاق لم تكن أبداً لتتخيله عندما نقرت النقرة أو كتبت الحرف؟ ولم لا؟ أليست القنبلة النووية التي قد تدمر مدينة كاملة فقط في حجم الثلاجة أو أصغر؟ ولكن تأثيرها يمضي في سلسلة ردود أفعال ذرية تدمر أحياءاً كاملة في طريقها.
ألا تصدقني؟ دعك مني، أتصدق الله ورسوله بدلاً مني؟ اقرأ التالي: ’وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَـٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا‘—﴿الكهف: ٤٩﴾؛ ما يطبق على المجرمين سيطبق عليّ وعليك أيضاً لأن الله هو العَدْل. "إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يلقي لها بالا، يرفع الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يلقي لها بالا، يهوي بها في جهنم"—صحيح البخاري.
فكر قبل أن تنقر النقرة، فكر قبل أن تنشر الصورة، فكر قبل أن تنطق الكلمة، فكر قبل أن تكتب الحرف. فَكّر. ودع ما يحك في صدرك أو ما يريبك أو ما لا يوافق أهدافك المستقبلية.
ومرة أخرى، دعك مني—إن رأيت أنني أعقّد الأمور، ودعك من الآيات والأحاديث إن لم تكن مسلماً أو لم تكن متديناً، فكر في نفسك وسمعتك وما يمكن أن يُقال عنك أنت. لا يضمن أي أحد منّا حياته، إن حدث لك شيء غداً وقبض الله روحك، إن متّ أنت غداً، ماذا تحب أن يقول الناس عنك؟ كيف ستكمل الناس هذه الجملة مثلاً عنك: ’آخر شيء نشره على فيسبوك كان...‘ كان ماذا؟ أي صورة ستكون آخر صورة تنشرها على الإنترنت؟ أي كلمة ستكون آخر كلمة تقولها لأصدقائك أو يقرأها لك الناس؟ ماذا ستكون خواتيم أعمالك؟ ماذا سيقول الناس عنك إن مُتّ غداً؟ فَكّر.
—ياسين رُكَّه
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق