الخميس، أغسطس 22

حلم الليبراليين في أربع مراحل نصفها وهمي!

القراءة الصوتية للمقالة

مرحلتان فقط في هذه الأربعة هما الحقيقة: حرية ديمقراطية، ثم فاشية دينية، ثم فاشية عسكرية، ثم حرية ليبرالية.

بعد الثورة المصرية، بالفعل جاءت مرحلة [حرية ديمقراطية]، والمفترض أن هذه المرحلة أنجبت [فاشية دينية] (نتيجة غير منطقية أصلاً)؛ تم التخلص من المرحلة الثانية بال [فاشية العسكرية]، وهذه حقيقة، لأن مؤيدي العسكر أنفسهم يؤمنون بوجوب استخدام القوة، ويبررون ذلك بحُجّة أن الفاشية الدينية المزعومة هي التي بدأت باستخدام القوة؛ والمفترض أن مرحلة الفاشية العسكرية ستنجب [حرية ليبرالية]! أو هذا ما يحلمون به.

بعض أهل النخبة في مصر، من أمثال البرادعي وباسم يوسف، يلقنون جماهيرهم اسطوانة التحذير من الوقوع في الفاشية الليبرالية بعد التخلص من الفاشية الدينية. هذه النخبة تظن نفسها عاقلة، وتلاميذهم وجماهيرهم يستمتعون بهذه العقلانية المزعومة.

ولكن المنطق والعقل والتاريخ يردون عليهم: المفترض أننا نصدق أن فاشية دينية أتت من انتخابات ديمقراطية واختيار حر، ونشعر بالرضا عن نزع هذه الفاشية الدينية المزعومة بالقوة. والمفترض أننا حالياً في مرحلة ليبرالية أو تهيأة لليبرالية، وقد تكون هذه الرؤية مستمدة من وجود بعض الليبراليين في الحكومة الحالية، والذين هم موظفون للعسكر في حقيقتهم، وليسوا ممثلين للشعب أو لاختيار الشعب. المفترض أن المرحلة الحالية، سواء اعتبرناها مرحلة ليبرالية مزعومة—حصلنا عليها بدون انتخابات أو اختيار حر—أو اعتبرناها مرحلة فاشية عسكرية، المفترض أنها ستنجب شيئاً غير الفاشية. المفترض أن حرية ليبرالية يمكن أن تأتي من مرحلتنا الحالية. المفترض أننا نصدق أن الاختيار الحر أدى إلى الفاشية، وأن القوة والإجبار سيؤديا إلى حرية.

والمفترض أن تحذيرات النخبة من عدم الوقوع في الفاشية الليبرالية تعبر عن صوت العقل! المفترض أن التحذير من هذه النتيجة...سينفع!

يا سادة، ما بني على باطل فهو باطل؛ قاعدة كونية لا تتغير. وبذرة القهر لا تُنبت حرية أو أحراراً. إن كنتم تظنون أن ليبراليتكم التي أتت بالفاشية العسكرية ستؤدي إلى حرية، فيا له من وهم أجوف. هيهات هيهات يا نخبة، ويا جماهير النخبة!

—ياسين ركه

شعب رداح بالتلقين!

القراءة الصوتية للمقالة

هُوَّ الصوت العالي والردح العوالمي والجعجعة والتهزيء العَلَني من المذيعين المصريين على التليفزيون أمام الشعب كله ده المفروض إنه يكون ’إعلام‘؟ المفروض دي برامج تليفزيونية؟ والشعب قاعد بيتعلم إزاي ينقد وإزاي يرفض وإزاي يتكلم من المذيعين دُول؟ هُوَّ ده مصدر تلقين شعبنا وأطفالنا ومراهقينا والبسطاء وكمان المتعلّمين أنفسهم بحُكم العادة والتعود و’أُلفة‘ القبح والإثم والإسفاف؟ تخيّل لما المواطن المصري، سواء متعلم أو غير متعلم، ’يألف‘ الإسفاف والجعجعة والصوت العالي في النقد والرفض! عارف يعني إيه أُلْفِة القبح؟ إنك تألف القبح وتاخد عليه وياخد عليك؟ إلى إنه يصبح ده...العادي؟!!

الناس دي لو مكنش فيه جمهور ليها بيفتح التليفزيون ويبعت كل واحد فيهم الإشارة (السِجْنال) إن مُشاهد آخر عمل اتصال أو صلة ما بين جهازه في البيت والبث التليفزيوني من البرج، لو مفيش جمهور بيفتح ويتفرج ويزوّد شهرة البرنامج، لا يمكن كان البرنامج يستمر. اللوم مش على المذيعين واللي مشغلينهم فقط، وإنما اللوم على مئات الآلاف أو الملايين اللي بيتفرجوا.

محدش يقول لي إحنا شعب ’متدين‘ بالفطرة...إحنا شعب تافه بالفطرة، شعب سفيه بالفطرة، شعب جعجاع وحلانجي وفهلوي ورَدَّاح بالفطرة! في الحقيقة...الجنس البشري كله، سواء عرب في قبائل بدوية بتدبّح في بعض عشوائياً بسبب وبدون سبب قبل ما يهذبهم الإسلام، أو قراصنة اسكندنافيين (فايْكِنْجْزْ) في قرى همجية بتعمل غارات على بعضها البعض وعلى جيرانها بسبب أو بدون سبب قبل ما تهذبهم المسيحية الأصيلة قبل ظهور الإسلام، الجنس البشري كله...همجي ودموي بالفطرة، لولا رسل الله ورسائل الله له—الجنس البشري. وإن لم يكن شعبٌ ما دموياً لأن القوانين تمنعه، فهو مريض لا محالة بدون الله (ولنا في اسكندنافيا اليوم عبرة وأنا منهم).

لكن غالباً، تكرار كلمة ’بالفطرة‘ هنا غلط ولا يجوز؛ غالباً، أنا غلطان إني أكرر الكلمة في هذا السياق. أعتذر؛ مش للشعب ولا للجنس البشري، وإنما أعتذر لله سبحانه وتعالى. لأن اللهَ يقولُ في كتابهِ الكريم: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللَّـهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّـهِ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَـٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}—سورة الروم: ٣٠. يعني إحنا كجنس بشري لو لينا أي ميزة بالفطرة، فإحنا موحدين مؤمنين بالله وحده ومستسلمين ليه بالفطرة. إذن، فما هي المشكلة؟ ومن أين أتت كل هذه الدموية والهمجية؟ في فهمي، هي أتت بالتلقين. فكما أن ’كلُّ مولودٍ يُولَدُ على الفطرة، فأبواه يُهَوِّدانِه أو يُنَصِّرانِه‘، فكل مولودٍ بالتأكيد يولد على الفطرة السليمة، فأبواه ومعلمينه وإعلامه وحكومته وقنواته التليفزيونية ورموزه التاريخية يفقدونه إنسانيتَهُ ورفيعَ خلقِهِ وتحضرهِ وأدب حواره وكلامه. فقد نكون شعباً وجنساً بشرياً موحداً وإنسانياً بالفطرة، ولكننا نتحول إلى همج ورعاع وحيوانات بالتلقين والتعليم والتقليد من رموزنا الحاضرة، ومنهم مشاهير وإعلاميين همج ورعاع.

نعم، يا سادة، إننا شعبٌ…رَدَّاح بالتلقين.

—ياسين ركه