الأحد، يونيو 30

شتان بين الثورة والنجاسة

يحاول البعض أن يقارن بين ثورة قامت ضد نظام أخطبوطي ’كَوِّش‘ على السلطة لأكثر من ثلاثين عام، بل لأكثر من مائة عام—من أيام النظام الملكي، يحاول البعض أن يقارن تلك الثورة بامتداد نجس لها؛ امتداد قام ضد نظام يزعم البعض أنه أخطبوطي و’مكوّش‘ على السلطة لمدة...عامين؟ فحتى إن صح الزعم بأن الحكومة كلها إخوان والبرلمان كله إخوان—وهذه خزعبلات وسفاهة مغيّبين، حتى إن صح هذا الهراء، فهل هناك مقارنة بين ثورة على نظام حَكَم على الأقل لمدة ثلاثين عام من الفساد والطغيان والاعتقالات—وقد يكون حكم لمدة مائة عام من منظور النظام بدلاً من منظور شخصنة النظام، بنظام حكم لمدة عامين على الأكثر...بالكاد سنتين؟ وبناء عليه، فهل هناك أي مقارنة بين ثورة ٢٥ يناير والامتداد المُغتصَب والمُغتصِب النجس لها يوم ٣٠ يونيو؟؟

فعلاً يعني، من انتظر ثلاثين عاماً قبل أن ينبت له عامود فقري ويصبح عنده شجاعة، لا يستطيع أن ينتظر أربعة أعوام كي يغير النظام بالانتخاب؟ أم أنه استحلى الثورة والثورة حلوة ومُوضة؟ وهل كانت ثورة يناير رخيصة على الدماء والاقتصاد لدرجة أنه من السهل على البعض محاولة إعادة نفس السيناريو بسبب عامين؟ هل الثورة فعلاً رخيصة إلى هذه الدرجة عند البعض؟ نحاول أن نعيد إشعالها عشان الشارع ريحته وحشة والبلد لسه مش جنة الله في أرضه بعد سنتين؟

ما لكم، كيف تحكمون؟ والله إن كل ما يصيبكم هو مما كسبت أيديكم...ومن جهلكم.

—ياسين رُكَّه

الخميس، يونيو 27

سيقول لك الثوري

سيقول لك أنه يمارس حقه في المعارضة السلمية؛ رُدّ عليه: وهل المعارضة السلمية تُمارس هذه الأيام بقذف المولوتوف وعلى قصر الرئاسة؟

سيقول لك: لست أنا من يستخدم المولوتوف؛ رد عليه: إن كنت واقفاً بجانب البلطجي أو كان يحتمي البلطجي في نفس الزحام الذي تنتمي أنت إليه، فإما هو منكم أو أنت منهم؛ ولماذا قصر الرئاسة لمعارضتك السلمية، وليس ميدان التحرير رمز الثورة الشريفة؟

سيقول لك: لست ضد الإسلام، ولكن ضد الإخوان؛ رد عليه: فما هو الحزب الإسلامي أو المرشح الإسلامي الآخر الذي تؤيده إذن؟

سيقول لك: لا تزايد علينا، أنا مسلم أيضاً...

رد عليه: بأمارة إيه؟ بأمارة الشريعة الإسلامية التي تكرهها وتنعتها بالرجعية والتخلف؟ السُنّة النبوية التي تسخر منها؟ ثوب عفة المسلمة الذي تنظر إليه بتأفف واشمئزاز؟ مجهوداتك في إضعاف شوكة الإسلام على الساحة السياسية حتى لا تحكم قوانين الله؟ بأي أمارة أنت مسلم؟ بل أنت إما جاهل بالإسلام لا تفقه شيئاً أو أنت كاذب منافق...أو أنك كلاهما.

{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ}—المنافقون: ٣.

{لَأَنتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِم مِّنَ اللَّـهِ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَفْقَهُونَ}—الحشر: ١٣.

{وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَـٰذِهِ مِنْ عِندِ اللَّـهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَـٰذِهِ مِنْ عِندِكَ قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّـهِ فَمَالِ هَـٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا}—النساء: ٧٨.

—ياسين رُكَّه

الاثنين، يونيو 17

أنت رجل ثابت وصاحب مبدأ!

أحياناً يقول لي أحدهم—ما معناه—أنه يتعجب أن بالرغم من كم المعارضة وقلة التأييد في دائرتي الاجتماعية المباشرة، أني ما زلت ثابتاً على موقفي، وأنه يشعر أن بغض النظر عن التفاصيل، هو شيء جيد أن يكون الإنسان صاحب مبدأ وثابتاً على موقفه.

سمعت هذه الرسالة تقريباً ثلاث مرات حتى الآن. وهؤلاء المعارف على حق في نقطة، ولا أدري ما موقفهم من نقطة أخرى.

أما ما هم على حق فيه، فهو أنه بالفعل دائرتي الاجتماعية المباشرة فيها القليل من التأييد الصامت، وأقل القليل من التأييد السياسي التفاعلي، والأغلبية الساحقة من المعارضة والرفض والتعجب؛ تقريباً كل أصدقائي ومعارفي من السابق تعارض الإخوان، ويشاهدون تأييدي في صمت أو تعجب أو حنق؛ وتقريباً كلّ من يشجعني أو يوافقني اليوم هم أصدقاء ومعارف جدد قابلتهم خلال رحلتي السياسية في العامين السابقين! لك أن تتخيل كم الضغط النفسي والوحدة الاجتماعية التي يعنيها هذا، إلا من بعض الأهل الذين لا يعنيهم توجهي السياسي وهم يحبونني.

ولكن قد لا يكون هناك عجب في هذا، فقد كنت [في] النخبة قديماً ولم أكن [منهم]؛ درست في مدارس أجنبية وتخرجت في مدرسة أمريكية وعملت ممثلاً في الإعلانات التليفزيونية وبدأت طريقاً في السينما أيضاً، وكنت معظم الوقت أنظر حولي فأستغرب التفاهة والسطحية واللهث خلف سفاسف الأمور والمظاهر؛ ثم شاء الله أن أسلك طريقاً بعيداً عن كل هذا وخارج أرض الوطن كله؛ فنعم، أصدقاء ومعارف الماضي لا يأتي منهم أي تأييد سياسي اليوم.

أما النقطة التي لا أدري موقف القائلين منها فهي: ما الذي يقصدونه بالضبط بالثبات على الموقف وأني صاحب مبدأ؟ يعني مثلاً، هل لو جاء يوم ما وعارضت فيه الإخوان والحكومة تماماً، أكون وقتها مذبذباً وغير ثابت ولست صاحب مبدأ؟

ما هو الثبات المحمود، وما هو العِند والكِبر؟ ما الفرق، وكيف نعرف الفرق؟ أرجو أن يعرف معظم الناس الإجابة على هذا السؤال.

وما هو المبدأ هنا؟ هل المبدأ هو الإخوان أنفسهم أو أي حكومة تعلن المرجعية الإسلامية شفهياً؟ هل الإخوان عبارة عن مبدأ مثلاً؟ أم أن الحق هو المبدأ الوحيد الأحق أن يُتبع؟ أرجو أن يعي معظم الناس الإجابة على هذا السؤال أيضاً.

فنعم، أنا رجل ثابت على موقفي طالما هو موقف الحق؛ ونعم، أنا رجل صاحب مبدأ، ومبدئي هو الحق—أينما كان ومتى استطعت وعرفت الحق بثقة ويقين أو على الأقل قدر المستطاع بما هداني الله إليه. فطالما كان الحق مع الإخوان، فأنا مع الإخوان؛ وإن حاد الإخوان عن الحق ورأيت دلائلاً موضوعية عقلانية تقنعني بأن هذا حدث، فوقتها أكون معارضاً للإخوان وأنا ثابت على موقف الحق، مصاحباً لمبدأ الحق.

أرجو أن يعي معظم الناس هذه الأمور وهم يحكمون على الآخرين، بل وعلى أنفسهم قبل أن يحكموا على أي شخص آخر.

نثبت على الموقف، نعم، ولكنه ثبات على موقف الحق وإن غَيَّر الحق مكانه؛ نكون أصحاب مبدأ، نعم، ولكن يكون المبدأ هو الحق وإن غَيَّر الحق فريقه!

غَيِّر أي شيء، ولكن اثبت على الحق. ابحث عن الحق؛ فإن لم تجده، فابحث عن الحق؛ فإن لم تجده، فابحث عن الحق...أو مت على ذلك!

—ياسين رُكَّه

أيخدعوننا أم يخدعون أنفسهم؟

يتشدقون بكلمة ’الاعتصام‘، وأبو اعتصام منهم بريء. يتشدقون بكلمة ’سِلْمِيَّة‘، والحاجّة سلمية منهم بريئة. لم يقل لي الإخوان أو إعلام الإخوان أو مرشدهم أو برنجانهم شيئاً عن هذا، بل رأيت بعيني. والله العظيم رأيت بعيني في عدة فيديوهات، المولوتوف والحجارة تُقذف قذفاً على أسوار قصر الرئاسة وتقذف داخله، ورأيته في أحداث غير الاتحادية؛ إن كان هذا ’اعتصامكم وسِلْمِيَّتكم وثورتكم وتظاهركم‘، فتباً لكم ولما تفعلون وما تدعون إليه وما تأفكون بألسنتكم الكاذبة وأقلامكم الآثمة؛ تبّاً لكم ثم تبّاً وسُحقاً.

فإن رأينا المولوتوف والحجارة في ’اعتصامكم السلمي‘ يوم ٣٠ يونيو تُقذف على أملاك الدولة ومباني الدولة الحساسة، وظللتم تتشدقون بالاعتصام والسلمية، فأسأل الله ألا يكون في حلقي كلاماً حينئذ، بل يكون بصاقاً؛ فأبصق ثم أسكت، لأني وقتها أكون بالفعل قلت ما عندي في جبروت هذا التمثيل والكذب الوقح.

من تبقى في عقله ذرة عقل، لأدرك أن التغيير يأتي بالصندوق الآن. فإن كانت المعارضة على حق وكانت فعلاً الأغلبية، وإن كانت محترمة أصلاً، لاستخدمت انتخابات البرلمان لتأتي بحزب أغلبية جديد يخفف الإدارة السلبية المزعومة للرئيس، ثم لاستخدمت انتخابات الرئاسة بعدها لتتخلص تماماً من بُعبُع الإخوان. ولكن...مفلس الفِكر لا يسعه سوى الكذب واستخدام الحيل اللغوية كي يغسل أمخاخ الناس، مثلاً بأن المولوتوف اعتصام سلمي؛ ومفلس العشيرة لا يسعه سوى استخدام القوة السلاحية والمؤامرات كي يفرض رأيه على الأغلبية. نخبة ليس معها سوى إفلاس...إفلاس فِكري وإفلاس تأييد؛ ولكن هناك جيل رضع وفُطِم على إعلام هذه النخبة، ثم نشأ كلٌ منهم كَتِرس في ماكينتهم العملاقة؛ ثم هناك جيل آبائهم الذي نشأ عليه لعشرات من السنوات. فقد لا يكون من العجيب أن يسمع لهم بعض من ضلّوا من أهل هذين الجيلين.

والطريف في الأمر أنهم يقولون علينا نحن مغسولي الأمخاخ وخرفان ونسمع لكلام المرشد أو لإعلام الإخوان (لمن ليس في الجماعة)! وأين هو إعلام الإخوان بالضبط من إعلام الإفك والدياثة، بأمواله ولمعانه وأضوائه وبغاياه وديّوثيه؟ أصلاً من الأشياء التي أنتقدها بشدة في الإخوان هي أدائهم الذي يُرثى له في مجال الإعلام—بل بدائيتهم في الإعلام!

النخبة والمعارضة يقولون علينا مغسولي الأمخاخ ومضحوك علينا، ونحن نقول عليهم مغسولي الأمخاخ ومضحوك عليهم؛ كان من الممكن أن أحتار في الأمر قليلاً وأحتاج إلى التفكّر وسؤال نفسي مثلاً: ماذا لو أنهم على حق؟ ولكن هذه المرة، الموضوع لا يحتاج إلى الكثير من التأمل، لأنني عندما أسأل نفسي—قبل أي شخص آخر: ما الذي [يُمْكِن] أن يغسل مُخي؟ أين هو الإعلام أو البروباجاندا التي يمكن أن تغسل مخي؟ أسأل نفسي ماذا يمكن أن يكون مصدر مثل هذه الخديعة والبرمجة العقلية واللغوية، فلا أجد أي إجابة أو أي اختيارات محتملة؛ لأن إعلام الإخوان يكاد يكون منعدماً من الأصل، أو يبدو كقزم مسكين بجانب عملاق، مقارنة بإعلام المعارضة والفلول والنخبة! أنا لا أشاهد تليفزيون من الأصل، وإن شاهدت أمثلة في الماضي، يمكنني بسهولة الحكم على الفرق الشاسع بين ميزانية وقدرات وخبرات وأضواء وجنود النخبة الإعلامية وكاريزميتهم على جانب، وهزالة وبؤس الإعلام الإخواني على الجانب الآخر. فإعلام الإخوان يكاد يكون منعدماً، وإن تواجد، فأنا أصلاً لا أتعاطاه على الإطلاق. فإما أني غسلت مخي بنفسي، وهذا لا أرى له مكاناً في المنطق أو الواقعية؛ وإما أني بالفعل فكرت وقارنت هذه الأمور بموضوعية.

وبعيداً عن الإخوان أو المعارضة أو السياسة كلها، إني أعلم أنه مبدئاً في الحياة وحقيقة باطنة أنه مهما كانت ظروف شعب ما سيئة، إن لم يكن هناك دلائل قاطعة على تورط طرف ما في هذه الظروف، إن لم يكن هناك علاقات مباشرة—لا جدل فيها—تربط الدلائل بطرف ما، فلا يمكن للعاقل المحايد المتفكر إلا أن يستنتج أن الناس ترى ما تريد أن تراه أغلب الأوقات، وأن الضيق والمشاكل في الحقيقة نابعة من داخلهم هم أنفسهم؛ والدليل القرآني على ذلك قاله الله تعالى لنا في كتابه الكريم: {ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّـهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّرًا نِّعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَىٰ قَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَأَنَّ اللَّـهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}—الأنفال: ٥٣، وقال تعالى: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّـهِ إِنَّ اللَّـهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّىٰ يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ وَإِذَا أَرَادَ اللَّـهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ وَمَا لَهُم مِّن دُونِهِ مِن وَالٍ}—الرعد: ١١.

فمن الذي يرى مشاكلاً ومساوءاً أكثر من حلولاً ومبشرات خير؟ ومن السبب في أي مشاكل في الوطن اليوم؟ الحكومة أم الأمن والشرطة أم الناس أنفسهم؟ أم أن لكل من هؤلاء دور في مشاكل محددة، وفي النهاية أكبر مسئول عن المشاعر السلبية هم الناس أنفسهم؟ من الذي يجب أن يتغير اليوم، الحكومة أم الناس؟

من المضحوك عليه هنا؟ من الخادع ومن المخدوع؟

{يُخَادِعُونَ اللَّـهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ}—البقرة: ٩.

—ياسين رُكَّه

الخميس، يونيو 13

أحمد وأحمد...والإسلام

سيكتب التاريخ أن في القرن الحادي عشر بعد ثورة ٢٥ يناير في مصر، أسس شخص اسمه أحمد حركة عَلَمانيون، وكتب هذا الشخص: ’وهنخش نردم دين أم المكعب الإسود منبع الشر!‘

وأن شخص آخر، اسمه أحمد أيضاً، قرأ خبراً عن إطلاق النار على مصلين مسلمين في مسجد، فكل ما كلف خاطره بكتابته على الخبر كان تعليقاً على رد فعل الإعلام الإخواني، حيث أن بعض المصلين كانوا من الإخوان، فكتب أحمد: ’واخدين بالكو من مصريين مسلمين دي؟ يعني المقصود انه لما مصري مسيحي يفرح فيهم طبيعي لأنه ندل و مش من الشلة بس تيجي منك انت يا مصري يا مسلم يا حبيبنا يا جزء من شلة هذا الوطن؟‘ وأمثلة أحمد كثيرة. دماء تزهق في مسجد، لمسلمين يصلون، وكل ما اهتم به أحمد هو تفسير جملة...بل تفسير إضافة كلمة ’مسلمين‘ في جملة ما في صياغة الخبر! لماذا؟ لأن من صاغ الخبر كان إعلام الحزب السياسي الذي يكرهه. لا يعنيه أن الحزب له ضحايا ومصابين بين المصلين المسلمين المُعتدَى عليهم في المسجد رمياً بالرصاص الخرطوشي! ربما يظن أنهم ليسوا مسلمين؟ فلا يستحقون الغضب على دمائهم ولا عزاء ولا احترام لهم؟ فيستخدم حتى هذا الخبر كي يكمل حربه الشخصية والقبلية على الحزب الذي يبغضه أيما بغض؟

أوُلدوا هؤلاء على الإسلام حقاً؟ وأي إسلام هذا الذي يتشدق به بعضهم اليوم؟ إن كان الإسلام النطق الشفهي لكلمة ’لا إله إلا الله‘ وتحريك البدن في ركعتين الصبح لا يتحرك خلالهما خلية مخ أو جزء من الروح، مكنش حد غلب من مشركي مكة، وكانوا ريحوا دماغهم وقالوا لا إله إلا الله عشان يخلصوا!

أفضل ما يمكنني تذكره هو حديث رسول الله صلى الله علي وسلم: «من رأى منكم منكرا فغيره بيده، فقد برئ؛ ومن لم يستطع أن يغيره بيده فغيره بلسانه، فقد برئ؛ ومن لم يستطع أن يغيره بلسانه فغيره بقلبه، فقد برئ، وذلك أضعف الإيمان.» الراوي:    أبو سعيد الخدري | المحدث: الألباني | المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 2302 | خلاصة حكم المحدث: صحيح.

وبناءً عليه، فأشهد الله أن هذه الناس ليست بريئة، وأنهم ليسوا حتى ضعيفي الإيمان، بل إن قلوبهم لم تعرف من الإيمان شيئاً، وإن قرءوا القرآن وخبطوا الأرض بجباههم واحتفظوا بأسماء مثل أحمد. إلا من تاب وأصلح قبل أن يتوفاه الله.

—ياسين رُكَّه

الأربعاء، يونيو 12

القبح والسخرية منه

تعليقاً على اختلاف الآراء حول السخرية من شكل المخلوق الذي يزعم البعض أنه ضرب أحمد المغير، وهو نفس المخلوق الذي يسب الشخصيات العامة أمام شاشات التليفزيون بأقذر الألفاظ، كتبت: هل كل قبيح نراه نقول عليه خلقة الله؟ قد يكون هذا أحياناً إهانة لله نفسه، والعياذ بالله. لأن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل يخلق الله قبيحاً من البشر؟ قد يظن الكثير من الناس أن الإجابة نعم، ولكني أدعوكم إلى إعادة النظر والقراءة بدقة متناهية. هل يخلق الله...يعني بداية المخلوق. يعني الرضيع نفسه. هل هناك رضيع قبيح؟ حتى وإن كان هناك تشوهات خلقية وما شابه، فلا يمكن أن نجزم أنها أتت لأن الله خلقها هكذا؛ مشيئة الله أدت إلى التشوهات، نعم، ولكن المشيئة جاءت بأسبابها، وهذه الأسباب قد يكون لها علاقة بعدد لا حصر له من الأمور التي تسبب فيها الإنسان، مثل تغذية الأم وتلوث البيئة والإشعاعات وإلى آخره.

يعني باختصار، لا أعتقد أن الله يخلق قبيحاً بين البشر؛ وإنما أخطاء البشر هي التي تؤدي إلى القبح. وأنا متأكد أن الله خلق هذه المرأة كرضيعة جميلة، ولكن القبح في داخلها وفي أخلاقها ودناءة روحها طغت على الجسد، فجعلت الجسد قبيحاً. هذا زيادة على اختياراتها الشخصية في كيفية استخدام جسدها (أو عدم استخدامه على الإطلاق!) وكم الأكل ونوع الأكل وإلى آخره. يعني يا إخوة إن الإنسان هو الذي يصنع القبح، وليس الله سبحانه وتعالى—تنزه عن ذلك؛ والإنسان أيضاً هو الذي يرى القبح قبحاً...أو لا يراه كذلك.

وكلمة أخيرة: بلاش كل إنسان كسلان أو فاشل أو شايف نفسه قبيح وشكله وحش، يقول هُوَّ ربنا خلقني كده. لا يا عزيزي، الله خلقك رضيع في منتهى الجمال؛ وإنما اختياراتك أنت في الحياة، أكلك أنت الغير صحي، إسرافك أنت، تدخينك أنت، إدمانك أنت، كسلك أنت، عدم استخدامك للبدن كما أراد الله للجسم أن يُستخدم؛ أنت أنت أنت. أنت من جعلت نفسك قبيحاً، في عينِك...وعين غيرك.

كلنا مسؤول عن نفسه، ولا تزر وازرة وزر أخرى، وما ربك بظلّام للعبيد.

—ياسين رُكَّه

الثلاثاء، يونيو 11

عندما تصبح الوطنية خنجراً آخر في ظهر الإسلام

ليت أهل العلم والفقه يستخدمون فقه الواقع ليقولوا قولاً فاصلاً اليوم في القومية، بالذات القومية المحلية، أو ما يسميها البعض ’وطنية‘ ليعطيها طابعاً حميداً. أعلم أن الرسول عليه الصلاة والسلام كانت أحب البلاد إليه مكة المكرمة، فقد يجد بعض العلماء حرجاً من أن يذموا الوطنية أو القومية، بحُجّة أنها حب للوطن، وأن حب الوطن شيء حميد. ولكن في نفس الوقت، إننا نرى اليوم الكثير من الشرّ يأتي من القومية أو الوطنية.

أي أن فقه الواقع قد يحتم علينا اتخاذ موقف مختلف اليوم مع القومية والوطنية؛ وأنا أكتب هذا كدعوة، لعل أحد الإخوة الذين يقرأون تعليقاتي يرسلها إلى شيخ أو عالم ما. إننا نرى الكثير من التفرقة بين المسلمين بسبب الوطنية أو القومية المحلية؛ فنرى بعض المصريين يزرعون البغضاء ضد الجزائريين (والعكس)، ونرى بعض المصريين يزرعون البغضاء ضد الإماراتيين أو الخليجيين بشكل عام (والعكس)، ونرى بعض السودانيين يزرعون البغضاء ضد المصريين (والعكس)، وهكذا؛ وهذا لا يرضي الله في شيء، ويضر بالمسلمين كثيراً، خاصة أننا في أمس الحاجة إلى الوحدة اليوم.

ثم في الحقبة الأخيرة، بالذات وقت الثورة وبعدها، وبعد انتشار التيار الإسلامي في الصفوف السياسية في مصر، أصبحنا نرى مسلمين يستعينون بالقومية والوطنية ضد الإخوان، ثم أصبحنا نرى مسلمين يستعينون بالقومية المصرية ضد الإسلام نفسه! مثلاً، لقد رأيت مؤخراً صورة تنشرها بعض المسلمات الليبراليات عبارة عن حشد من المنتقبات في نقاب أسود، ووسطهم امرأة فرعونية مكشوفة الكتفين والشعر، وعلى رأسها ما يدل على أنها فرعونية، وهي وحدها المرسومة بالألوان. الصورة ترسل رسائل عديدة للمشاهد الليبرالي، فالمرأة ترمز إلى مصر في ذهن المشاهد، وتريد أن ترسخ أصالة مصر وجمالها بألوانها، وحولها الكثير من النقاب (إقرأ: الإسلام) الأسود الرتيب الذي لا شخصية أو ميزة له! إن لم تكن القومية المصرية والقومية العربية شيء لا يجد فيه أكثر علمائنا حرجاً، للم نجد هذا الكم من الطعن الخفيّ والغير مباشر في الإسلام نفسه وفي تعاليمه ورموزه؛ والطعن يأتي من مصريين ومصريات يصرّون أنهم مسلمين! ولكن هيهات أن يحارب المسلم الحق الإسلام بما ينشر من فِكر هادم ومضلل.

اللهم إني قد بلغت، اللهم فاشهد. فإن استطاع أحد القراء أن يمرر هذا الكلام لبعض العلماء، للعلم بالشيء، فجزاه الله خيراً.

—ياسين رُكَّه

الثورة مرحلة أم أسلوب حياة؟

فيه ناس بيقولوا إن لو شفيق كان ماسك، مش مُرسي، وحصل سوء الإدارة ده في البلد، كنا أكيد لو بنحب مصر حننزل نعمل ثورة، مش نقول ندي لشفيق فرصته وننتظر لغاية نهاية مدته. الظاهر إن فيه ناس فاكرة إن الوطنية معناها إن الثورة تصبح أسلوب حياة، مش مرحلة! أي فِكر ده بالظبط؟؟ إياهم يكونوا فاكرين إن رئيس زي أوباما مثلاً بيصحى ثاني يوم بعد ما يمسك، يلاقي الخمسين في المِيّه اللي كانوا ضده فجأة أصبحوا بيؤيدوه والشعب كله مبسوط، وعشان كده مفيش ثورة في أمريكا؟ نص الشعب الأمريكي إنهارده غير راضي عن أداء أوباما وحكومته. حد شاف الشعب الأمريكي بيتكلم في ثورة وانقلابات وميليشيات واعتصامات وبرنجان مصري مخلل؟؟

الظاهر إن فيه بعض المصريين، أو الكثير منهم، استحلى الثورة، شافها موضة أو حاجة مسلية، وعايزها تبقى أسلوب حياة، مش شيء استثنائي مرحلي للتخلص من أكثر من ثلاثين سنة، بل مائة سنة من القمع والفساد ونهب الثروات. قولولهم إن تضحيات الثورات مش بالرخص ده...قولولهم ما يسترخصوش التضحيات بالأرواح والاقتصاد لدرجة إن الثورة تصبح عندهم أسلوب حياة.

أي بلد ديمقراطي محترم بينتظر لغاية انتهاء مدة الرئيس والحزب المنتخب. خليكم محترمين بقه الله لا يسيئكم، مش همج ورعاع بتوع صوت عالي وحدف طوب ليل نهار.

—ياسين رُكَّه

الجهل فوضى وجاهلية وظلم في ثياب مسئولية

المشكلة في جذورها وأصلها دائماً مشكلة جهل، جهل المتعلمين وخريجي المؤسسات الأكاديمية قبل جهل البسطاء؛ ثم مشكلة طغيان عاطفة على الرؤية العقلية، فيُعمِي القلب الأعمى العقل عن رؤية الأمر من منظور عقلاني موضوعي محايد. الجهل يؤدي إلى ضبابية فكرة مثل «المسئولية». الإنسان الجاهل لا يدرك أين تبدأ مسئوليته الشخصية، وأين تنتهي؛ أين تبدأ مسئولية رئيس الحيّ، وأين تنتهي؛ أين تبدأ مسئولية المحافظ، وأين تنتهي؛ أين تبدأ مسئولية رئيس الدولة، وأين تنتهي؛ الإنسان الجاهل عنده كل هؤلاء ’حكومة‘، المحافظ ورئيس الحيّ ورئيس الدولة؛ ولأن كلهم حكومة، فتقصير أحدهم هو تقصير للحكومة كلها. على وتيرة أن المرأة السويدية العارية تعني أن كل السويديات عاريات؛ وأن الشيعي الذي يضرب نفسه يعني أن كل الشيعة يضربون أنفسهم؛ وإلى آخره. والإنسان الذي أعمته العاطفة عن العقل والمنطق، يرى أن ’الحكومة‘ تساوي ’الإخوان‘. والإنسان الجاهل الفاشل الكسول يلخص كل هذا في شخص واحد، مثل رئيس الدولة، ويخرج نفسه تماماً من المعادلة والمسئولية؛ أو يعتبر أن قيامه بوظيفته كي يكسب المال هي مسئوليته وفقط، وبقية الدنيا كلها مسئولية هذا الشخص الواحد.

ومن الجهل العام تأتي ضبابية الكثير من الأمور والأفكار، فتصبح أشياء وأفكار لها تعريفات محدودة، مثل المسئولية، أمور جدلية قابلة للاختلاف عليها، كُلّ بحسب رأيه الشخصي، بدلاً من أن يكون الأمر متفق عليه وله تعريف محدد يرجع إليه المتعلم وطالب العلم.

عندما تكون الدائرة دائرة جهلاء بمؤهلات أكاديمية، فالساحة مفتوحة لأرخص سيناريوهات التضليل والتعتيم الإعلامي. جاهلان يتحدثان عن أمر يظنّان أنه محل جدل ولا تعريف له وراجع إلى الرأي الشخصي، فماذا تظن سيحدث عندما يسمع أحدهما أو كلاهما كلمة تؤيد رأيه الجاهل في الإعلام الموجه؟

والجهل نرى منه الجاهل بدينه يزعم أنه يعرف دينه جيداً. ونرى منه الجاهل في السياسة يعطي رأيه في السياسة والسياسيين. الجهل. الجهل فوضى وجاهلية. وهو تماماً ما نرى الكثير من الناس عليه اليوم...فوضى وجاهلية، وظلم في ثياب مسئولية.

—ياسين رُكَّه